Skip to main content

الأصحاح الثاني - عدد 21

الصفحة 19 من 20: عدد 21

فقالت راعوث الموآبية إنه قال لي أيضاً لازمي فتياني حتى يكملوا جميع حصادي ( ع 21).

كل ما في حقل بوعز ينتسب إلى بوعز، فالفتيان، والحصاد كانا لبوعز، وما كان لأي شيء قيمة إلا لكونه يخصه.

ونلاحظ أن راعوث مازالت حتى الآن تسمى بالموآبية، فكلماتها تظهر أنها لم تكن قد بلغت النضوج بعد، أو أنها رمزياً لم تبلغ إلى الوضع المسيحي الصحيح، فهي لم تعرف بعد غنى مقاصد الله بالارتباط بالفداء، إذ لم تكن قد عرفت سوى القليل من كلمة الله. وإذ لم تكن قد عرفت بوعز في كل كماله لم يكن لها أن تفهم المعاني الواسعة التي وراء قول حماتها «هو ثاني ولينا». فكل ما أعطاه الله، وما يريد أن يعطيه للإنسان من بركات إنما هو في الرب يسوع (أف 3:1-11)، ولكن إدراكنا لقيمة هذه البركات يزداد على قياس ما نعرفه عن مجد ذاك الذي امتلكنا فيه كل هذه البركات. فلا يمكن أن نقدَّر غنى هذه البركات ما لم نر أولاً مجده، وهذا عين ما حدث مع راعوث. فلم يكن ممكناً أن تدرك قيمة كون بوعز أحد أوليائها الذين لهم حق الفكاك لها إلا بعد أن تفهم أفكار الله من جهة هذه الحقيقة، بل إنها ازدادت تقديراً لذلك بعد أن تعرفت على بوعز عن أكثر قرب. لذلك لم تعر هنا ملاحظة حماتها عن قرابة بوعز لها اهتماماً، واستطردت في كلامها عما كان يشغل قلبها، ألا وهو كلمات بوعز وإحسانه. كان هذا هو الطريق الصحيح بالنسبة لها لتعرف أكثر عن بوعز وتدرك قيمة كونه ولياً.

في البداية قال بوعز لراعوث «لازمي فتياتي». ولكنه في نهاية اليوم يقول لها «لازمي فتياني حتى يكملوا حصادي». ونحن لا نستطيع أن نثبت في حياتنا الروحية حتى ندرك عملياً مركزنا المسيحي ونستوعبه بعمق. سبق ورأينا في عدد 8،9 أن الذكور في كلمة الله يرمزون إلى الحالة العملية. بينما الإناث يرمزن إلى المركز والمقام. فقوله أولاً «فتياتي» يشير أن هناك انفصالاً عن العالم وتكريساً للرب. ولكننا نجد فكراً أبعد في نشيد 1 «لرائحة أدهانك الطيبة اسمك دهن مهراق. لذلك أحبتك العذارى...أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى أين تربض عند الظهيرة. لماذا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك» (نش 3:1-7) فالعذارى تحبه لأجل رائحة أدهانه الطيبة، لذلك فهن يتبعنه، وهذا عظيم، ولكن ما زال هناك ما هو أعظم، ألا وهو الاتحاد بالمسيح والشركة مع الآب ومع ابنه (يو 3:1).

أما «الفتيان» فيمثلون الحالة العملية المتسمة بالقوة، كما يتكلم يوحنا إلى «الأحداث» في1يوحنا 14:2. فهم أقوياء، وكلمة الله ثابتة فيهم، وقد غلبوا الشرير وهم مثابرون في حصاد الحنطة حتى يكمل حصاد الله وجمعه. وبينما هم يفعلون ذلك ينسلون من الشمائل لمن يلتقطون. هؤلاء هم الذين أوصى بوعز راعوث أن تلازمهم حتى ينتهي حصاده. أفليس هذا امتيازاً عظيماً؟

عدد 22-23
الصفحة
  • عدد الزيارات: 34698