الفَصلُ الأوَّل "وَصَفَةٌ للإرشاد" - إرادَةُ اللهِ لأعمالِنا
إرادَةُ اللهِ لأعمالِنا
كتبَ داوُد يَقُولُ أنَّ خَطَواتِ الصِّدِّيق تثَبَّتَت من قِبَلِ الرَّبّ (مزمُور 37: 23). ويُخبِرُنا أيضاً أنَّهُ قبلَ أن يُوجَدَ، وضعَ اللهُ خُطَّةً لِكُلِّ يَومٍ من أيَّامِ حياتِهِ. (مزمُور 139: 16). يَقولُ داوُد أيضاً في مَزمُورِ الرِّاعي أنَّ اللهَ معَهُ، يمشِي أمامَهُ، ويتبَعُهُ من الخَلفِ بطريقةٍ يستَحيلُ عليهِ معَها أن يهرُبَ من قيادَةِ راعيهِ في كُلِّ حركَةٍ يأتي بها (مزمُور 23).
هذه العلاقَةُ الحميمَةُ معَ اللهِ، بالتأكيد لا ينبَغي أن تَكُونَ إختِبارَ داوُد فحَسب، بل يُمكِنُ وينبَغي أن تَكُونَ إختِبارَ كُلِّ واحِدٍ من أَولادِ الله. "ففي كُلِّ مرَّةٍ يسقُطُ عُصُفورٌ مَيِّتاً من على الشَّجَرَة، يذهَبُ اللهُ لحُضُورِ الجنازَة." هذا تعبيرٌ تفسيريٌّ قامَ بهِ أحدُ المُبَشِّرين من جِيلٍ يختَلِفُ عنِ الجيل الذي علَّمَ فيهِ يسُوع، للتَّعبيرِ عمَّا قالَهُ يسُوعُ أنَّهُ لا يسقطُ عُصفُورٌ واحِدٌ على الأرضِ بدُونِ إِذنِ أبيكُم (متَّى 10: 29).
التَّطبيقُ الذي أجراهُ يسُوعُ على هذا التَّعليم، هُوَ أنَّهُ بما أنَّ عُصفُورانِ يُباعانِ بِفَلسٍ، وبما أنَّنا ذَوُو قيمَةٍ أكبَر جدَّاً من قيمةِ العُصفُورين، فإن كانَ اللهُ لديهِ مَشيئَةٌ حيالَ حياةِ أو موتِ العُصفُورِ الصَّغير، فبإمكانِنا التأكُّد أنَّ للهِ مَشيئَةً حيالَ كُلِّ تفاصِيلِ حياتِنا.
في هذا التَّعليمِ عن عُصفُورِ الدُّوريّ، أكَّدَ يسُوعُ إعلانَ داوُد عن إلهٍ شَخصِيٍّ يهتَمُّ بأصغرِ تفاصِيلِ حياتِنا، وبِمُخَطَّطاتِنا اليوميَّة، وبِتَوجِيهِ خُطُواتِنا. وهُوَ يُشدِّدُ كثيراً على هذا الأمر عندما يُخبِرُنا في المقطَعِ نفسِهِ أنَّ اللهَ يهتَمُّ بعددِ شعرِ رُؤوسِنا (متَّى 10: 30).
وافَقَ بُولُس الرَّسُول بِوُضُوحٍ معَ يسُوع وداوُد عندما كتبَ قالَ أنَّهُ رُغمَ أنَّ الأعمالَ الصَّالِحَةَ لا تُخَلِّصُ، ولكنَّنا نخلُصُ لأجلِ أعمالٍ صالِحَةٍ قد سبقَ فأعدَّها اللهُ لِكَي نسلُكَ فيها من أجلِهِ (أفسُس 2: 10). ويكتُبُ بُولُس قائِلاً أنَّهُ منَ الوَقتِ الذي تَجَدَّدَ فيهِ على طَريقِ دِمَشق، كانَ هَمُّهُ الأساسِيُّ أن يُدرِكَ القصدَ الذي لأجلِهِ أدرَكَهُ أيضاً المسيحُ يَسُوع (فيلبِّي 3: 12). وهُوَ يَحُضُّنا أيضاً "لنَختَبِرَ عمليَّاً أنَّ خُطَّةَ اللهِ لنا هي صالِحة، ولِكَي نُلَبِّيَ كُلَّ مُطَلِّباتِ اللهِ ونَتَحرَّكَ نحوَ هدف النُّضج الرُّوحِيّ." (رُومية 12، 1، 2).
لقد لاحظتُ أعلاهُ أنَّهُ في الأعدادِ الإفتِتاحِيَِّةِ منَ الكتابِ المُقدَّس، أخبَرنا مُوسى أنَّهُ يُوجَدُ مكانٌ حيثُ يُريدُنا اللهُ أن نَكُون، واللهُ سيجعَلُنا نعرِفُ متى نَكُونُ في هذا المكان ومتى لا نَكُونُ فيه. عندما نتأمَّلُ بهذه القِيم المُعلَنَة ليسُوع، مُوسى، داوُد، وبُولُس، ينبَغي أن نشعُرَ بِبَرَكَةٍ كَبيرة عندما نعرِفُ أنَّ إلَهَنا هُوَ إلهٌ شَخصِيٌّ، وهُوَ يهتَمُّ بنا شَخصِيَّاً كأفراد. فبِحَسَبِ هذه القَنواتِ للوَحي الإلهيّ، اللهُ يُحصِي شعرَ رُؤُوسِنا، ويأمرُ بِخُطُواتِنا، ويُنَظِّمُ أيَّامَنا، ولدَيهِ خُطَّةٌ لشَخصِيَّاتِنا، ولأعمالِنا، ولِكُلِّ قرارٍ هامٍّ نتَّخِذُهُ بينما نحيا لهُ في العالم.
- عدد الزيارات: 20902