Skip to main content

الفصل الثاني: أيديولوجية وتنظيم - العبد والماسونية

الصفحة 6 من 6: العبد والماسونية

 

العبد والماسونية*

قال البعض بوجود علاقة غير مباشرة لجمعية برج المراقبة بالماسون، وقال غيرهم بانتماء تشارلز رصل إليهم. * وللأطروحتين بواعث عدة منها، أنّ رصل وأتباعه أقاموا اجتماعاتهم لعشرات السنين في قاعات الماسون، [36] وأنّ رموز الماسون زينت مؤلفات رصل، كما أنّ رمز مجلة برج المراقبة قديماً وحديثاً له علاقة بالماسون وفرسان الهيكل. * زد على ذلك انحدار رصل من عائلة ارتبط تاريخها بتجارة الأفيون وقد قام أحد أفرادها، وهو ويليم رصل سنة 1832 بتأسيس جماعة "فرسان الموت" Skull & Bones، وهي جماعة شيطانية خرجت من رحم الماسونية وضمت العديد من الشخصيات المرموقة في الولايات المتحدة.

وأسوق أمامنا ثلاثة إشارات أساسية في هذه المسألة:

1 – كان لرصل تعلق مشبوه وغامض بهرم الجيزة أو الهرم الأكبر، الذي يشكل عاملاً أساسيا في عبادة الماسون المرتبطة بالديانات القديمة. وقد اعتقد بعلاقة تقوم بين الهرم والنبوّات المتعلقة بنهاية العالم *، فسماه "حجر الشهادة الإلهي"، وقال: "الهرم الأكبر هو بمثابة مستودع مليء بالحقائق العلمية والتاريخية والنبوية، وشهاداته تتوافق تماما مع الكتاب المقدس...الحكمة الإلهيةتقف خلف شكلها الهندسي ومخططاتها وإنها عامود الشهادة كما سماها النبي ["يكون علامة وشهادة لرب الجنود في أرض مصر"(إشعياء 19: 20)]". [37]

2 - الإشارة الأوضح نراها في عظة ألقاها رصل في محافل للماسون، قال فيها: "...وأنا ماسوني حر ومعترف به ... لدي أصدقاء من الماسون، وأدرك أن الماسونية تحتوي على حقائق ثمينة... لهذا يندهش أصدقائنا الماسون حين نتحدث إليهم عن الهيكل ومعانيه وكيف يصبح المرء ماسونياً صالحاً، وعن الهرم، رمزكم الفعلي، وما يعنيه الهرم الأكبر...".[38] عظته يمكن التأمل بها من منظورين، أن يكون رصل اتبع نهج الرسول بولس في حديثه إلى أهل أثينا ليوصل إليهم الحق بلغتهم، أو أنه حاول التقريب ما بين الماسونية ومعتقده. وقد تكون النظرة الثانية هي الأقرب إلى الصواب، ولعلّ في تصريحاته الآتية التأكيد.

3 – في عظة أخرى يقرّب رصل بين مسيح المسيحية و"مسيح الماسون" حيرام أبيف، فيقول: [39]"منذ زمن بعيد والأمم المتمدنة تنتظر المسيح العظيم، ملك المجد... لقد انتظر الماسون2500 سنة مجيء نفس الشخصية المجيدة المتمثلة في حيرام أبيف،

-------------------------------

*"الماسون" Free-masons ، أي "البناؤون" هم جماعة دينية سرية غامضة، ترجع نشأتهم إلى اسطورة سابقة للميلاد، حيث عاش المهندس والشهيد الماسوني الأول حيرام أبيف باني هيكل سليمان. هو عندهم مثل "المسيح القادم"، يأتي ليعيد بناء هيكل سليمان في فلسطين. عُرف الماسون بشكل خاص بعد تدمير أورشليم، حينها تشكلت الحركة بهدف إعادة بناء الهيكل، لهذا فإن غالبية رموزهم ومصطلحاتهم تتعلق بالهندسة المعمارية. ينتسب للماسونية أشخاص من كل طبقات المجتمع، من قادة أديان وطوائف، إلى سياسيين، فعلماء، فأصحاب رؤوس أموال، ومشاهير، وفنانين. أهم أهدافها اثنان: أ - السيطرة على العالم بواسطة منظمات خلقتها هي لهذا الغرض كالصهيونية والعصر الجديد ب – التآمر على تخريب المسيحية، بالاعتماد على أساليب شيطانية عديدة ومتنوعة.

* منهم أصحاب قاموس ( Occult Thekrasy ) الذين أدرجوا اسم تشارلز رصلتحت رقم 737 بين مشاهير الماسون.

* انظر الصور رقم 5 و6 في نهاية الكتاب. كان عنوان المجلة قديما "برج المراقبة، صهيون"، ثم أزيلت "صهيون" فيما بعد. واللافت أنهم يترجمون الاسم القديم في المطبوعات العربية إلى "برج المراقبة، زيون" (كتاب " بحث الجنس البشري عن الله"). فهل هي محاولة لإخفاء الانتماء أم مراعاة الشعور العربي أم سوء ترجمة، ولو إننا نستبعد الاحتمال الأخير.

الماسوني العظيم، الذي تعيّن موته و تمجيده ومستقبلهقبل أن تعلنهما الأحرف المنقوشة على حجر قبره. لقد مات، على حد قولهم، موتة قاسية بسبب ولائه للأسرار الإلهية المنقوشة في معبد سليمان"*ويسترسل في تصريحاته جاعلا العهد القديم مصدرا لكل الديانات الكونية ومنها الماسونية: "بالحقيقة، كون اليهود، والمسلمون، الكاثوليك والبروتستانتوالماسون الأحرار يؤسسون إيمانهم على العهد القديم، فهذا أساس يؤدي إلى تفاهم أفضل".ويأتي على ذكر الماسونية وكأنها جزء من الكيان المسيحي: "لا ننسى الماسون، الأتباع القدامى، المشيخيين، الميثوديست، الاسقفيين، اللوثريين ، الروم كاثوليك ... الخ".

هذه إشارات لا تجرنا إلى تأكيد أو نفي قطعي لعلاقة قامت بين رصل والماسون، كما ولا يمكننا رصد يد ماسونية أقدمت على تأسيس جمعية برج المراقبة، لكن نظراً لمعرفتنا بأساليب الماسون لا نستبعد أنهم استغلوا انحراف رصل وتلاميذه عن الحق المسيحي فجندوهم من أجل بث تعاليم فاسدة في العالم المسيحي على أنها تعاليم مسيحية حقة. إنّ بطون التاريخ تذكرنا بمؤامرات شبيهة حيكت للمسيحية بأدوات الغنوسية والآريوسية.

دليلاً ملموساً على كونهم أداة في يد الماسونية تم تقديمه في دعوة قضائية رفعت ضدهم سنة 1924 في بلدة سانت غالن بسويسرا، إثر ارتياب البروتستانت في أنشطتهم ومصادرهم المالية الغامضة. تمثل الدليل في رسالة وجهها "أخ" ماسوني من ذوي الدرجة العلية في أمريكا إلى "أخ" آخر في سويسرا، مضمونها:

"سؤالك الثاني بخصوص تلاميذ الكتاب المقدس المتمركزين في بروكلين- نيويورك. بالتأكيد لنا أغراض مع هذه الجماعة. وكما تعلم نمدهم بطرق غير مباشرة بأموال كسبناها أثناء الحرب، الأمر الذي لا يضر جيبهم الواسع. إنهم مُلك لليهود. في الربيع القادم قد يحضر إلى أوربا رجل قانون رفيع المستوى، هو السيد رذرفورد، ليلقي خطب دعائية. وهاأنا انتهز الفرصة أخي العزيز فأناشدك، أن تبذل ما بوسعك لتمنع تعّرض الصحافة ومقالاتها لعمله، مستعينا بأخوتنا في الصحافة السويسرية. بذلك نتجنب تقييماً سلبياً لعمل تلاميذ الكتاب المقدس في سويسرا. نحن بحاجة ماسة إلى هؤلاء الناس كرسل لنا...إنّ السبيل للسيطرة على بلد ما هو استغلال ضعفه وتقويض قوته. أعداءنا هم البروتستانت والكاثوليك في أوربا، وعقائدهم تفسد مخططاتنا، لذلك نعمل ما في استطاعتنا للحد من تزايد عددهم والاستهزاء بهم".*

عند البعض، علاقة شهود يهوه بالماسونية لاتتعدى كونها فرضية تفتقد إلى براهين قطعية. وإذ نرى أن إيجاد براهين تتعلق بأنشطة الماسونية السرية من الأمور الصعبة، نسند حكمنا في هذه المسألة إلى مواقف شهود يهوه من المسيح والتعاليم المسيحية.

--------------------------------

* لشدة عشقه لهذه النظرية، أمر رصل ببناء هرم فوق قبره الواقع شمال مدينة بتسبرغ في مقاطعة بنسلفانيا، وقد زُخرِف بالطريقة النموذجية التي للماسونية، كما وزين بكتاب مقدس وصليب ورمز برج المراقبة. وتتجنب جمعية برج المراقبة التطرق إلى ذكره، فتصور غالبا الحجر الذي بجانبه بمعزل عن الهرم. انظر الصور 3 و4 في نهاية الكتاب.

*"The great Messiah, "King of Glory," has long been waited for by the civilized nations… Free Masons have waited twenty-five hundred years for the same glorious personage, as Hiram Abiff, thegreat Master Mason whose death, glorification and future appearing are continually set before them by the letters upon their keystones. He died a violent death, they claim, because of his loyalty to the Divine secrets typed in Solomon's Temple"

"The fact that the Jews and Mohammedans, Catholics,Protestants and Free Masons all base their faith on the Old Testament of the Holy Scriptures, is ground for the better understanding pleaded for."

"We are not forgettingthe Masons, the Old Fellows, the Presbyterians,the Methodists, the Episcopalians, the Lutherans, theRoman Catholics, etc."

وفي مواقفهم يلحظ المرء قواسم مشتركة كثيرة مع الماسونية، منها: التقبيح بعقيدة الثالوث، والطعن في لاهوت المسيح. إنكار حياة ما بعد الموت، ونفي العذاب الأبدي. تحقير الأعياد المسيحية كالميلاد والقيامة. إلغاء كلمة كنيسة واستخدام تعبير "محفل" للإشارة إلى تجمعاتهم. إلغاء التناول من مائدة الرب. القول بتحريف الكتاب المقدس. أما على الصعيد التنظيمي فهناك تشابه مع الماسونية في القيادة الديكتاتورية، وحث المشايعين على تقديم الطاعة العمياء والولاء الكامل، والالتزام بالوحدة بأي ثمن، وتجنب كل انتقاد للدستور والنظام. هناك تشابه في القمع الفكري، والسيطرة بواسطة الإرهاب النفسي، ومعاقبة المخالفين وفصلهم، وفي الحفاظ على السرية التامة، والتجسس على المعارضين والوشاية بهم. أما من الناحية الأيديولوجية فلا تفوتنا الربط التي تقوم بينهم وبين منظمة "العصر الجديد" New Age ، وهي إحدى أوجه الماسونية العصرية. ومن هذه الاعتقادات، إمكانية الوحدة الأخوية بين طبقات المجتمع المختلفة في ظل سلام عالمي، وحلول "نظام عالمي جديد".

-----------------------------------

* نُشرت الرسالة بدايةً في الصحيفة السويسرية Der Morgenبتاريخ 18. 05 .1923وكانت قد حصلت عليها من "الأخ" الماسوني السويسري Herbert von Bomsdorff-Bergenبعد انفصاله عن الماسونية سنة 1923. ونشرتها صحف ألمانية، منها August 1925 ، Ludwigshafener Abwehr Nr. 2

الصفحة
  • عدد الزيارات: 16463