Skip to main content

الأصحاح الثالث - عدد 6

الصفحة 5 من 15: عدد 6

فنزلت إلى البيدر وعملت حسب كل ما أمرتها به حماتها ( ع 6)

فلم تقل فقط إنها ستفعل كل ما أمرتها به حماتها، بل نفذته فعلاً. ولم يكن ذلك من مجرد دافع العواطف، بل عن رغبة قلب حقيقية في الطاعة. كانت آية واحدة من كلمة الله تكفي لتحركها. لقد سجل موسى التوراة ووصايا الله (خر 14:7، 3:24-7، تث 24:31-26) وقد ثبَّتها الرب يسوع بسلطانه الذي لا يزول (اقرأ يو 46:5و47). وها نعمي الآن، وقد زال عنها تأثير موآب الذي يعمي البصيرة، تتذكر بوعز، ثم تتذكر أيضاً وصايا الله، فصار عندها اليقين بأن الله في نعمته وحكمته قد أعد كل ما يلزمها. حتى وإن كانت في مثل هذه الظروف الفريدة التي لا تتكرر. (اقرأ لا 25، عد 35، تث 25). وكانت كلمة الله كافية لامرأة مسكينة كهذه، ومعها لم تكن تحتاج إلى شيء. واستطاعت أن توجه راعوث بحسب طرق وأفكار الله، إذ كانت هي أيضاً كامرأة مسكينة موآبية قد رجعت إلى الرب حديثاً، تكفيها عبارة واحدة من كلمة الله لتسد عوزها، وما كانت تحتاج إلى تأكيد آخر على قوله، بل إن كلمته قد أعطتها قوة إلهية لتصنع ما عزمت أن تصنعه، وتذهب مباشرة بلا تردد، وتضطجع عند قدمي بوعز، وتسأله شخصياً أن يكون ولياً لها، وأن يمنحها كل الخير الذي تهبه محبة وقوة الفداء. وفي لحظة واحدة تحولت راعوث، الملتقطة الخجول، إلى من تطلب بجرأة، وتطلب أموراً عظيمة. ولكنها كانت تطلب تلك الأمور العظيمة بناءً على ما عرفته عن إرادة الله من جهتها. لذلك كانت بارة ومقدسة فيما طلبته، وما أجمل أن نتفكر في أنها لم تحتج إلى وسيط، فقد كانت كلمة الله كافية لها.

ولنلاحظ أن كلمة الله أيضاً كانت كافية لبوعز، لذلك لم يعترض، بل لم يطلب فرصة للتفكير في الأمر، بل فوراً أعطى لراعوث كل ما طلبته، إذ كان مبنياً على كلمة الله. هكذا كانت عبارة واحدة من كلمة الله كافية لبوعزنا عندما كان هنا على الأرض، حتى أن الشيطان عرف عنه اكتفاءه هذا بالمكتوب، إذ كان الرب يرد عليه بعبارة واحدة منه، وكانت هذه كافية لإسكاته (مت 1:4-11).

إن هذا درساً هاماً لنا لنتعلمه، فآية واحدة من المكتوب كافية بالنسبة لله وبالنسبة للرب يسوع «إلى الأبد يا رب كلمتك مثبتة في السموات» (مز 89:119). فهل هي هكذا بالنسبة لنا؟ وهل يكفينا عدد واحد من كلمة الله لنرد به على الشيطان عندما يجربنا؟ كذلك فإن عبارة واحدة من المكتوب تكفي رداً على غير المؤمنين عندما يسألونا عن أفعالنا وسلوكنا. ربما نقول في أنفسنا إنهم لا يؤمنون بكلمة الله، فكيف نرد عليهم منها؟ ولكن كلمة الله حية وفعالة، وقادرة على تبكيت كل من يسمعها، حتى ولو كان إبليس وأتباعه لا يعترفون بها.

لقد ذهبت راعوث إلى من يستطيع وحده أن يشبع حاجتها. ولكن كان عليها أن تنزل إلى البيدر. وهكذا تعلمنا كلمة الله ما هو السلوك اللائق عندما نكون في محضره. وقد سبق أن رأينا في (ع4) معنى "النزول"، فهو الحكم على الذات - على "الأنا" - والاتحاد بالمسيح في موته. إنه نزول عن العرش الذي وضعني فيه الجسد، وقبول حالة الموت التي حكم الله عليَّ بها. فالله لم يدِن فقط أفعالنا وأعمالنا، بل حكم بالموت علينا بكل ما نحن عليه في ذواتنا - كل ما هو "الإنسان". وراعوث لم تقبل هذا كتعليم فقط، بل طبقت ذلك عملياً في حياتها. لذلك طبقت كل التحريضات العملية في كلمة الله على حياتها، فالله لابد أن يتقدس في كل من يقترب منه.

عدد 7
الصفحة
  • عدد الزيارات: 27148