Skip to main content

الأصحاح الثاني - عدد 20

الصفحة 18 من 20: عدد 20

وقالت نعمي مبارك هو من الرب، لأنه لم يترك المعروف مع الأحياء والموتى. ثم قالت لها نعمي الرجل ذو قرابة لنا. هو ثاني ولينا ( ع 20)

رأت نعمي بوضوح يد الرب في أنه قاد راعوث لتتقابل مع بوعز، الذي قدم لها عوناً. وكانت نعمي هي التي قالت قبلاً في ص21:1،22 عن الرب القدير أنه أذلها وأمرَّها. لكنها الآن أدركت أن الرب يؤدبها ويدربها لكي يحسن إليها في آخرتها (تث 16:8).

كانبوعز هذا الذي أحسن إلى راعوث ذا قرابة لنعمي، ولم يكن ذا قرابة عادية، بل كان ولياً لها. والكلمة العبرية المترجمة هنا «وليّ» تعني أيضاً «فادي» وتترجم أيضاً "فداء" أو "يفك" أو "ولي الدم". وتتكرر هذه الكلمة في الأصحاحين الثالث والرابع مرات أخرى. ولكن الكلام يأتي تفصيلاً عن «الوليِّ» الفادي أو «ولي الدم» المنتقم في سفر اللاويين 25، وسفر العدد 35. وفي سفر التثنية ص25. وفي ترجمة داربي يشير في هذا العدد إلى عدد 25:25، مزمور 18:69 في الحاشية السفلية.

فإذا باع واحد ميراثه لأنه افتقر، فيكون للميراث فكاك، أي استعادة شراء. تماماً كما كان الإسرائيلي الذي يفتقر حتى يبيع نفسه عبداً، إذ يكون له فكاك أو فداء. ولكن يفديه من له الحق في ذلك فقط. وكان الذي يكون له حق الفداء أو الفكاك مسئولاً أيضاً عن أن يثأر لدم قريبه إذا قتله قاتل (عد 16:35-27). كما كان لزاماً عليه أن يأخذ امرأة قريبه الأقرب الذي مات بلا وارث، ليقيم اسم الميت على ميراثه. فالرب لم يكن يريد أن يُمحى اسم الميت، ولا أن يقع ميراثه في يد الغرباء. لذلك كان لابد أن يكون للفقير أو الميت «ولي»، هو أخوه، أو عمه، أو ابن عمه، أو أقرب الأقربين إليه، فيكون له "حق الفداء" أو "حق الفكاك" (لا 48:25 و49).

والرب يسوع هو فادي إسرائيل. فهو الذي سيفدي الميراث ويخلص إسرائيل، ويقيم نسلاً جديداً، ويحطم بالقضاء أعداء ومستهلكي شعبه. فإذا استبعدنا مسألة القضاء على الأعداء فإننا نجد كل ما عداها في أمر الولي ممثلاً في قصة راعوث وبوعز نبوياً.

على أن الرب هو ولينا وفادينا أيضاً. فنقرأ عنه في عبرانيين 14:2و15 كولي الدم لنا «فإذ تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضاً كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس، ويعتق أولئك الذين خوفاً من الموت كانوا جميعاً كل حياتهم تحت العبودية». وفي عبرانيين 10، 1بطرس 18:1-20 نقرأ عنه كالفادي الذي يدفع ثمن فدائنا. وفي أفسس 14:1، كولوسي 20:1 نرى فداء - أو فكاك - الميراث. أما في 1كورنثوس 45:15، رومية 12:5 فنجده كأخي الميت الذي يقيم له نسلاً وارثاً، يستطيع أن يرث ويمتلك ميراث الميت - آدم الأول - الذي مات بالذنوب والخطايا.

وأخيراً نقرأ عن الرب في رؤيا 2و3 كولي الكنيسة في فشلها وانحطاطها. لقد تركت الكنيسة محبتها الأولى، فافتقرت. باعت ميراثها، وذهبت وسكنت حيث كرسي الشيطان (رؤ 13:2). والآن لها اسم أنها حية، ولكنها ميتة (1:3). ولكن الفادي بوعز الحقيقي، الذي له مفتاح داود، يأتي ويفتح فلا أحد يغلق، ويغلق فلا أحد يفتح، يأتي إليها في وضعها كساردس التي بلغت الموت، ويقيم وارثاً جديداً، ويفتح باباً إلى الميراث، ويربط فيلادلفيا بنفسه وبكلمته. ولمجمع الشيطان يظهر نفسه "كولي الدم". هذا ما أعتقد أننا نراه رمزياً في قصة راعوث، وفي هذا أريد أن أحصر تأملاتي.

لقد سمعت نعمي عن حق الفكاك في الأيام القديمة، ولكنها لم تعلق عليه أي أهمية. ولو كانت قد فعلت ذلك لما توانت كل هذا الزمان دون أن تلجأ إلى استخدام هذا الحق. لذلك أدخلت نفسها في تجارب وتأديبات وهي ذاهبة في طريق الانحلال والضعف. وقد تطهرت فعلاً بواسطة هذه التجارب والتأديبات. وهاهي الآن ترى كم كان بوعز صالحاً، فتذكرته وتذكرت أن له حق الفكاك إذ هو "ولي". وإن كانت ما تزال أفكارها مشوشة، ولكننا نتعلم منها دروساً نافعة. فعندما يختار الواحد طريقه، ويفرَّط في الحق الإلهي، فلا بد أن يفقد النور، ولكن عندما يرجع عن طريقه الخاص فلا بد أن يعود النور فيضئ له ثانية شيئاً فشيئاً، ولربما يرجع إليه كاملاً. قالت نعمي عن بوعز إنه «ذا قرابة لنا» أي أنه واحد من الذين لهم حق الفكاك. ولكن لم يكن قد وضح أمامها أنه هو وحده القادر أن يفعل، وأنه هو وحده فقط يستطيع أن يعينها في كل ظروفها وأمورها.

عدد 21
الصفحة
  • عدد الزيارات: 32952