Skip to main content

الإصحاح الرابع والعشرون: تابع جواب أيوب لأليفاز - الله حاميهم حسب الظاهر

الصفحة 5 من 6: الله حاميهم حسب الظاهر

(ع22-25) الله حاميهم حسب الظاهر.

يختتم أيوب بخاصية أخرى من خصائص هذا التناقض المريع. فالله يبدو كمن هو إلى جانب الأشرار، يحفظهم بقوته بينما كان يجب أن يُحطوا إلى الأرض "يمسك الأعزاء (أي يحفظهم) بقوته، مثل هؤلاء يقوم ولو أنه يائس من حياته"(ع22).

وكم ذا وجدنا الأشرار ينحطون بالمرض، ثم يقومون من القبر تقريباً. نحن نعلم أن ذلك من لطف الله لكي يقودهم إلى التوبة، لكن أيوب في أفكاره المشوهة يرى في ذلك علاقة أو دليلاً على رضا الله فإنهم يعيشون آمنين، ويبدو أن عين الله تستقر عليهم بالرضا هذا يتمشى مع مناقشة أيوب أكثر من الحقيقة الضمنية وهي أنه لو ظهر الله كمن يعولهم ويسندهم بحسب الظاهر فإن عينه على طرقهم ولا بد أن يدينهم. ذلك أن أيوب إنما يضع عينه على انعدام أي مظهر من مظاهر الدينونة والقضاء عليهم. إنهم يترفعون في حياتهم وعندما تحين ساعة الموت التي لا مفر منها. الساعة المعينة أو المفروضة على الجميع – فإنهم لا يكونون، يغرقون في القبر، يختطفون مثل غيرهم، كالكل، يقطعون مثل سنابل الحنطة الناضجة (ع24).

ينهي أيوب رده طالباً جواباً فمن ذا الذي يتهمه بأنه عرض الحقيقة عرضاً خاطئاً أو جرد كلامه من قوته كرد على نقاش أصحابه؟.

وإنها لنهاية خطيرة. ليس أن أيوب قرر الحقائق تقريراً خاطئاً، لكن استنتاجاته كانت رهيبة. فهو يتابع منطقه إلى الحافة- إن الله لا يعامل بالعدل. وإذا كان الأمر هكذا، فهو ليس الله. وأية نصرة كانت تنطوي تحت مثل هذا الاستنتاج، نصرة للعدو الخبيث المحرك لهذا جميعه، والذي أعلن مرة أنه إذا أخذ منه نجاحه، فإن أيوب في وجهك "يجدف عليك" لكن أيوب لم يفعل ما تكهن به الشيطان. على أن أيوب، قياساً إلى مناقشاته، كان يمكن أن يفعل ما تكهن به الشيطان وما نصحته به زوجته. وإذ كان يجهل كل شيء، فقد تولت النعمة العمل لأنه كان ابنا لله، فلم تسمح له النعمة أن يمضي إلى حيث يمكن أن تنتهي به أفكاره ونتيجة كهذه، ما أكثر ما كانت تنطوي عليه من نصرة لأصحابه!

إذاً فكان لهم أن يقولوا "لقد وقفنا إلى جانب الله، أما أيوب فقد هاجم صفاته تعالى" لكنّ واحداً من الطرفين لم يستطيع أن يقنع الآخر ومع أن المذمة كانت إلى جانب أيوب، غير أن الطابع المؤسف الذي انطبعت به أقواله الختامية، هو الذي حتم بما نجده في الجزء الأخير من السفر. لكن بقي  أن نستمع إليه مرة أخرى يسكب كل قلبه، قبل أن نصغي إلى الله متكلماً.

معاني الكلمات الصعبة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 13619