الإصحاح الثالث والعشرون: رد أيوب على أليفاز
إن أيوب لا يضني نفسه ليرد على اتهامات أليفاز الظالمة. فقد مضى وقت الرد، وهو طالما ردد بره بحيث لا داعي لترداده مرة أخرى هنا.
صحيح أنه سوف يحقق في تبريره ذاته تماماً (ص31). أما هنا فينصرف بكلياته ليدور حول الله. فقد عادت السحب وحجبته تعالى عن أفق الإيمان، الإيمان الذي كان قد أضاء بلمعان منذ لحظة. وهذا الكسوف الحزين يقود أيوب لينطق بأمور صعبة على الرب. بيد أننا نردّ ذلك إلى أنه نسي الله، وليس إلى فكر من جانب شخص يتحول ضده تعالى. على أنه إلى أن يتغلغل الله في أغوار مسالك بر أيوب الذاتي، لا يسعنا إلا أن نتوقع تكرار سحب عدم الإيمان هذه.
وحينما يصل أيوب إلى مناقشة أليفاز بشأن الأشرار، فإنه سيأخذ الجانب الأفضل في الخصومة كما سيبدو عندما نصل إلى ذلك الجزء من رده (ص24) أن موقف الأصحاب لا يمكن الدفاع عنه، وبينما لا يقدم أيوب أي حل صحيح للمشكلة فإنه يغلق أفواههم.
هوذا أيوب في حديثه الثامن، تزداد الهوة اتساعاً بينه وبين رفاقه. إن رفقاءه مثل كثيرين في هذه الأيام يرون في الله خالقاً سامياً، لا يتنازل لينشغل بتفاصيل أمورهم ويعتبر مشاعرهم (انظر ص22: 2 ،3، 12).
لكن أيوب لديه معرفة أكثر من ذلك، فهو يعلم أن الله يهتم به أكثر مما يريد هو (ص7: 19). ولكنه يظن أنه من غير الممكن الاقتراب إليه.
فيقول في (ع3) "من يعطيني أن أجده؟" ترى هل كل منا يعرف أين يجد الله؟ لقد اقترب الله منا في الرب يسوع بحيث يمكننا بدورنا الاقتراب منه بثقة بالصلاة والدخول إلى حيث المسيح في يمين الله (ع3، عبرانيين4: 16)،(ع10) يوضح الغرض من التجربة "إذا جرَّبني أخرج كالذهب" مع أنه يعوز الشعور بالنعمة التي تعمل لخيره ولكنه يتفق مع الرسول بطرس فيقول بطرس "إن كان يجب تحزنون يسيراً بتجارب متنوعة لكي تكون تزكية إيمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع أنه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة عند استعلان يسوع المسيح" (1بطرس1: 6، 7).
* * *
يمكن تقسيم الإصحاح إلى ثلاثة أجزاء:
(ع1-9) حنينه إلى رفع دعواه قدام الله.
(ع10-12) احتجاجات البر.
(ع13-17) خوف من الله كعدوه.
- عدد الزيارات: 13200