Skip to main content

الأصحاح الثاني - عدد 10

الصفحة 9 من 20: عدد 10

فسقطت على وجهها وسجدت إلى الأرض وقالت له كيف وجدت نعمة في عينيك حتى تنظر إليَّ وأنا غريبة ( ع 10)

إن النفس البشرية صغيرة جداً عن أن تستوعب رحمة الله غير المتوقعة، مع أن ما يقدم من مراحم لا يقارن بتلك التي ذخرها الله ليؤتى بها إلينا. ومع ذلك فما أجمل أن نرى تقدير راعوث لصلاح بوعز بالمقابلة مع عدم استحقاقها. كان لمفيبوشث ذات هذا الشعور عندما وقف أمام داود، سليل بوعز، فقال «من هو عبدك حتى تلتفت إلى كلب ميت مثلي» (2صم 8:9). إن اتضاعاً كهذا هو النتيجة الحتمية لوجود النفس في محضر الرب. لقد وصف الرب أيوب بأنه «ليس مثله في كل الأرض، رجل كامل ومستقيم، يتقي الله ويحيد عن الشر» (أي 8:1) ولكن أيوب يقول «بسمع الأذن سمعت عنك والآن رأتك عيني. لذلك أرفض وأندم في التراب والرماد» (أي 5:42،6). وكيف نفتكر في أي شيء صالح فينا ونحن في محضر الرب، الذي يستحق السجود. فإن افتكرنا شيئاً في أنفسنا، أو دخل يوماً العُجب إلى قلوبنا، فإن ذلك مرده أننا في ذلك الوقت لم نكن نراه. فلا يمكن أن يجتمع الإعجاب بالذات مع محضر هذا الشخص المبارك. بل إن رحمته ونعمته هما اللتان تجعلان النفس تتضع في محضره فتهتف «كيف وجدت نعمة في عينيك؟».

إن نعمته غير المحدودة هي التي تقودني لأن أغني عن الرب يسوع «ابن الله الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي» (غل 20:2). ولكن كيف يتسنى لي أن أدرك ذلك طالما كنت أنظر إلى ذاتي؟ فليس شيء أجده فيها يدعو إلى هذه المحبة، بل على العكس، أستطيع أن أجد فيها الكثير مما ينفره ويجلب غضبه، ولكن إن حولت النظر إليه طالباً معرفته فسأدرك محبته ونعمته أكثر، وعندئذ فقط سأفهم لماذا أحبني ذلك الشخص العجيب حباً كهذا، حتى ارتفع بالصليب لأجلي، واحتمل عني دينونة الله القدوس الذي يكره الخطية. فكل ما فيه كامل وغير محدود، فهو ليس يحب فقط، بل هو المحبة ذاتها. وعندما أتأمله هكذا فكم يتعظم في عيني جداً، حتى أنني في مقابل ذلك أصغر جداً أمامه، حقاً إن نعمته ورحمته تجعلاني أتضع وأتصاغر.

عدد 11
  • عدد الزيارات: 34689