المسيح في سفر الأمثال
الفصل الثالث
إن سليمان كان رمزاً إلى المسيح: 1- لأن اسمه "سليمان ومعناه سلام، والمسيح هو سلامنا الذي جعل الاثنين واحداً" (أفسس 2: 14). فهو رمز بالاسم إلى الاسم وهذا عجيب. 2- لأن أيام ملك سليمان كانت كلها أيام سلام كما كانت حياة المسيح كلها حياة سلام حتى أن الحروب كفت في أيام وجوده على الأرض. 3- لأنه لم يوجد في كل ملوك الشعب المختار من اتسع ملكه اتساع ملك سليمان، فكان رمزاً إلى ملك المسيح الذي اتسع إلى كل أركان العالم والذي سيملك حتى يضع الجميع تحت قدميه.
وأمامنا في أمثال سليمان ما ينبئ بأنه تكلم عن المسيح في شخص الحكمة. وقد أكّد دارسو الكتاب المؤمنين أن لكلمة "الحكمة" في سفر الأمثال معنى أسمى من صفة الحكمة البشرية المعلومة، وأن الحكمة المذكورة في سفر الأمثال هي هي الذات الأحدية الإلهية المدلول عليها بلفظ "الكلمة" أي كلمة الله المتجسد في العهد الجديد.
وها نحن موردون جدولاً ذا نهرين في الموضوع نقلاً عن كتاب "المسيح في جميع الكتب”
الحكمة |
الكلمة |
منذ الأزل مسحت منذ البدء منذ أوائل الأرض (أم 8: 23) |
في البدء كان الكلمة (يو1: 1) |
لما ثبّت السموات كنت هناك أنا لما رسم دائرة على وجه الغمر … لما رسم أسس الأرض (أم 8: 27) |
والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان (يو 1: 3) |
كنت عنده صانعاً (أم 8: 30) |
الذي به أيضاً عمل العالمين |
الرب قناني أول طريقه من قبل أعماله منذ القِدم (أم 8: 30) |
الذي هو قبل كل شيء وفيه يقوم الكل (كو 1: 17) |
وكنت كل يوم لذته فرِحة قدامه (أم 8: 30) |
أنت ابني الحبيب بك سررت (لو 3: 22) |
لي المشورة والرأي. أنا الفهم (أم 8: 14) |
|
وأبحث عنها (عن الحكمة) كالكنوز (أم 2: 4) |
المذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم (كو 2: 3) |
يا جُهَّال تعلموا فهماً (أم 8: 5) |
أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال (لو 10: 21) |
الحكمة تنادي... ارجعوا عن توبيخي (أم 1: 20 و32) |
إن لم ترجعوا.. فلن تدخلوا ملكوت السموات (متى 18: 3) |
أما المستمع لي فيسكن آمناً ويستريح من خوف الشر (أم 1: 33) |
تعالوا إلي يا جميع المتعبين وأنا أريحكم. (متى 11: 28) |
ألعل الحكمة لا تنادي لكم أيها الناس أنادي (أم 8: 1 و4) |
وقف يسوع ونادى إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب (يو 7: 37) |
هلموا كلوا من طعامي واشربوا من الخمر التي مزجتها (أم 9: 5) |
أنا هو خبز الحياة من يقبل إلي فلا يجوع (يو 6: 35) |
أنا أحب الذين يحبونني والذين يبكرون إلي يجدونني (أم 8: 17) |
ابن الله الذي أحبني (غل 2: 20) واطلبوا تجدوا (متى 7: 7) |
من يجدني يجد الحياة (أم 8: 35) |
من يؤمن بي فله حياة أبدية (يو 6: 47) |
طوبى للذين يحفظون طرقي (أم 8: 23) |
إن حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي (يو 15: 10) |
اسمعوا فإني أتكلم بأمور شريفة الخ (أم 8: 6، 8) |
وكان الجميع... يتعجبون من كلمات النعمة الخارجة من فمه (لو 4: 22) |
1- لقد ظهر من هذا الجدول وهذه المقابلات بين أقوال سفر الأمثال وأقوال العهد الجديد أن "كلمة الله" في العهد الجديد هو ذات "الحكمة" المذكورة في سفر الأمثال بلا خلاف كما كما علمنا الروحى ذلك. ومما يشير إلى أن "الحكمة" المذكور في الأمثال هو المسيح قول سليمان بلسان المسيح نفسه: "منذ الأزل مُسحت" ومن المعلوم أن الملك إذا مُسح صار مسيحاً من تاريخ المسحة. ومسحة ربنا يسوع المسيح منذ الأزل بلا تاريخ لأنها قبل التاريخ بل قبل كون العالم (ولكن لم تعلن إلا ابتداء من سقوط آدم مع أنها أزلية بلا بداية) فإن معنى "منذ الأزل" منذ كانت أيام الأزل التي لا بداية ولا نهاية لها. وهذا واضح من مزمور 90: 2 "من قبل أن تولد الجبال أو بدأت الأرض والمسكونة منذ الأزل إلى الأبد أنت الله". فمسحة المسيح أزلية بلا بداية، وذلك مؤيد لقول الحكيم: “لما ثبّت السموات كنت هناك أنا … لما وضع للبحر حده فلا تتعدى المياه تخمه لما رسم أسس الأرض كنت عنده صانعاً وكنت كل يوم لذته وفرحة قدامه” (أم 8: 27-30). فلا يمكن أن يقول أحد بوجود مخلوق يعمل مع الله في الخلق ويكون مع الله صانعاً، لأن المخلوق لا يكون قبل الخلق، ولا يعمل في الخلق إلا من كان موجوداً قبل الخلق، ولا يوجد قبل الخلق إلا الخالق، ولا خالق إلا الله الأزلي الموجود منذ الأزل وإلى الأبد. وعلى هذا القياس المعقول المعزز بنصوص الكتاب فالمسيح هو الله الكائن الأزلي العامل مع أبيه في الخلق والذي كان "لذته وفرحاً قدامه" قبل الخلق. ألا ترى أن "الحكمة" هو الكلمة كما مر؟ ألا ترى أن "الكلمة" كان في البدء عند الله؟ من ذا الذي يتجاسر على إنكار لاهوت المسيح الذي هو الحكمة؟
قال الكاتب الوحي إليه في أمثال 3.: 3و4 "لم أتعلم الحكمة ولم أعرف معرفة القدوس. من صعد إلى السموات ونزل؟ من جمع الريح في حفنتيه؟ من صرّ المياه في ثوب؟ من ثبت جميع أطراف الأرض؟ ما اسمه وما اسم ابنه إن عرفت؟" في العدد الرابع خمسة أسئلة متوالية متتابعة. وكان السائل إذا سأل أحد أحبار اليهود عنها سؤالاً فسؤالاً يجيب الحبر على كل من الأربعة الأولى بقوله "أدوناي" ومعناه السيد القدير (أي الله) وهو الاسم المستعار لفظاً عن "يهوه" الرب إله إسرائيل لأنه لا يجسر على النطق بالاسم الأعظم فيقول بدلا منه "أدوناي". ولكن متى وصل إلى السؤال الأخير "وما اسم ابنه إن عرفت؟" فهناك ينبغت المسئول ويصفرّ وجهه ويرجع إلى الوراء ويسكت سكوتاً تاماً. وإذا تكلم بعد هذا السكوت المصحوب بالذهول فيقول: “وأما اسم ابنه فلا أعرف لأنه سر من أسراره وما علينا إلا أن نؤمن به".
ولكن شكراً لله الذي لم يتركنا في هذه الحيرة بل أرسل ابنه فتجسد في ملء الزمان وصرّح على ملإ اليهود أنه ابن الله الوحيد حتى قام اليهود عليه ليقتلوه لأنه قال أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله (يوحنا 5: 16-18). ولو كان اليهود قد فهموا هذه الحقيقة لعبدوه بدلاً من الكفر به وهم مشابهون لكل من يكفر ببنوته المؤسسة على كتاب النبوة. ونحن نكتفي هنا بالقليل عن الكثير، والله ولي العناية والتدبير.
- عدد الزيارات: 10901