رعاية الحب والزواج السعيد - ارع حبك باستمرار الاتصال
(2) ارع حبك باستمرار الاتصال
إن معظم المشاكل الزوجية يمكن حلها بالتفاهم الشخصي, ويقينا أن هذا لن يتيح الفرصة للمشاكل الصغيرة أن تتفاقم وتصبح مشاكل معقدة يعسر حلها واختيار الوقت المناسب لمناقشة المشاكل الزوجية أمر يحتاج إلى حكمة وقيادة إلهية "للسكوت وقت وللتكلم وقت" (جا 3: 7) . وأحسن وقت هو الوقت الذي يكون فيه الإنسان مسترخياً وهادئاً ومستعداً للنقاش الموضوعي,.. وأكرر القول أن اختيار الوقت يحتاج إلى حساسية شديدة لمزاج الطرف الآخر.
وهناك نقطة ذات أهمية بالغة وهي أنك أنت المسئول عن استمرار الاتصال.. فلا تنتظر شريكة حياتك لتبدأ الاتصال, ولا تنتظري شريك حياتك بالاتصال.
إن قال زوجك شيئاً لا يوافقك, فلا تتباعدي عنه وتبني جداراً من الجفاء.. إن انقطاع الاتصال في الحياة الزوجية يهدد بانهيارها.. فابق خطوط الاتصال مفتوحة, وذلك بتشجيع الطرف الآخر على التعبير عن أفكاره ومشاعره بخصوص الأمر موضوع الخلاف.
وحين تناقش أي مشكلة لاحظ نغمة صوتك.
فطريقة الحديث تؤثر أكثر من الحديث نفسه, وحركات يديك, ونظرت عينيك, وقسمات وجهك تتحدث بصوت أعلى من كلماتك.
وسفر الأمثال يتحدث مع أسفار أخرى كثيرة في الكتاب المقدس عن ضرورة الحكمة في أحاديثنا ومناقشاتنا, فيقول "الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط. لسان الحكماء يحسن المعرفة وفهم الجهال ينبع حماقة" (أم 15: 1, 2).
"بالحكمة يبنى البيت وبالفهم يثبت. وبالمعرفة تمتلىء المخادع من كل ثروة كريمة ونفسية" (أم 24: 3)
"ببطء الغضب يقنع الرئيس واللسان اللين يكسر العظم" (أم 25: 15).
"بطىء الغضب كثير الفهم. وقصير الروح معلى الحمق" (أم 14: 29)
"تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها" (أم 25: 11)
هذه النصوص الوضاءة ترينا أن تأثير الصوت الرقيق, والكلمة اللطيفة الرقيقة, أقوى من تأثير الصوت العالي, والألفاظ الجارحة, والكلمات غير المهذبة.
يجدر بكل زوجين أن يعرفا أنه لا بد من النقاش في الحياة الزوجية, ولا بد من اختلاف وجهات النظر للموضوع الواحد, ولكن هذا النقاش وهذا الخلاف يمكن حله بالكلمة الرقيقة والتفاهم الودي.
إن أسوأ قرار يصل إليه الزوجان لمعالجة مشاكلهما هو قرار "اتخاذ الصمت والتباعد" وسفر نشيد الأنشاد يرينا صورة للإحساس المؤلم الناتج عن هذا التباعد في كلمات الأصحاح الخامس من هذا السفر الجليل.
"أنا نائمة وقلبي مستيقظ. صوت حبيبي قارعاً. افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي قد امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل. قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخها. حبيبي تحول وعبر. نفسي خرجت عندما أدبر. طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني" (نش 5: 1 - 6)
ومن المناسب أن نقول هنا ان سفر نشيد الأنشاد, هو أنشودة الحب كتبها سليمان (نش 1: 1) بأسلوب مجازي وطابع شرقي, ويصور السفر مجازياً الشعب القديم في علاقته الخاصة بالله, ويمكن أن يصور كذلك علاقة المسيح بالكنيسة, رغم أن الكنيسة كانت سراً مكتوماً في العهد القديم, وكما تجد الحياة البشرية شبعها الكامل في الحب الصحيح بين الزوج وزوجته, كذلك تجد الحياة الروحية شبعها الكامل في حب الله لشعبه, وحب الرب يسوع لكنيسته.
وقد كتب سليمان السفر في عدة مناظر, وتبرز فيه ثلاث شخصيات رئيسية:
(1) العروي "شولميث".
(2) الملك سليمان.
(3) بنات أورشليم.
وهناك على الأقل ثلاث مدارس لتفسير هذا السفر
- المدرسة الأولى تقول أن القصة رمزية تشير إلى علاقة الحب الموجودة بين الله وشعبه كما عبر عنها حزقيال النبي بكلماته "فمررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب. فبسط ذيلي عليك.. ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي" (حز 16: 8).. وتسير هذه المدرسة خطوة أخرى فتقول إن السفر يشير علاقة المسيح بكنيسته.
- المدرسة الثانية تقول أن السفر هو تمثيلية خيالية تصور سليمان وقد وقع في حب راعية غنم وأخذها إلى قصره الملكي في أورشليم.
- المدرسة الثالثة تقول إن السفر هو حادثة حقيقية تصور زواج سليمان براعية الغنم شولميث. وهو على هذا الأساس يشيد بجمال الحب الزوجي باعتباره أسمى وأرفع أنواع الحب بين رجل وامرأة.
ويمكن تقسيم سفر النشيد إلى ما يلي من أقسام:
الأصحاح الأول: بداية الحب.
الأصحاح الثاني: رعاية الحب.
الأصحاح الثالث: صراع الحب
الأصحاح الرابع: اكتمال الحب
الأصحاح الخامس: ابتعاد الحب
الأصحاح السادس: بحث الحب
الأصحاح السابع: ازدياد الحب
الأصحاح الثامن: شبع الحب
أو إلى هذه الأقسام الأربعة:
(1) الوقوع في الحب (التودد) إصحاحات 1 – 3 .
(2) الاتحاد بالحب (الزواج) إصحاح 4.
(3) صراع الحب (المشاكل) إصحاحات 5, 6.
(4) النمو في الحب (التقدم) إصحاحات 7, 8.
إذا أخذنا السفر على اعتباره تصويراً للعلاقة الزوجية, رأينا أن هذه العلاقة كثيراً ما تتعرض للصراع الداخلي, وأن أخطر ما يمكن هو أن يحدث "توقف الاتصال" الفكري والعاطفي, بتبادل الحديث, للتفاهم الشخصي. لذا فلا بد من استمرار الشركة بالحديث والتفاهم الودي في كل مشكلة حتى لا تتفاقم وتعرض الزواج للدمار.
إن السفر يذكر خمسة عشر موضعاً جغرافياً, اختبر فيها الزوجان حلاوة وعذوبة الحب, وما أجمل أن يحدد الزوجان موقع هذه الأماكن على خريطة من خرائط الكتاب المقدس, وأن يتعلما كيف يسجلا ذكريات حبهما وأن يجترا هذه الذكريات السعيدة بدلاً من اجترار الإساءات, فيزداد حبهما مع الأيام.
"أخيراً أيها الأخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما مسر كل ما صيته حين إن كانت فضيلة وإن كان مدح ففي هذه افتكروا" (في 4: 8)
- عدد الزيارات: 19804