الإصحاح الحادي والعشرون: جواب أيوب لصوفر - تشكيلة من اختبارات الأشرار
(ع22-26) تشكيلة من اختبارات الأشرار.
"الله يعلّم معرفة؟" الآن يتجه أيوب إلى الله ليبرره في أحكامه "وهو يقضي العالمين. هذا يموت....". إن أيوب ينظر إلى الناحيتين. لقد أشار صوفر إلى الحق باعتباره ذا حدين، ولكنه مجرد كلام لم يحاول صوفر أن يطبقه عملياً على الإطلاق كان عنده قولاً مأثوراً. مجرد حكمة أو آية ذهبية – دون أن يكون المعبّر الحقيقي عن شعوره وحياته. أما أيوب فكان له الحق في الباطن "هذا يموت في عين كماله. كله مطمئن وساكن".
أحواضه ملآنة لبناً ومخ عظامه طرئ. وذلك يموت بنفس مرة ولم يذق خيراً كلاهما يضطجعان معاً في التراب والدود يغشاهما، والعالم اللاهي يذهب إلى جنازتهما مشيعاً إياهما إلى مقرهما الأخير وهو يظن أن كليهما بخير وأن الأمر سيان مع الاثنين لا فرق بين هذا وذاك. وهم يرجون أن كل واحد سيذهب إلى السماء ما لم يكن شريراً جداً – شريراً فاضحاً! ولكن ما هي الدينونة بحسب الله؟
الدينونة بحسب الله هي أنه إذا كان قد مات لأجل الجميع فالجميع إذاً ماتوا. أي كانوا أمواتاً. هذه هي حالة الإنسان. فلا سؤال إطلاقاً بشأن حالتهم أو نهايتهم هناك. الأمر معروف وثابت ومقرر وهو مات لأجل الجميع جميع البشر. فجميعهم بلا عذر. وموت المسيح يضعهم إذا لم يؤمنوا في حالة أردأ مما لو كان المسيح لم يأت إطلاقاً ولم يمت إطلاقاً. وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء. آه، هنا الفرق – كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم. ذلك ما كانوا يفعلونه جميعاً قبل الإيمان، كانوا يعيشون لأنفسهم. فالأموات – الأموات روحياً – لا يعيشون إلا لأنفسهم. قد يكون حياً في الصيت أو المجد العالي، وقد يكون سعياً وراء مديح الناس أو ثناء العالم وهذا كله معناه إنهم يعيشون لأنفسهم وليس له.
ولكن المؤمن، يعيش لذاك الذي مات لأجلنا وقام. لا يقال للجميع. إن قيامة ربنا يسوع المسيح هي العربون بأنه له المجد سيكون الديان لجميع الذين لا يؤمنون.
والقيامة للمؤمن هي العلامة من قبل الله بأن خطاياه قد محيت جميعها، فإن ذاك الذي اخذ على عاتقه مسؤولية خطايانا قد نزل إلى القبر، والله أقامه ليبرهن لنا على أن خطايانا قد انتهت. وذلك للمؤمنين فقط وليس لأحد غيرهم. وماذا عن الآخرين؟.
الإنسان المقام هو الذي سيدين الجميع. ذلك ما أعلنه الرسول للاثينيين لم يكن الاثينييون مؤمنين، ولذلك فإن الرسول لا يشير إلى أحد منهم باعتباره مبرراً. ولكنه يخبرهم بأن قيامة الرب هي البرهان والعربون الذي يقدمه الله للتدليل على أنه سيدين جميع المسكونة بذلك الرجل أو الإنسان الذي أقامه من الأموات. والشيء الذي يجعل الأمر خطيراً غلى هذا الحد هو آن الإنسان هو الذي وضع الرب يسوع له المجد في القبر. الإنسان هو الذي قتله. والله هو الذي أقامه. وذلك الإنسان أو الرجل المقام سيدينهم جميعاً- جميع من لا يوجدون أحياء- جميع المسكونة إن المقصود هنا ليس دينونة العرش العظيم الأبيض بل دينونة الرب للمسكونة عندما يأتي ثانية في سحائب السماء وهو لا يتكلم هنا عن مجيئه لأخذ جميع الذين للمسيح، بل عن مجيئه لإجراء الدينونة على جميع الذين ليسوا للمسيح.
والواقع كما يستطرد أيوب، إن اختبارات الأشرار تتغاير، ثم يتساءل: من ذا الذي يحاكم الله بسبب هذه المعاملات المتغايرة؟ فواحد يموت في هدوء في إبان نجاحه الوفير، كما يقول المرنم "ليس في موتهم شدائد" ويقطع آخر في تعاسة وشقاء. كلاهما يصلان في القبر إلى نهاية مشتركة. وإذا الأمر هكذا فلا يليق بأصحابه أن يقرروا، كقاعدة ثابتة، أن القضاء في هذه الحياة هو برهان على الخطية، والنجاح دليل على البر: كلٍ في دوره ومع أنه لم يصل إلى حل مشكلته فقد استطاع في القليل أن يجادل أصحابه ويستحثهم "ألّا يحكموا في شيء قبل الوقت".
- عدد الزيارات: 18716