Skip to main content

الفصل الرابع: الجنس والزواج

يرينا التاريخ الجنسي للإنسان الذي ابتعد عن الله وعبد الأوثان, مدى الدهور والانحلال والانحطاط الذي وصل إليه ذلك الإنسان في حياته الجنسية, وقد صور بولس الرسول بوحي الروح القدس مدى هذا الانحطاط بكلماته:

"لأنهم لما عرفوا الله لم يمجدوه أو يشكروه كإله بل حمقوا في أفكارهم وأظلم قلبهم الغبي. وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى والطيور والدواب والزحافات. لذلك أسلمهم الله أيضاً في شهوات قلوبهم إلى النجاسة لإهانة أجسادهم بين ذواتهم. الذين استبدلوا حق الله بالكذب وأبقوا وعبدوا المخلوق دون الخالق الذي هو مبارك إلى الأبد آمين. لذلك أسلمهم الله إلى أهواء الهوان. لأن أناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة, وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الأنثى الطبيعي. اشتعلوا بشهواتهم بعضهم لبعض فاعلين الفحشاء ذكوراً بذكور ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق. وكما لم يستحسنوا أن يبقوا الله في معرفتهم أسلمهم الله إلى ذهن مرفوض ليفعلوا مل لا يليق. مملوئين من كل إثم وزناً وشر وطمع وخبث مشحونين حسداً وقتلاً وخصاماً ومكراً وسوءاً نمامين مفترين مبغضين مدعين مبتدعين شروراً غير طائعين للوالدين. بلا فهم ولا عهد ولا حنو ولا رضى ولا رحمة. الذين إذ عرفوا حكم الله أن الذين يعملون مثل هذه يستوجبون الموت لا يفعلون فقط بل أيضاً يسرون بالذين يعملون" (رو 1: 21 - 32).

فبعد الإنسان عن الله, مصدر الطهارة والاتزان والحياة السوية المتكاملة, دفعه للإغراق في الجنس, وانحراف بكلا الجنسين إلى الشذوذ الجنسي, وملأ المجتمع الإنساني بالانحلال والفساد.

هذا كله نشر أفكار منحرفة هدامة عن الجنس حتى في الحياة الزوجية, فأصبح الجنس هو العلاقة التي تربط جسدياً بين زوجين سبباً من أسباب التعاسة الزوجية, وقاد الكثيرين إلى إنهاء الزواج بالطلاق.

ومن دواعي الأسى أن الغالبية العظمى من الشباب يتزوجون بغير فهم صحيح للعلاقة الجنسية, أو بجهل تام بدقة هذه العلاقة, أو بفهم خاطئ تعلموه من أصدقائهم ورفقاء صباهم.

ولقد بالغ كثيرون في فهمهم لمدى تأثير الجنس في الزواج, واعتقدوا أم المرأة لا يهمها الزواج سوى الجنس وحده ولا سواه, وبهذا قادوا زوجاتهم للنظر إليهم كمجرد "حيوانات" نسعى لإشباع دافعها الجنسي, ونظر غيرهم إلى الجنس على اعتباره رذيلة, وشر لا بد منه في دائرة الزواج, فأقبلوا عليه بهذا الإحساس الآثم, وأهملوا زوجاتهم من هذه الناحية,كما أهملت الزوجات أزواجهن وقاد كل منهما الآخر إلى الانحراف, وأحياناً إلى الخيانة الزوجية وإلى شعور خفي بالذنب.

لذلك نرى لزاماً علينا أن نتحدث بصراحة مقدسة عن "الجنس والزواج السعيد" فلقد تحدث الكتاب المقدس بوضوح لا لبس فيه ولا غموض عن العلاقات الجنسية راسماً الطريق لإشباع الدافع الجنسي في دائرة الزواج بكيفية تصل بالزوجين إلى قمة السعادة والاكتفاء.

وسنسرد هذه الحقائق الكتابية بخصوص الجنس فيما يلي من الحديث.

  • عدد الزيارات: 5153