في نبوات أشعياء وإتمامها والتعليق عليها - مملكة المسيح
مملكة المسيح
وفوق هذه الألقاب الإلهية فإن أمامنا (في أشعياء 9: 7) أموراً هامة عن ملكوت المسيح تتضح لنا مما يأتي:
1- إن نمو رئاسة المسيح على مملكته الروحية السماوية والزمنية في أرض المسيح ونمو سلامه بلا نهاية. فإن عدد رعاياه يتكاثر دائماً، وحدود مملكته تتسع دائماً إلى كل أركان العالم، والرب الآن يضم إلى مملكته كل يوم الذين يخلصون، وفي كل يوم يزداد بهاؤها، ويمتد ضياؤها، بخلاف ممالك العالم الزائلة مهما قصر أو طال أمدها. وأما مملكة المسيح فستنمو إلى أن يجيء ويملك في مجيئه الثاني ملكاً عاماً دائماً بلا نهاية.
2- إن مملكة المسيح مملكة سلام فهي موافقة لصفات ملكها الذي هو "رئيس السلام" والذي هو سلامنا بالذات. ولذا فلا يمكن أن يدعو إلى الانضمام إلى راعويته بالإرهاب ولا بالضربات القتالة، بل إنه سيملك على الجميع بداعي المحبة السمائية التي تستأسر قلوب جميع البشر، لأنه حيثما امتدت خراعيب مملكته فهناك يمد السلام رواقه وهناك يزداد سلام المؤمنين وسلامتهم. ولذا قال لبطرس: “رد سيفك إلى مكانه لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون” (متى 26: 52). ولا يمكن أن توجد مملكة سلام دائم حق إلا مملكة رَبّ الْمَجْد يسوع المسيح.
3- إن مملكة المسيح مملكة حق وعدل. ولذا فهي تثبت إلى أبد الآباد لأنها مبنية على قواعد الحق والعدل والبر معاً. ولم يوجد قط، ولن يوجد أبداً في كل مملكته الشاملة من يوم الخلق إلى يوم القيامة واحد يقدر أن يفتح فمه بشكوى على المسيح أو أن ينسب إليه أدنى ظلم. بل إن جميع رعية المسيح يهتفون أمام عرشه دائماً قائلين: "بار أنت يا رب وأحكامك مستقيمة” (مزمور 119: 137). فالمسيح ملك عادل ومنصور ووديع بشهادة النبي زكريا القائل متنبئاً: “ابتهجي جداً يا ابنة صهيون اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان” (زكريا 9: 9). والمسيح ملك أمين وصادق وعادل كما قال الروح القدس للحبيب في رؤياه "وإذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى أميناً وصادقاً وبالعدل يحكم ويحارب” (رؤيا 19: 11). انظر أيضاً تعليقنا على أشعياء 11: 3-10 فهناك الإيضاح الأتم.
4- إن مملكة المسيح أبدية لقول النبي "لنمو رياسته وللسلام لا نهاية". فهي تنمو وتنمو في السلام إلى النهاية العليا. قال النبي: "من الآن إلى الأبد". فرئاسة المسيح وسلامه لا ينموان في أجيال الكنيسة فقط بل كلاهما يُنميان أيضاً، ينميان إلى الأبد. وبعد أن يجلس المسيح على كرسي مجده يتم بهاء مملكته، وهكذا يستمر مجد الفادي وملكوته وسلام مفدييه إلى أبد الآباد.
5- غيرة رب الجنود. إن الله تعالى الذي هو "رب الجنود" أخذ على مسئوليته إتمام هذه النبوة بغيرته، وأكد لنا هذه الحقيقة بقوله المبارك "غيرة رب الجنود تصنع هذا". وفي قدرته إتمام ما وعد، وفي قدرته أن يحافظ على كرسي داود وسلطان يهوذا إتماماً لهذه النبوة. وهو الذي يعتني بهذه المواعيد ويلاحظها حتى يجلس هذا الرئيس العظيم على كرسي مملكة السلام في وسط قديسيه. وغيرته إنما هي على شرفه وصدق مواعيده وسلامة كنيسته وحياتها. وهذه الغيرة الربانية هي التي تصنع هذا متغلبة على كل مقاومة. ويستنتج من هذا أن هذه النبوة سارت في سبيل الإتمام من يوم ولادة مسيحنا "المولود ملك اليهود". والبراهين التي مرت بكم كفاية لكم إن كنتم تقبلون.
- عدد الزيارات: 71891