الفَصلُ الأوَّل "وَصَفَةٌ للإرشاد" - قَيِّمْ مَواهِبَكَ
الخُطوَةُ السَّابِعة
قَيِّمْ مَواهِبَكَ
بِحَسَبِ بُولُس، إذا أرَدنا بِإخلاصٍ أن نعرِفَ إرادَةَ اللهِ لِحَياتِنا، بعدَ أن نَكُونَ قدِ إستَسلَمنا بِدُونِ شرُوطٍ لإرادَةِ اللهِ، وبعدَ أن نَكُونُ قد تَغَيَّرنا بتجديدِ أذهانِنا، وبعدَ أن نَكُونَ قد قَرَّرنا أنَّ العالمَ لن يُشَكِّلَنا بِحَسَبِ قَوَالِبِهِ، عندها علينا أن نكتَشِفَ نماذِجَ مواهِبِنا الرُّوحيَّة. وعِندَها علينا أن نُقَدِّمَ هذه المواهِب الرُّوحيَّة كذَبِيحَةٍ حَيَّة للهِ (رُومية 12: 1- 8) وهكذا سيَقُودُونا الإنضِباطُ الرُّوحيُّ إلى قَلبِ مَشيئَةِ اللهِ.
قالَ لي أحَدُ مُرشِدِيَّ منذُ زَمَنٍ طَويل، "ينبَغي أن يكُونَ واضِحاً أنَّ اللهَ لم يَدْعُ شخصاً بِرِجلٍ واحِدَة ليُشارِكَ في سِباقِ الرَّكض الأُولمبِيّ." فسُرعانَ ما نأخُذُ فكرَةً عن لائِحَةِ مواهِبِنا الطَّبِيعيَّة والرُّوحِيَّة، كوُكَلاء أُمَناء، علينا أن نقبَلَ حُدُودَ محدُودِيَّاتِنا، وأن نقبَلَ كذلكَ الأمر مَسؤُوليَّةَ مُؤَهِّلاتِنا.
يُوحَنَّا المعمدانُ هُوَ أفضَلُ مِثالٍ على رَجُلٍ مارَسَ هذه النُّظُم الرُّوحيَّة في حياتِهِ. فلقد عرفَ يُوحَنَّا من كانَ وعرفَ أيضاً من لم يكُنْ. قالَ، "أنا صَوتُ صارِخٍ في البَرِّيَّة، أعِدُّوا طَريقَ الرَّبِّ." (مرقُس 1: 3) كانَ هذا من وما وأينَ يجبُ أن يكُون. ولقد عرفَ أنَّ الحياةَ كانت أكثَرَ قيمَةً من أن تَكُونَ أقَلَّ من كَونِهِ ذلكَ الصَّوت الصَّارِخ في البَرِّيَّة. ولقد عرفَ أيضاً من لم يَكُنْ. (يُوحَنَّا 3: 27- 36، ومرقُس 1: 7، 8).
لقد عَرَفتُ مُؤمِنينَ عانُوا منَ ألَمٍ غَيرِ ضَروريٍّ، لأنَّهُم لم يَقبَلُوا حدُودَ محدُودِيَّاتِهِم. فعندما سيَتِمُّ تقييمُنا أمامَ كُرسِيِّ المسيح، سوفَ يُعانِي الكَثيرُونَ منَّا صَدَماتٍ مُربِكَة، لعدَمِ قُبُولِنا بمسؤوليَّةِ مُؤَهِّلاتِنا. ومِثلَ العبدِ البَطَّال في مثلِ الوَزَناتِ، نعتَقِدُ أحياناً أنَّنا غَيرُ مَوهُوبينَ، وهكذا ندفُنُ مواهِبَنا التي أُعطِيَت لنا (متَّى 25: 14- 30).
لائِحَةٌ بالمَواهِبِ الرُّوحِيَّة
لقد رأيتُ الكَثيرَ منَ المُؤمنينَ المُنزَعِجينَ بسببِ كونِهم إمَّا لا يَعرِفُونَ مواهِبَهُم الرُّوحيَّة، أو لكَونِهم لا يُمَارِسُونَها. الدَّليلُ التَّالِي هُوَ مُناسِبٌ لوضعِ لائِحَةٍ بالمَواهِبِ الرُّوحيَّة التي أُعطِيَت لنا منَ الرُّوحِ القُدُس.
1-عَوَّدْ نفسَكَ على الوَصفِ الكِتابِيِّ للمواهِبِ الرُّوحيَّة. يُوجَدُ حوالَي عشرون أو إحدى وعِشرُونَ من هذه المَواهِبِ الرُّوحيَّة المَذكُورَة في العهدِ الجَديد. أنا شَخصِيَّاً لا أعتَقِدُ أنَّ لائِحَةَ المَواهِبِ الرُّوحيَّة التي يُمكِنُ تجميعُها من شواهِدَ كِتابِيَّةٍ مُتنوِّعَة، لا أعتَقِدُ أنَّ المَقصُودَ بها من قِبَلِ كُتَّابِ هذه الأسفار الكتابِيَّة بأن تَكُونَ لائحَةً كامِلَةً حصريَّة. بل أعتَقِدُ أنَّ ما يَقُولُونَهُ هُوَ على سَبيلِ المِثالِ وليس الحَصر فيما يتعلَّقُ بالمَواهِبِ الرُّوحيَّة.
2-آمنْ أنَّكَ مَوهُوبٌ. الإصحاحُ الثَّانِي عشَر من كُورنثُوس الأُولى هُوَ الإصحاحُ الأكثَر أهَمِّيَّةً في العهدِ الجديدحولَ موضوع المواهِبِ الرُّوحيَّة. بينما تدرُسُ ذلكَ الإصحاح، لاحِظ التِّشديد على كلمة "كُلّ." عندما تُلَخِّصُ هذا الإصحاح العظيم، ينبَغي أن تستنتِجَ أنَّ كُلَّ المُؤمنينَ المُتَجَدِّدِينَ هُم مَوهُوبُونَ رُوحيَّاً.
3-تأمَّلْ بالطُّرُقِ التي تجعَلُكَ فعَّالاً ومُثمِراً في كنيستِكَ المحَلِّيَّة. فكُلُّ مواهِبِ الرُّوحِ مُعطاةٌ لِبنُيانِ ولِبَرَكة ولتَّشجيع ولِتَعليم ولتَأهيل باقي أعضاءِ الكنيسة. لهذا، فإنَّ كَنيستَكَ المَحَلِّيَّة هي المكان الذي فيهِ تكتَشِفُ وتُمَيِّزُ وتُنَمِّي وتُمارِسُ عُنقُودَ مواهِبِكَ الرُّوحيَّة.
4-مَيِّزْ بينَ مُؤهِّلاتِكَ الطَّبيعيَّة وبينَ مواهِبِكَ الرُّوحيَّة. فمُؤهِّلاتِكَ الطَّبيعيَّة هي نَمُوذَجُ المواهِب والمَهارات التي وَرِثتَها بولادَتِكَ الجَسَديَّة وبتركيبَتِكَ الوِراثِيَّة.
بِمعنىً ما، تُصبِحُ هذه المُؤهِّلاتُ رُوحِيَّةً عندما تُكَرِّسُها لله. مثلاً: إن كانَ لدى أحدِهم صَوتٌ جميلٌ، فَكَرَّسَهُ وإستَخدمَهُ لتمجيدِ وتسبيحِ اللهِ، فبِذلكَ تُصبِحُ موهِبَتُهُ الطبيعيَّة مَوهِبَةً رُوحيَّة.
وهكذا فأنتَ قد وَرِثتَ نَمُوذَجَ مواهِبِكَ الرُّوحيَّة، أو عُنقُودَ مواهِبِكَ الرُّوحيَّة، بفضلِ ولادَتِكَ الرُّوحيَّة. فعندما يأتي الرُّوحُ القُدُسُ لِيَسكُنَ فينا، يَجلِبُ معَهُ عُنقُوداً منَ المَواهِبِ الرُّوحيَّة التي لم تَكُنْ حاضِرَةً في حياتِنا قبلَ أن نُولدَ من جَديد (1كُورنثُوس 12).
5-تَوَقَّعْ من أعضاء آخرينَ من كَنيستِكَ أن يُساعِدُوكَ على أن تتعرَّفَ على مواهِبِكَ الرُّوحيَّة. تأمَّلْ بِمَدى تأثيرِ مواهِبِكَ الرُّوحِيَّة على أُولئكَ الذين يتلقُّونَها. فإن كانَ النَّاسُ يُقبِلُونَ إلى الإيمان ويُصبِحُونَ أعضاءَ في جسدِ المسيح عندما تُشارِكُهُم بِرِسالَةَ الإنجيل، فهذا يعني أنَّ لدَيكَ مَوهِبَةَ التَّبشير. وإن كانَ النَّاسُ يفهَمُونَ الحقائِقَ الرُّوحيَّة التي تُعَلِّمُهُم إيَّاها، فهذا يعني أنَّ لديكَ موهِبَةَ التَّعليم. من أهمّ أدوار الكنيسة مُساعَدَةُ المُؤمنينَ على تمييزِ مواهِبهم الرُّوحيَّة والإعتِرافِ بها ومُمارستِها وتطويرها.
6-جِدْ فُرَصاً لإختبارِ المَواهِب المُحتَمَلَة أو المَشكُوك بها، وكذلكَ نماذِجَ الخدمة. فَكَيفَ تعرِفُ إن كانَ لديكَ أو إن لم يكُنْ لدَيكَ مَوهِبَةَ التَّعليم، أو إن لم يَكُن لديكَ الشَّجاعة والإيمان لتُحاوِلَ أن تُعَلِّمَ صَفَّ مدرسَةِ الأحد أو دَرساً في الكتابِ المُقدَّس؟
7-إمنَحْ نفسَكَ وقتاً لِتَنمِيَةِ المواهِبِ الرُّوحيَّة التي تَظُنُّ أنَّ الرُّوحَ القُدُسَ أعطاكَ إيَّاها. فإختِبارٌ سَلبِيٌّ واحِدٌ بِفَشَلٍ في مُحاوَلَةِ إعطاءِ درسٍ في الكتابِ المُقدَّس، لا يعني أنَّكَ لا تتمتَّعُ بمَوهِبَةِ التَّعليم.
8-قُم بِتَكريسِ مواهِبِكَ الرُّوحيَّةِ للهِ التي منحَكَ إيَّاها، والذي هُوَ القُوَّة الكامِنَة وراءَ هذه المواهِب، والذي يُشكِّلُ مجدُهُ هدَفَ كُلِّ هذه المَواهِب.
- عدد الزيارات: 20801