Skip to main content

الأصحاح الثاني

الصفحة 1 من 20

وكان لنعمي ذو قرابة لرجلها جبار بأس من عشيرة أليمالك اسمه بوعز ( ع 1)

من العدد الأول من هذا الأصحاح يتضح لنا أن القصد من هذا الفصل هو أن تتعرف راعوث ببوعز «جبار البأس» ذي الغنى والثروة. ثم يرينا في الأعداد التالية كيفية تعرفها عليه. وهذا الأسلوب كثيراً ما يستخدم في كلمة الله، لا سيما في المزامير. فالعدد الأول يصف حالة أو يتكلم عن حق. ثم في الأعداد التالية يشرح كيف اختبر المرنم هذه الحالة، أو عرف هذا الحق. والروح القدس يستخدم كثيراً هذا الأسلوب لكي يعرفنا ما هو الموضوع الذي يريد أن يوضحه لنا.

بعد أن ضاع كل شيء بالموت، ولم تعد لنعمي الحياة حسب مركزها ومقامها، إذ مات جميع الذكور، فإن استرداد ما ضاع لم يكن ممكناً إلا على أساس قوة القيامة، وبالارتباط بمن له الحق، ولديه القدرة على الفكاك، وهذا ما نجده في بوعز الذي يشير إلى الرب المقام.

إن الإنقاذ من موآب، والرجوع إلى بيت لحم عند ابتداء حصاد الشعير هو بكل تأكيد بدء الفداء. ولكن النفس التي تتوق لأن تتذوق ملء الفرح بالفداء، وتكون لها شهادة حقيقية للرب الممجد في السماء عليها أن تأتي لتعرفه كالفادي معرفة شخصية. لاحظ معي أن هناك فرقاً كبيراً بين أن ننشغل بالفداء وبين أن ننشغل بالفادي نفسه.

يعني اسم بوعز "فيه القوة" ويلقب بجبار البأس، أي صاحب ثروة وغنى، أو ذا شجاعة ومروءة. وهذا اللقب نودي به جدعون ويفتاح، وكان كل منهما مخلِّصاً لإسرائيل (قض 2:6، 1:11) وهما من هذه الوجهة رمزان للرب يسوع، الذي استطاع أن يقول «دفع إليَّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض» وهو الوحيد الذي حق له أن يقول «أنا هو الأول والاخر، والحي وكنت ميتاً. وها أنا حي إلى أبد الآبدين، ولي مفاتيح الهاوية والموت» (مت 18:28، رؤ 17:1و18).

إن الله يريد أن يوجه أنظارنا إلى شخص فريد، هو الإنسان الحي الممجد في السماء، وهو كابن الإنسان قد أخذ كل السلطان، بل كل شيء قصد الله في محبته الإلهية أن يمنحه لنسل آدم. علاوة على ذلك فقد أجلسه الله عن يمينه رأساً فوق كل شيء.

هذا الشخص العجيب كان قريباً لرجل نعمي، فكان له حق الفكاك (عب 11:2-15). كان هذا جميلاً بالنسبة لنعمي، وكم هو جميل لنا أن ننتبه إلى هذا إذا كنا لم نقدر عملياً المركز الذي أعطي لنا. ونلاحظ أن بوعز كان قريباً لأليمالك، إلا أن نعمي لم يكن لها أن تلجأ إليه إلا عن طريق راعوث، التي تمثل هنا الإيمان. كذلك نعمي لم تأت إليه إلا بعد أن أدركت عملياً سلطان الله الفائق المطلق، الأمر الذي كان قبلاً بالنسبة لها ليس أكثر من مجرد اسم لزوجها "أليمالك - إلهي ملك".

أما راعوث، فمع أنها لم تكن تعرف بوعز حتى ذلك الوقت، إلا أنها بفطرة الإيمان كانت تتوق إلى الشخص الذي يجب أن تتجه إليه عواطفها وتبحث عنه. كانت تتطلع إلى من «تجد نعمة في عينيه».

عدد 2
  • عدد الزيارات: 35115