رعاية الحب والزواج السعيد
يحتاج الحب كأي زهرة جميلة إلى رعاية وعناية واهتمام, حتى يتفتح وينتشر عبيره في الحياة الزوجية.. وكما تبذل الزهور بالإهمال, يبذل الحب بالإهمال ولذا فإن كثيرين من الأزواج يبدأون حياتهم الزوجية بحب عنيف, وبدلاً من أن يرعى كل منهما هذا الحب, ويسقيه بماء الحنان فينمو ويترعرع ويصبح شجرة وارفة الظلال. يعيشان تحتها في هناء, وسعادة, وصفاء, يأخذ الواحد منهما الآخر كأمر مسلم به, وكأن الواحد منهما اشترى بيتاً أو سيارة يرتبها أو يحركها كما يشاء, وإذ بهما يكتشفان – أحياناً بعد فوات الأوان – أن حبهما بدأ يذبل ويموت مع الأيام بسبب إهمال رعايته وقلع الحشائش الضارة التي أحاطت به.
إن على كل زوجين أن يعرفا أن الزواج هو شركة عمر طويل, إنه شركة الحياة كلها.. وحين يتزوج شاب وفتاة فهذا يعني أنهما تعاهدا على بناء بيت, ولن يستطيع أحداً أن يبني بيتاً قوياً يقف ضد الرياح والأمطار والأعاصير إلا إذا تخير أفضل مواد للبناء.
إن كثيرين يدخلون الحياة الزوجية بأحلام غير واقعية, فلما يصدمهم الواقع لا يجدون أمامهم حلاً سوى الطلاق.
علينا أن ندرك بفهم أن الواقع ليس كله حلاوة, وأن شركة الزواج تستلزم العطاء بدلاً من الأخذ, والخدمة بدلاً من الاسترخاء والتكاسل وانتظار أن يخدمك شريك الحياة.
والآن إلى السؤال الخطير: كيف ترعى حبك الصغير؟
(1) ارع حبك بالاحترام المتبادل
اعتقد أن من اخطر أسباب تدهور الحب في الحياة الزوجية هو عدم وجود الاحترام المتبادل بين الزوجين, ليس فقط أمام الآخرين, بل أيضاً في حياتهما الخاصة.
لقد أعطانا الله في كلمته أمراً صريحاً يرينا ضرورة وجود هذا الاحترام.
"كذلكم أيها الرجال كونوا ساكنين بحسب الفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضاً معكم نعمة الحياة لكي لا تعاق صلواتكم" (1 بط 3: 7)
"وأما انتم الأفراد فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها" (أف 5: 33)
من الضروري للإبقاء على الحب أن يعطي الزوج الكرامة لزوجته, وأن تقدم الزوجة الاحترام لزوجها.
(2) ارع حبك باستمرار الاتصال
إن معظم المشاكل الزوجية يمكن حلها بالتفاهم الشخصي, ويقينا أن هذا لن يتيح الفرصة للمشاكل الصغيرة أن تتفاقم وتصبح مشاكل معقدة يعسر حلها واختيار الوقت المناسب لمناقشة المشاكل الزوجية أمر يحتاج إلى حكمة وقيادة إلهية "للسكوت وقت وللتكلم وقت" (جا 3: 7) . وأحسن وقت هو الوقت الذي يكون فيه الإنسان مسترخياً وهادئاً ومستعداً للنقاش الموضوعي,.. وأكرر القول أن اختيار الوقت يحتاج إلى حساسية شديدة لمزاج الطرف الآخر.
وهناك نقطة ذات أهمية بالغة وهي أنك أنت المسئول عن استمرار الاتصال.. فلا تنتظر شريكة حياتك لتبدأ الاتصال, ولا تنتظري شريك حياتك بالاتصال.
إن قال زوجك شيئاً لا يوافقك, فلا تتباعدي عنه وتبني جداراً من الجفاء.. إن انقطاع الاتصال في الحياة الزوجية يهدد بانهيارها.. فابق خطوط الاتصال مفتوحة, وذلك بتشجيع الطرف الآخر على التعبير عن أفكاره ومشاعره بخصوص الأمر موضوع الخلاف.
وحين تناقش أي مشكلة لاحظ نغمة صوتك.
فطريقة الحديث تؤثر أكثر من الحديث نفسه, وحركات يديك, ونظرت عينيك, وقسمات وجهك تتحدث بصوت أعلى من كلماتك.
وسفر الأمثال يتحدث مع أسفار أخرى كثيرة في الكتاب المقدس عن ضرورة الحكمة في أحاديثنا ومناقشاتنا, فيقول "الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط. لسان الحكماء يحسن المعرفة وفهم الجهال ينبع حماقة" (أم 15: 1, 2).
"بالحكمة يبنى البيت وبالفهم يثبت. وبالمعرفة تمتلىء المخادع من كل ثروة كريمة ونفسية" (أم 24: 3)
"ببطء الغضب يقنع الرئيس واللسان اللين يكسر العظم" (أم 25: 15).
"بطىء الغضب كثير الفهم. وقصير الروح معلى الحمق" (أم 14: 29)
"تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها" (أم 25: 11)
هذه النصوص الوضاءة ترينا أن تأثير الصوت الرقيق, والكلمة اللطيفة الرقيقة, أقوى من تأثير الصوت العالي, والألفاظ الجارحة, والكلمات غير المهذبة.
يجدر بكل زوجين أن يعرفا أنه لا بد من النقاش في الحياة الزوجية, ولا بد من اختلاف وجهات النظر للموضوع الواحد, ولكن هذا النقاش وهذا الخلاف يمكن حله بالكلمة الرقيقة والتفاهم الودي.
إن أسوأ قرار يصل إليه الزوجان لمعالجة مشاكلهما هو قرار "اتخاذ الصمت والتباعد" وسفر نشيد الأنشاد يرينا صورة للإحساس المؤلم الناتج عن هذا التباعد في كلمات الأصحاح الخامس من هذا السفر الجليل.
"أنا نائمة وقلبي مستيقظ. صوت حبيبي قارعاً. افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي قد امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل. قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه. قد غسلت رجلي فكيف أوسخها. حبيبي تحول وعبر. نفسي خرجت عندما أدبر. طلبته فما وجدته دعوته فما أجابني" (نش 5: 1 - 6)
ومن المناسب أن نقول هنا ان سفر نشيد الأنشاد, هو أنشودة الحب كتبها سليمان (نش 1: 1) بأسلوب مجازي وطابع شرقي, ويصور السفر مجازياً الشعب القديم في علاقته الخاصة بالله, ويمكن أن يصور كذلك علاقة المسيح بالكنيسة, رغم أن الكنيسة كانت سراً مكتوماً في العهد القديم, وكما تجد الحياة البشرية شبعها الكامل في الحب الصحيح بين الزوج وزوجته, كذلك تجد الحياة الروحية شبعها الكامل في حب الله لشعبه, وحب الرب يسوع لكنيسته.
وقد كتب سليمان السفر في عدة مناظر, وتبرز فيه ثلاث شخصيات رئيسية:
(1) العروي "شولميث".
(2) الملك سليمان.
(3) بنات أورشليم.
وهناك على الأقل ثلاث مدارس لتفسير هذا السفر
- المدرسة الأولى تقول أن القصة رمزية تشير إلى علاقة الحب الموجودة بين الله وشعبه كما عبر عنها حزقيال النبي بكلماته "فمررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب. فبسط ذيلي عليك.. ودخلت معك في عهد يقول السيد الرب فصرت لي" (حز 16: 8).. وتسير هذه المدرسة خطوة أخرى فتقول إن السفر يشير علاقة المسيح بكنيسته.
- المدرسة الثانية تقول أن السفر هو تمثيلية خيالية تصور سليمان وقد وقع في حب راعية غنم وأخذها إلى قصره الملكي في أورشليم.
- المدرسة الثالثة تقول إن السفر هو حادثة حقيقية تصور زواج سليمان براعية الغنم شولميث. وهو على هذا الأساس يشيد بجمال الحب الزوجي باعتباره أسمى وأرفع أنواع الحب بين رجل وامرأة.
ويمكن تقسيم سفر النشيد إلى ما يلي من أقسام:
الأصحاح الأول: بداية الحب.
الأصحاح الثاني: رعاية الحب.
الأصحاح الثالث: صراع الحب
الأصحاح الرابع: اكتمال الحب
الأصحاح الخامس: ابتعاد الحب
الأصحاح السادس: بحث الحب
الأصحاح السابع: ازدياد الحب
الأصحاح الثامن: شبع الحب
أو إلى هذه الأقسام الأربعة:
(1) الوقوع في الحب (التودد) إصحاحات 1 – 3 .
(2) الاتحاد بالحب (الزواج) إصحاح 4.
(3) صراع الحب (المشاكل) إصحاحات 5, 6.
(4) النمو في الحب (التقدم) إصحاحات 7, 8.
إذا أخذنا السفر على اعتباره تصويراً للعلاقة الزوجية, رأينا أن هذه العلاقة كثيراً ما تتعرض للصراع الداخلي, وأن أخطر ما يمكن هو أن يحدث "توقف الاتصال" الفكري والعاطفي, بتبادل الحديث, للتفاهم الشخصي. لذا فلا بد من استمرار الشركة بالحديث والتفاهم الودي في كل مشكلة حتى لا تتفاقم وتعرض الزواج للدمار.
إن السفر يذكر خمسة عشر موضعاً جغرافياً, اختبر فيها الزوجان حلاوة وعذوبة الحب, وما أجمل أن يحدد الزوجان موقع هذه الأماكن على خريطة من خرائط الكتاب المقدس, وأن يتعلما كيف يسجلا ذكريات حبهما وأن يجترا هذه الذكريات السعيدة بدلاً من اجترار الإساءات, فيزداد حبهما مع الأيام.
"أخيراً أيها الأخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما مسر كل ما صيته حين إن كانت فضيلة وإن كان مدح ففي هذه افتكروا" (في 4: 8)
(3 ) ارع حبك بالطهر والأمانة والهرب من الانحلال.
لا شيء يخرب الحياة الزوجية أكثر من الخيانة الزوجية, فالخيانة الزوجية هي الديناميت الذي يهدم البيت ويقود أركانه لذا لا عجب في أن يذكر سليمان في ثلاثة إصحاحات متتابعة من سفر الأمثال تحذيراته ضد الخيانة الزوجية.. ويقيناً أن ما يقوله سليمان الرجل يقوله أيضاً للمرأة.
- "يا بني أصغ إلى حكمتي. أمل أذنك إلى فهمي.. لأن شفتي المرأة الأجنبية تقطران عسلاً وحنكها أنعم من الزيت. لكن عاقبتها مرة كالأفسنتين حادة كسيف ذي حدين. قدماها تنحدران إلى الموت. خطواتها تتمسك بالهاوية. لئلا تتأمل طريق الحياة تمايلت خطواتها ولا تشعر. ولآن أيها البنول اسمعوا لي ولا ترتدوا عن كلمات فمي. أبعد طريقك عنها ولا تقرب إلى باب بيتها لئلا. تعطي زهرك للآخرين. وسنينك للقاسي. لئلا تشبع الأجانب من قوتك وتكون أتعابك في بيت غريب. بيت غريب. فتنوح في أواخرك عند فناء لحمك وجسمك" (أم 5: 1 - 11).
- "يا بني احفظ وصايا أبيك ولا تترك شريعة أمك. لحفظك من المرأة الشريرة من ملق لسان الأجنبية. لا تشتهين جمالها بقلبك ولا تأخذك بهدبها لأنه بسبب امرأة زانية يفتقر المرء إلى رغيف خبز وامرأة رجل آخر تقتنص النفس الكريمة. أيأخذ إنسان ناراً في حضنه ولا تحترق ثيابه. أو يمشي إنسان على الجمر ولا تكتوي رجلاه. هكذا من يدخل على امرأة صاحبه. ل من يمسها لا يكون ريئاً.. أما الزنى بامرأة فعديم العقل. المهلك نفسه هو يفعله. ضرباً وخزياً يجده وعاره لا يمح" (أم 6: 20, 24 - 33).
- "يا بني احفظ كلامي واذخر وصاياي عندك... لتحفظك من المرأة الأجنبية من الغريبة الملقة بكلامها... لأني من كوة بيت من وراء شباكي تطلعت فرأيت بين الجبال لاحظت بين البنين غلاماً عديم الفهم. عابراً في الشارع عند زاويتها وصاعداً في طريق بيتها. في العشاء في مساء اليوم في حدقة الليل والظلام. وإذا بامرأة استقبلته في زي زانية وخبيثة القلب. صاخبة هي وجانحة. في بيتها لا تستقر قدماها. تارة في الخارج وأخرى في الشوارع. وعند كل زاوية تكمن. فأمسكته وقبلته أوقحت وجهها وقالت له. على ذبائح السلامة. اليوم أوفيت نذوري. فلذلك خرجت للقائك لأطلب وجهك حتى أجدك, بالديباج فرشت سريري بموشى كتان من مصر. عطرت فراشي بمر وعودي وقرفة, هلم نرتو وداً إلى لصباح. نتلذذ الحب. لأن الرجل ليس في البيت. ذهب في طريق بعيد أخذ صرة الفضة بيديه. يوم الهلال يأتي إلى بيته. أغوته تكثرة فنونها بملث شفتيها طوحته. ذهب وراءها لوقته كثور يذهب إلى الذبح أو كالغبي إلى قيد القصاص. حتى يشق سهم كبده. كطير يسرع إلى الفخ ولا يدري أنه لنفسه. والآن أيها الأبناء اسمعوا لي واصغوا لكلمات فمي لا يمل قلبك إلى طرقها ولا تشرد في مسالكها. لأنها طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء طرق الهاوية بيتها هابطة إلى خدور الموت" (أم 7: 1, 5 - 26).
إن شريك الحياة يغفر كل خطية أخرى ما عدا خطية الخيانة الزوجية, فهي تترك طابعها على الذاكرة وتستمر تزعج صاحبها, والطرف الذي خانه كشبح رهيب يظهر في اليقظة والمنام.
"لأن الغيرة هي حمية الرجل فلا يشفق في يوم الانتقام.لا ينظر إلى فدية ما لا يرض ولو أكثرت الرشوة" (أم 6: 34, 35).
فادع حبك بالطهر والأمانة والاحتفاظ بنقاوة الحياة والهروب من الانحلال.
(4) ارع حبك بالامتناع عن الصراع والاستغلال:
ذات مرة دعيت لمصالحة زوجين جامعيين, كانت كل المظاهر الخارجية انه بامكانهما الاستمتاع بزواج سعيد.. وقد بدأ زواجهما بحب عنيف, واستمر كذلك لفترة من الزمن, ثم بدأت الزوجة تتفوق بعملها, حصلت على درجة علمية أعلى, ومركز أرقى ودخل أكبر. وهنا بدأ النزاع والصراع بين الزوجين. تحدثت إليهما معاً, وأعطاني الله الحكمة لمعرفة سبب الصراع. فقلت لزوج الممزق الحزين.. أعتقد أن سر حياتك الممزقة هو أنك تعيش في صراع مع زوجتك بسبب نجاحها وتفوقها بدلاً من أن كنت تعيش في وئام.. فهل اعتقدي صحيح؟!
وسكت الزوج قليلاً ثم أجاب.. أجل أنا أعيش معها في صراع.. أخاف من مركزها.. أخاف من ازدياد مركزها.. أخاف من الدرجات العلمية التي حصلت عليها.
قلت: ألا يعني هذا أنك تحب نفسك أنك أكثر مما تحبها؟!
وأجاب لا أدري.
واستطردت: السبيل الوحيد لإعادة السلام إلى بيتك أن تحسب نجاحها نجاح لك, وأن تدرك أن كل منجزاتها ستعود بالخير على بيتك وعلى أولادك, وبذلك تتوقف عن ازعاجها وعن هذا الصراع الذي بلا مبرر قائم بينك وبينها.
ورد الزوج: أرجو أن يعطيني الله نعمة لأفعل ذلك.
امتنع عن الصراع مع شريكة حياتك بسبب تفوقها في ميادين عملها..
وامتنع كذلك عن الاستغلال. فالاستغلال يقود إلى الخراب.
"السالب أباه أو أمه وهو يقول لا بأس فهو رفيق لرجل مخرب" (أم 28: 24).
فإن كان هذا وصف السالب لأبيه وأمه فكم يكون الوصف للسالب لزوجته أو السالبة لزوجها.
إن موقف الزوج من زوجته يجب أن يكون الموقف الحب الباذل وليس موقف الأنانية المستغلة "أيها الرجال أحبوا نساؤكم كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها" (أف 5: 25).
لا تسلب زوجتك لتصرف على ملذاتك , أو لتعطي للفقراء من أفراد أسرتك.. ولا تسلبي زوجك لتنفقي على ملذاتك ونعطي لأفراد أسرتك.
إن الله لا يبارك الاستغلال في أية صورة من صوره.. إذا عشت للاستغلال فأنا أحذرك من التدهور والدمار.
(5) ارع حبك بالمدح والتعامل النبيل.
امدح بصدق كل فضيلة في شريكة حياتك, وامدحي بصدق كل فضيلة فيه... واحذر من استخدام المدح للحصول على أغراضك فهناك حاثة سادسة في الإنسان تعطيه القدرة على التمييز الكلمات الجوفاء المعسولة والمدح الأصيل النبيل. "يا أولادي لا نحب بالكلام ولا باللسان بل بالعمل والحق" (1 يو 3: 18).
تعامل مع شريكة حياتك بنبل, افتح لها باب السيارة, ساعدها على حمل مشترياتها, كن مهذباً معها كما أنت مهذباً مع النساء الأخريات, لا تستخدم ألفاظاً نابية أو جارحة في حديثك معها.
وأنت يا سيدتي.. تحدثي إلى زوجك برقة, وشجعيه في مشروعاته, ألهب فيه برقة كلماك الطموح وساعديه بتعضيدك له التقدم والنجاح.
"ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح وتجديف مع كل خبث. وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله أيضاً في المسيح" (أف 4:13, 23).
هذه الأشياء كلها تزيد الحب الزوجي وتحفظه مضيئاً وتجعل الزواج سعيداً وهنيئاً ومستقراً.
(6) ارع حبك بالعيشة بالمال الحلال
هذا يعني أن تعيش في حدود دخلك, وألا تتعدى ميزانيتك, إن العيش بالدين ليست من مبادىء كلمة الله "لا تكونوا مديونين لأحد بشيء إلا أن يحب بعضكم بعضاً" (رو 13: 82).
لقد طالما سمعت الكثيرين من الأزواج أن المال هو العنصر الخطير من مشاكلهم الزوجية, ولذا فالاتفاق على مبادىء واضحة بخصوص المال في الحياة الزوجية أمر هام لاستقرار الحياة.
+ لا تسمح لمال غير حلال أن يدخل بيتك ولا تستعجل إلى الغنى.
"الرجل الأمين كثير البركات والمستعجل إلى الغنى لا يبرأ" (أم 28: 20)
"ذو العين الشريرة يعجل إلى الغنى ولا يعلم أن الفقر يأتيه" (أم 28: 22)
"حجلة تحضن ما لا تبض محصل الغنى بغير حق. في نصف أيامه ويتركه وفي آخرته يكون أحمق" (إر 17: 11)
+ لا تحب المال بل عش حياة التقوى والقناعة.
"وأما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة لأننا لم ندخل العالم بشيء وواضح أننا لا نقدر أن نخرج منه بشيء فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتف بهما. وأما الذين يريدون أن يكونوا أغنياء فيسقطون في تجربة وفخ وشهوات كثيرة غبية ومضرة تغرق الناس في العطب والهلاك. لأن محبة المال أصل لكل الشروع الذي ابتغاه قوم ضموا عن الإيمان وطعنوا أنفسهم لأوجاع كثيرة" (61: 6 - 10).
+ لا تكدر بيتك لأجل المال.
"المولع بالكسب يكدر بيته" (أم 15: 27)
+ لا تتكل على المال.
"من يتكل على غناه يسقط" (أم 11: 28)
"إن زاد الغني فلا تضع عليه قلباً "(مز 62: 10).
"أوصى الأغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجائهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى التمتع" (1 تي 6: 17).
+ عش حياة الاجتهاد الشريف
"يد المجتهدين تسود. أما الرخوة فتكون تحت الجزية" (أم 12: 24)
"الرخاوة لا تمسك صيداً. أما ثروة الإنسان الكريمة فهي الاجتهاد" (أم 12: 27)
"أرأيت رجلاً مجتهداً في عمله أمام الملوك يقف. لا يقف أمام الرعاع" (أم 22: 9)
"من يشتغل بحقله يشبع خبزاً. أما تابع البطالين فهو عديم الفهم" (أم 12: 11)
"المشتغل بأرضه يشبع خيراً تابع البطالين يشبع فقراً" (أم 28: 19)
+ أكرم الرب من مالك لكي يباركك.
"أكرم الرب من مالك ومن كل باكورات غلتك, فتمتلىء خزائنك شبعاً وتفيض معاصرك مسطاراً" (أم 3: 9)
فارع حبك بالعيشة بالمال الحلال ولا تبذر مالك ولا تتظاهر بغنى ليس لك, وعش في حدود دخلك يبقى بيتك متين البنيان ثابت الأركان.
(7) ارع حبك بود حمويك بالود المسيحي الأصيل.
احترم حميك وحماتك, واحترمي حميك وحماتك. لقد كان موسى نبياً جليلاً وقائداً عظيماً, عندما أرسل له حموه قائلاً: "أنا حموك يثرون آت إليك".
"فخرج لاستقبال حميه وسجد وقبله. وسأل كل واحد صاحبه عن سلامته. ثم دخلا إلى الخيمة" (خر 18: 6, 7)
ولما رأى حمو موسى الضغط الشديد عليه من الشعب نصحه قائلاً "خفف عن نفسك" (خر 18: 22)
فليكن الود والاحترام مبدأك مع حميك وحماتك, لكن لا تعش في بيت واحد معهما إن أمكنك ذلك. لقد قال الله "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته" (تك 2: 24).
إن حياتك في بيت خاص بك وبزوجتك سيجعلك تعيش صديقاً لحميك وحماتك.. وستكون أنت وهما أسعد حالاً وأهنأ بالاً.
إن الاختلاط الزائد الذي ترفع فيه الكلفة بين أسرتي الزوجين سيؤدي – إن آجلاً أو عاجلاً – إلى الاحتكاك, والخصومة, ومشاعر المرارة.
فارع حبك بود حمويك بالود المسيحي الأصيل.
(8) ارع حبك بالطاعة المستمرة لوصايا رب الجلال
كان زواج آدم وحواء زواجاً مثالياً. كانت كال عناصر الزواج السعيد متوفرة لهذين الزوجين.
الله خلق الزوج "آدم" وبغير شك أنه كان جميلاً, قوياً, خالياً من العيوب الجسمية أو العقلية, أو النفسية..
والله بنى الضلع التي أخذها من آدم امرأة, وأحضرها إلى آدم,ولا بد أنها كانت رائعة الجمال, تجسدت فيها كل الصفات التي يشتهيها الرجل.. أنثى, صحيحة الجسم, ممتلئة بالحيوية, وذكية وخالية من العيوب والنقصات الجسمية أو العقلية, أو النفسية.
لم تكن هناك حواجز حضارية, أو اختلاف اللغة, أو صراع ديني عقائدي, أو مشاكل جنسية.
ومن ناحية العمل, فقد آدم كل علاقة متينة بصاحب العمل, حتى أن صاحب العمل كان يقضي معه الساعات يحدثه عن مستقبله وما يجب أن يعمله كان صاحب العمل هو "الله".
ولم يكن هناك مشاكل وراثية بين الزوجين, ولا مشاكل تربوية فقد نشأ في بيئة واحدة من أصل واحد, ولا مشاكل نفسية فقد كانا في نقاوة الحياة ولم يكن هناك "منافس" لآدم يريد أن يسلبه "حواء" ولا "منافسة" لحواء, تريد أن تسلبها آدم.
كانا يملكان كل شيء.. الاستقرار, والسعادة, وهدوء البال...
فلماذا دخل الشقاء إلى هذا البيت السعيد؟!
دخل بعصيان وصايا الله!! دخل بالخطية!!
"من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع" (رو 5: 12). والخطية في مفهوم الكتاب المقدس هي التعدي على وصايا الله "كل من يفعل الخطية يفعل التعدي أيضاً. والخطية هي التعدي" (1 يو 3: 4).
فالزوجان اللذان يتعديان وصايا الله لا بد أن تدخل التعاسة بينهما, ويريان ثمر عصيانهما في أولاد متمردين مثل قايين, لقد دخلت التعاسة, والفوضى والاضطراب بيت داوود الملك بعد زناه مع بثشبع, فاغتصب أمنون أخته ثامار وحاول أبشالوم اغتصاب عرش أبيه واضطجع مع نسائه علانية, وسب شمعي ابن جيرا الملك داوود أما الملأ..
فكسر وصايا الله يهدم الحب, ويجلب الشقاء, لذلك لا غرابة في أن يكتب صاحب المزمور كلماته "طوبى لك من يتقي الرب ويسلك في طرقه. لأنك تأكل تعب يديك طوباك وخير لك. امرأتك مثل كرمة مثمرة في جوانب بيتك. بنوك مثل غروس الزيتون حول مائدتك. هكذا يبارك الرجل المتقي الرب. يباركك الرب من صهيون.. وترى بني بنيك" (مز 128: 1 - 6).
عليك إذاً لكي تحتفظ بكيان بيتك أن تتأمل كلمة الرب ليلاً ونهاراً, أن تتلذذ بكلام الله, أن تقول مع إرميا "وجد كلامك فأكلته فكان كلامك لي للفرح ولبهجة قلبي" (إرميا 15: 16). أن تعرف وصايا الله وتعطيها بسرور "فإن هذه هي محبة الله أن نحفظ وصاياه.. ووصاياه ليست ثقيلة" (1 يو 5: 3) "إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض. وإن أبيتم وتمردتم تؤكلون بالسيف لأن فم الرب تكلم" (إش 1: 19, 20).
(9) ارع حبك بحفظ حق كل منكما في الاستقلال
إن كنت قد تزوجت معتقداً أنك تستطيع تغيير الكثير في شريك حياتك فأنت مخطىء.
قلت لمرة لشاب مقبل على الزواج: ولكنك ذكرت لي أن هناك صفات لا تعجبك في فتاتك؟ فأجاب: "سوف أشكلها بعد الزواج على القالب الذي أريده"
وباليقين أنه فشل تماماً في عمل هذا التشكيل.
إن أردت أن ينمو حبك ويترعرع مع الأيام فاحترم الاختلافات التي في شريك حياتك.. أو شريك حياتك.
إنه عندما يبدأ الزواج, أو الزوجة في عملية "التغيير" أو "التشكيل" للطرف الآخر, فإن اشارة الخطر ستضيء بلونها الأحمر – وسيقول الطرف الذي يحس بأنه هدف التغيير "إذاً أنت لا تحبني كما أنا.. وأنا لا أسعدك, وأنت لا تقبلني كما أنا عليه.. فلأستعد إذا للصراع والنزاع".
وباليقين يبدأ الصراع, ويقوم النزاع.
فكر في الخلافات أو الاختلافات الذي في الشخص الذي ستشاركه رحلة الحياة قبل أن تتزوجه, وانظر هل ستستطيع أن تعيش بسرور مع هذه الاختلافات, أو أنك ستحاول تغييرها بعد انقضاء شهر العسل؟
إن أية محاولة لحرمان أي طرف في الزواج من الإحساس بوجوده, وكيانه, واستقلال شخصيته سيكون مصيرها أن تهرب السعادة من النافذة.
فارع حك بقبول واحترام الاختلافات الموجودة في شريكة حياتك, وبحفظ حق كل منكما في الاستقلال.
(10) ارع حبك بحياة التكريس الكامل
التكريس الكامل للرب هو الإبقاء على الحب.
هذا يعني أن يكون الرب هو مركز عبادة الزوجين, ومصدر سعادتهما الحقيقية.. وحين نفقد التكريس الكامل يبدأ الحب في الذبول..
عندما كان إبراهيم يبني مذبحاً للرب ويدعو باسمه, كان حبه لسارة يزداد.. لكن عندما كان يبتعد عن المذبح ويتوقف عن العبادة والخدمة, كان يقول لها "قولي أنك أختي. ليكون لي خير بسببك وتحيا نفسي من أجلك" (تك 12: 13). كان على استعداد للتضحية بها في سبيل نجاته.
إن التكريس الكامل هو العمود الرخامي الذي يلهب حب الزوجين, وهو وسيلة "الامتلاء من الروح القدس", وحين يمتلىء الزوجان من الروح القدس تذوب المشاكل التي بينهما وتحل محلها السعادة الممنوحة من الله.. هذه حقيقة تؤكدها كلمات بولس الرسول::
"ولا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح. مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية مترنمين ومرتلين في قلوبكم للرب. شاكرين كل حين على كل شيء في اسم ربنا يسوع المسيح لله والآب. خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله" (أف 5: 18 – 21).
فحين يكرس الزوجان حياتهما بالكامل للرب. ويختبر حياة الملء بالروح القدس, فستمتلىء جوانب بينهما بالمزامير والتسابيح والأغاني الروحية وستمتلىء قلوبهما بالترنيم والترتيل, وستمتلىء أفواههما بالشكر في كل حين على كل شيء, وسيعيشا حياة الخضوع الواحد للآخر في خوف الله.. وسيزدهر حبهما مع الأيام, فيصبح صداقة وطيدة, سجلها الله يوم زواجهما في السماء, وتعهداها بالرعاية والعناية حتى أصبحت شجرة خضراء مثمرة بأجمل وأحلى الثمار.
فارع حبك ولا تأخذ شريكة حياتك أو تأخذي شريك حياتك كأمر مسلم به.. فالإنسان يتغير بالظروف, ويتغير بمرور السنين , وطوبى للزوجين اللذين يسيران معاً رحلة الحياة في خوف الله, ويتطور زواجهما مع الزمن فيصبح صداقة متينة وطيدة مؤسسة على الحب الصحيح.<
- عدد الزيارات: 19827