مطالب المسيح لنفسه
الفصل الثالث
قال بعضهم: “نحن لا نطلب للكتاب المقدس أكثر مما يطلب الكتاب لنفسه". نعم هذا صحيح ونحن أيضاً على هذا القياس لا ننسب إلى المسيح أكثر مما نسب المسيح إلى نفسه. فنراه:
1- قال عن نفسه أن له السلطان الكامل على مغفرة الخطايا (مر 2: 10 ولو 7: 48). وفوق هذا فقد قال أيضاً أنه له السلطان في إعطاء امتياز الخطايا إلى كنيسته (لدرجة محدودة وبمعنى مخصوص) مت 16: 19 ويوحنا 20: 23.
2- قال المسيح أنه هو القيامة والحياة كما جاء في يو 11: 25 ولا يخفى أن قوله هذا من باب المجاز المرسل أي من باب ذكر حقيقة الشيء بواسطة إحدى متعلقاته فمعنى القول هنا – أن المسيح هو أصل القيامة فكأنه قال "أنا هو الذي أقيم وأنا هو الذي أحيي" وهل يقول هذا إلا الله القادر على الموت والحياة؟
3- قال المسيح أنه له السلطان المطلق على إقامة الأموات "الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعون يحيون … تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته (ابن الله). فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيآت إلى قيامة الدينونة" يو 5: 25 و28و29.
4- قال المسيح ما يفيد أنه هو الشارح الرسمي لناموس موسى وأثبت هذه الحقيقة لليهود قائلاً قيل للقدماء … وأما أنا فأقول لكم " ومعناه أني لا أنسخ ما قاله موسى ولكنني شارح رسمي لما قاله موسى ومظهر لكم المعنى الروحي الكامن فيه. ولكن من أين جاء ناموس موسى؟ أليس هو ناموس الله؟ ومن هو الشارح الرسمي لناموس موسى؟ أليس هو الله؟
5- إن المسيح صرّح بأن الله أبوه. فقد قال لليهود "أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي … أجابه اليهود قائلين … فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً" (راجع يو 10: 32- 38). فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه. لأنه لم ينقض السبت فقط بل قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله” (يو 5: 17 و18). فمن هذه النصوص يظهر واضحاً أن الناس الأشرار قاوموا المسيح لأنه جعل نفسه إلهاً معادلاً نفسه بالله، ولولا هذا التصريح ما قاوموه.
6- راجع يو (ص 17) وعلى الأخص قوله "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم". ومن المهم أن نتذكّر دائماً أن المرء يصدق في أقواله عند حلول الأجل. وها هو المسيح قال لنا في خطابه الوداعي أنه كان مع الآب قبل كون العالم.
7- صرّح المسيح أنه الديان والحاكم بمصير الإنسان الأبدي في قوله "كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم (يوم الدين) يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا شياطين وباسمك صنعنا قوات كثيرة. فحينئذ أصرّح لهم أني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم” (مت 7: 22 و23؛ وانظر أيضاً متى 25: 31- 46). وغير ذلك كثير جداً.
سمعنا مراراً بعض المسيحيين البسطاء يعبّرون عن الله بالقول – أن الأقانيم في اللاهوت ثلاثة في إله واحد لكن لكل واحد منهم عمل. فالقول– لكل واحد منهم عمل– هو قول يحتاج إلى تكملة فينبغي أن يقال– لكل واحد منهم عمل في عملية الفداء. أما في غير عملية الفداء فعمل كل واحد منهم هو عمل الآخر بالتمام لأن الثالوث الأقدس أحبّ العالم وقصد خلاصه ولكن يعبّر لنا الكتاب أن الآب أرسل الابن وأن الآب لم يتجسّد ولم يمت وأن الابن هو الذي تجسّد وأتى إلى هذا العالم ومات فدية عن البشر، وأن الآب والابن أرسلا الروح القدس الذي لم يتجسّد ولم يمت أيضاً، وهو يخصّص فوائد الفداء بالمؤمنين ويقدّسهم. أما باقي الصفات اللاهوتية فهي لكلٍّ على السواء، وليس لواحد منهم عمل دون الآخر، كما رأيت.
- عدد الزيارات: 3246