الفَصلُ الأوَّل "وَصَفَةٌ للإرشاد" - أُطلُبْ مَشُورَةً رُوحيَّةً
الخُطوَةُ الثَّانِيَةُ عشَرة
أُطلُبْ مَشُورَةً رُوحيَّةً
يُوجَدُ عددٌ في سفرِ الأمثال يتكرَّرُ مرَّتَين، ويَقُول، "حَيثُ لا تَدبِير يسقُطُ الشَّعبُ، أمَّا الخَلاصُ فبِكَثرَةِ المُشِيرين." (أمثال 11: 14؛ 24: 6). إنَّ هذا القَولَ الحَكيمَ لا يعني أنَّهُ يتوجَّبُ علينا أن نستَشيرَ الكثيرَ من المُشيرين عندما نَصِلُ إلى مُفتَرَقِ طُرُقٍ، كما ذَكرتُ سابَقاً. فهذا قد يُؤدِّي إلى التَّشويش، لأنَّ إكثارَ المُشِيرينَ سيُؤدِّي إلى كثرَةِ الآراءِ حيالَ قرارِنا الصَّعب.
عِندَما قامَ سُلَيمانُ الحكيمُ الذي كتبَ سِفرَ الأمثال بِكِتابَةِ هذينِ التَّصريحَين، قصدَ بهما تعليمَ حقيقَتينِ أساسِيَّتَين. في واحِدٍ من هذينِ المَثَلَين، نقرأُ أنَّهُ عندما تَذهَبُ أُمَّتانِ ليَتَحَارَبا معاً، فإنَّ الأُمَّةَ التي لديها عددٌ أكبَر من المُستَشارِين، سوفَ تربحُ الحربَ على الأرجح. أمَّا في المَثَلِ الثَّانِي، فنقرَأُ أنَّنا عندما نَصِلُ إلى مُفتَرَقِ طُرُقٍ في حياتِنا، حيثُ سنحتاجُ إلى قرارٍ في أيِّ إتِّجاهٍ سنَمضِي، فإن كانَ لدينا الكثير من المُرشِدينَ في حياتِنا، بكلماتٍ أُخرى، إذا حَظِينا بِثقافَةٍ رُوحيَّةٍ جَيِّدَة، فسوفَ نُحسِنُ إتَّخاذَ القرارِ الصَّعب.
يُوجَدُ عددٌ جَميلٌ في نُبُوَّةِ إشَعياء، الذي يُحَدِّدُ ويُبرِزُ واحِدَةً من منافِعِ الثَّقافَةِ الرُّوحيَّةِ الجَيِّدَة. يُخبِرُنا إشَعياءُ أنَّنا إذا حَظِينا بكثرَةٍ منَ المُرشِدينَ الرُّوحِيِّينَ في حياتِنا، فعندما سنَصِلُ إلى مُفتَرَقِ الطُّرُق، سوفَ نسمَعُ أصواتَ هؤُلاءِ المُرشِدينَ يَقُولُونَ لنا، "لا تَذهَبُوا في ذلكَ الطريق، بل في هذا الطَّريق." (إشَعياء 30: 20، 21).
بينما أُعدِّدُ اليوم البَركاتِ التي تمتَّعتُ بها، أشعُرُ بالمَمنُونِيَّةِ أنَّي في رحلَةِ إيمانِي، تمتَّعتُ بمُرشِدينَ غَير إعتِيادِيِّين، الذين أرشَدُونِي وزوَّدُونِي بالنَّصيحَةِ الحكيمة، في مُفتَرقاتِ طُرُقٍ حاسِمَةٍ جَّداً في حياتِي وخدمَتي.
تُوجَدُ أوقاتٌ لا يَكُونُ منَ السَّهلِ فيها أن تُمَيِّزَ فيها إرادَةَ اللهِ لحياتِكَ، التي هي بالمعنى الحاضِر للكَلِمة القَصدُ من خلاصِكَ. لِهذا، منَ الحِكمَةِ لكَ أن تطلُبَ مَشُورَةَ مُؤمِنينَ يتقدَّمُونَكَ في السِّنِّ، الذي إعتادُوا أن يطلُبُوا مَشيئَةَ اللهِ لسنواتٍ طويلة ويجدُونَها.
تتحرَّكُ الكَنيسةُ وسطَ العالم كموكِبٍ منَ السُّفُن، في تشكيلَةٍ كامِلَة، مُتناسِقَةً بشكلٍ خارِقٍ للطَّبيعة بواسِطَةِ الرُّوحِ القُدُس. والمسيحُ الحَيُّ المُقامُ هُوَ بمثابَةِ السَّفينَةِ الرَّئيسة التي تَرفَعُ العَلَم، أي سفينة قائد الأُسطُول – وهي تتوسَّطُ هذا الموكِب وتُرسِلُ إشاراتٍ لسُفُنِ المَوكب طِوالَ الوَقت. فإذا ثَبَّتَ عينَيكَ على سفينَةِ الأميرال التي تحمِلُ العَلَم، وإذا تابَعتَ بأخذِ إشاراتِكَ منَ هذا القائِد، فسوفَ تكُونُ في إنسجامٍ معَ هذه التَّشكِيلَة، وسوفَ تَكُونُ جُزءاً من عملهِ العَظيم في هذا العالم. ولكن، إن لم تُثَبِّتْ عينَيكَ على سفينَةِ الأميرال، وإذا فَوَّتَّ على نفسِكَ إستِلامَ إشاراَتِها، فإنَّ عملَ المَسيحِ سوفَ يستَمِرُّ بِدُونِكَ، بينما أنتَ تدُورُ حولَ نفسَكَ، مُتَلَمِّساً طريقَكَ خارِجَ تشكيلَةِ السُّفُنِ، وبدُونِ إنسجامٍ معَ هذا الأُسطُولِ الرَّائِع.
الأشخاصُ الذين يُعَرِّفُونَ أنفُسَهُم كخُدَّامٍ للمسيح، ليسُوا أشخاصاً غَير إعتِيادِيِّين لكَونِهم لا يُفَوِّتُونَ أيَّةَ إشارَةٍ منَ القائِد. ولكنَّ خُدَّامَ المسيحِ العُظَماءِ، الذي يستَخدِمُهُم اللهُ اليوم، والذين إستَخدَمَهُم عبرَ تاريخِ الكنيسة، كانُوا دائماً رِجالاً ونِساءً منَ الذين لم يقبَلُوا إشاراتِ القَيادة في حياتِهم من حضاراتِهم. بل هُمُ الآن، كما كانُوا دائماً، خُدَّاماً للرَّبِّ الذي ثَبَّتُوا أعيُنَهُم على سفينتِهِ القِيادِيَّة التي تَرفَعُ العَلَم، وقَبِلُوا إشاراتَ القِيادَةِ من المسيحِ الحيِّ المُقام.
أختُمُ هذا الفَصلَ عنِ الإرشادِ الإلهِيِّ بالطريقِةِ التي بدأتُهُ بها، مُشدِّداً على مُعجِزَةِ كَونِنا ينبَغي أن نَكُونَ في مكانٍ ما في مَسيرَتِنا معَ المسيح، واللهُ يُريدُ أن يُعلِمَنا بمكانِنا هذا. أُصَلِّي لتَكُونَ هذه الخُطواتُ الإثنَتَي عشر مُساعِداً لكَ لتُثَبِّتَ عينَيكَ على سفينَةِ الأميرال القائد، المسيحُ الحَيُّ المُقامُ، الذي سيقُودُكَ إلى مشيئَةِ اللهِ لحياتِكَ، هذه المشيئة الصَّالِحة المَرضِيَّة والكامِلَة. هذه الحياةُ هي وحدَها الحياةُ المَقبُولُةُ عندَ اللهِ الذي خَلَقَكَ، وأعادَ خلقَكَ ثانِيَةً رُوحيَّاً لكَي تحيا هذه الحياة. (رُومية 12: 1- 2)
- عدد الزيارات: 20897