Skip to main content

الإصحاح الرابع والثلاثون: الدفاع عن صفات الله - اتهام أيوب لله بالظلم

الصفحة 3 من 6: اتهام أيوب لله بالظلم

(ع 5- 9) اتهام أيوب لله بالظلم.

إن أليهو، كما سبق القول – يعالج أقوال أيوب بإنصاف فهو إما يقتبسها أو يلخصها. أو يخرج منها باستنتاج. ولقد طالما أعلن أيوب، المرة بعد الأخرى، أنه بار. ولا ذنب له (انظر ص 10: 7) وهذا هو محصل شكواه ضد الله. وأعلن أن الله نزع حقه (ص 27: 2)، فإذا اعترف بخطيئته، وهو بريء، فإنه يكون كاذباً، وجرحه عديم الشفاء برغم كونه دون ذنب (ص 23: 2، 30: 23... الخ).

على أن أليهو يشبه هذه الأقوال بأخلاق الأشرار الذين يضع أيوب نفسه في زمرتهم بتوكيداته وتبريراته. فكان يشرب الهزء كالماء. (انظر ص 15: 16). ذلك أنه إذا فقدنا الإيمان ببر الله، فما الذي يبقى؟ هذا سلوك "في مشورة الأشرار" أشد خطراً من صور الشر الظاهرية.

النتيجة لتعلم كهذا هي أنه لا فائدة من السعي لإرضاء الله أو الشركة معه تعالى. ويا لها من تهمة مرعبة تخرج من شفتي أحد أولاد الله! نحن نشكر الله لأن إيمان أيوب لم يفن على الرغم من سحابة عدم الإيمان هذه، لكن أمانة أليهو اقتضته أن يضع المشرط على رأس الدمل الذي كان أشد خطراً من أوجاعه الجسمانية. وكم ذا يختلف ما تكلم به سيدنا المبارك وهو في طريق وحدته "حبال وقعت لي في النعماء". وفي أحلك الساحات كان يبرر طرق الله قائلاً "وأنت القدوس".

"لأن أيوب قال قد تبررت والله نزع حقي". أو "أنا بار" وهو في الواقع كان كذلك بالمعنى الذي أنكره عليه أصحابه الثلاثة ولكنه لم يكن باراً فيما يتعلق بتمجيده الله، إذ هو بالأسف قد استذنب الله – قائلاً: "الله نزع حقي! عند محاكمتي أكذب. جرحي عديم الشفاء. من دون ذنب" (ع 6). يقول أيوب، إن هذا شيء لا يحتمل ولا يطاق، وهو قول غير لائق منه على الإطلاق. "فأي إنسان كأيوب يشرب الهزء كالماء". ذلك لأن قدراً كبيراً من الكبرياء كان رابضاً في قلب أيوب الذي: "يسير متحداً مع فاعلي الإثم" (ع 8). وكان أليهو يقول: "إنه شيء بغيض من غير المؤمنين أن يقولوا مثل هذا القول، فهل تقوله أنت يا أيوب! "لأجل ذلك اسمعوا لي يا ذوي الألباب".

تفنيد الاتهام
الصفحة
  • عدد الزيارات: 13335