Skip to main content

الأصحاح الثالث - عدد 16-17

الصفحة 14 من 15: عدد 16-17

فجاءت إلى حماتها. فقالت من أنتِ يا بنتي؟ فأخبرتها بكل ما فعل لها الرجل. وقالت هذه الستة من الشعير أعطاني لأنه قال لا تجيئي فارغة إلى حماتك (ع16،17)

لقد رجعت راعوث بأخبار سارة إلى حماتها، محملة بخير وفير برهاناً على إحسان ولطف بوعز ولكنها لم تحصل على الراحة التي لأجلها ذهبت إلى بوعز، بل إنها لم تكن تعلم متى، وبواسطة من ستحصل على هذه الراحة، مع أن بوعز أبدى سروره التام في أن يعطيها هو هذه الراحة.

وما أجمل كلمات نعمي وهي تسألها «من أنتِ يا بنتي؟» فقد تغيرت راعوث. إن راعوث التي تقف أمامها الآن ليست هي راعوث التي تركتها الليلة الماضية ونزلت إلى البيدر. فنحن لا يمكن أن نكون مع الرب ونبقى على ما نحن عليه، بل متى نكون في محضره فلابد أن نتغير إلى صورته. لكنني لا أظن أن هذا ما كانت تقصده نعمي. فهي تعلم أن بوعز وليّ، وهي قد أرسلت إليه راعوث حتى تجد راحة، وهي تعلم ماذا يفعل الوليّ الأمين، فرأت في راعوث العروس المختارة لبوعز. لذلك فسؤالها يعني "هل أصبحتِ يا بنتي واحداً مع بوعز؟ وهل وجدتِ راحة بجواره؟".

إنه سؤال فاحص للضمير والقلب في راعوث، فمن كانت، وبماذا تجيب على سؤال حماتها؟ عند نفسها كانت لا تزال الأرملة المسكينة الفقيرة، وإن كان لديها شيئاً حسناً للتكلم به فهو كله من عند بوعز. وهكذا تتحول أفكارها مرة أخرى عن ذاتها وتتجه نحو بوعز، فتذكرت صلاحه وقوته، كلماته ووعوده. واستطاعت أن تُري حماتها هذه الستة من الشعير، فقد كان هذا بعضاً من غناه، وكان لنعمي أن تشارك راعوث فيما حصلته منه.

فهمت نعمي الموقف، فقد أصغت إلى كنتها وما قالت، وفهمت أيضاً ما لم تقله راعوث. لقد رأت أن ما أتت به كان ستة من الشعير وليس سبعة. إذاً لم تنل راعوث بعد الراحة المنشودة. وقد فهمت حماتها بحنكتها لماذا. فكل مسيحي لابد وأن يكون قد فهم اختبارياً صراع رومية 7. ومع ذلك، فمهما كانت خيبة الأمل عند نعمي فقد وجدت عزائها في أنها رأت تقدير بوعز لثقة راعوث التي وضعتها فيه. حتى ولو كانت ضعيفة وغير صائبة الاتجاه نحوه.

من المؤكد أن الرب يلاحظ كل التطلعات الروحية، حتى ولو كانت من أضعف مؤمن، وهو يقدرها كثيراً عندما يكون لسان حال صاحبها «فإني أسر بناموس الله في الإنسان الباطن» (رو 22:7). ويزداد تقديره لها عندما تتجه تطلعاتها إلى شخصه بإخلاص. فمتى أظهرنا مثل هذه الرغبة فإنه لابد أن يعطينا البرهان المؤكد على اهتمامه بنا، وأنه لابد أن يتداخل بنفسه في هذه المشكلة. علمت نعمي لماذا فشلت راعوث. كما أن راعوث نفسها فهمت بصورة أفضل وعرفت أكثر عن بوعز، حتى أنها الآن تذكرت ما صنعه معها. لذلك فإن نعمي الآن تستطيع بلا خوف أن تقول كيف أنه ما زال في الإمكان أن يتحول كل ما حدث للخير لها...

عدد 18
الصفحة
  • عدد الزيارات: 27146