الفصل الخامس - نهاية الإمبراطورية البابلية - الموازين الإلهية
الموازين الإلهية
"في تلك الساعة ظهرت أصابع يد إنسان وكتبت بإزاء النبراس على مكلس حائط قصرالملك والملك ينظر طرف اليد الكاتبة. حينئذ تغيرت هيئة الملك وأفزعته أفكاره وانحلت خرز حقويه واصطكت ركبتاه.. وهذه هي الكتابة منا منا تقيل وفرسين.. تقيل وزنت بالموازين فوجدت ناقصاً" (دانيال 5: 5 و 6 و 25 و 26)
"في تلك الساعة".. ساعة الاستهانة بالله وبآنية بيته.
"في تلك الساعة".. ساعة احتساء الخمر والخضوع لتأثيرها. الساعة التي فيها حركت الخمر الحيوان الكامل في الإنسان، وبدأ كل عظيم يراقص امرأة عارية أ, تكاد.. وانتزعت قوانين الحياء.. وتدانى فيها الملك تحت سلطان الخمر فصار كأحد السفهاء..
"في تلك الساعة".. في وسط الموسيقى الصاخبة، والكؤوس تدور فتدير الرؤوس.. والبهجة في دور اكتمالها.. والمكان يتلألأ بالأنوار وتفوح منه رائحة الزهور.
"في تلك الساعة ظهرت أصابع يد إنسان" (دانيال 5: 5)
يد من هذه اليد الإنسانية
هل هي يد ملاك أرسله الله ليكتب قضاءه الأخير على الملك بيلشاصر؟
أم هي يد المسيح سجلت قضاءه على ذلك الملك الشرير؟ في اعتقادي أنها يد الرب يسوع المسيح.. فالدينونة والقضاء له "لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن. لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يوحنا 5: 22 و 23)
هذه اليد الإنسانية الكاتبة هي إذاً يد الرب يسوع المسيح "الرب الديان العادل" (2 تيموثاوس 4: 8). وقد سجلت هذه اليد كلماتها النارية.
"وزنت بالموازين فوجدت ناقصاً" (دانيال 5: 27)
وكل إنسان عاش على أرضنا لا بد أن يوزن بموازين الله. والرب يزن كل دوائر حياة الإنسان.
فو يزن روح الإنسان.
"كل طرق الإنسان نقية في عيني نفسه. والرب وازن الأرواح" (أمثال 16: 20)
وهو يزن قلب الإنسان.
"كل طرق الإنسان مستقيمة في عينيه والرب وازن القلوب" (أمثال 21: 2)
"أنقذ المنقادين إلى الموت والممدودين للقتل. لا تمتنع. إن قلت هوذا لم نعرف هذا. أفلا يفهم وازن القلوب.. فيرد على الإنسان مثل عمله" (أمثال 24: 11 و 12).
وهو يزن طرق الإنسان.
"لأن طرق الإنسان أمام عيني الرب وه يزن كل سبله" (أمثال 5: 21)
إن الله يزن روح الإنسان ليظهر له مدى إخلاصه في عبادته، فالروح هي مركز عبادة الله (رومية 1: 9). ويزن قلب الإنسان ليعلن له ما فيه من ميول، ومشاعر، ودوافع. (مزمور 139: 23 و 24). وهو يزن طرق الإنسان ليريه مدى البعد بينها وبين طرقه. (أشعياء 55: 8 و 9)
ولا بد أن يأتي اليوم الذي فيه يعلن على الملأ نتيجة الوزن، هذا اليوم سيكون رهيباًً، كتب بولس الرسول عنه يقول "إذاً لا تحكموا في شيء قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب. وحينئذ يكون المدح لكل واحد من الله" (1 كورنثوس 4: 5).
وطوبى للإنسان الذي يعرف فكر الله عنه قبل يوم الحساب. هذا الإنسان هو الذي يرفع صلاته لله قائلاً مع داود "اختبرني يا الله وأعرف قلبي امتحني وأعرف أفكاري. وانظر إن كان في طريق باطل وأهدني طريقاً أبدياً" (مزمور 139: 23 و 24).
وزن الله كل دوائر حياة الملك بيلشاصر.. لكن السؤال هو: بأي موازين وزن الله حياة بيلشاصر؟
وزن الله حياة بيلشاصر في ميزان الحق.
قال أيوب "ليزني في ميزان الحق فيعرف الله كمالي" (أيوب 31: 6) وميزان الحق هو ميزات كلمة الله "قدسهم في حقك. كلامك هو حق" (يوحنا 17: 17)
فحياة كل إنسان ستوزن بهذا الميزان "في اليوم الذي فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح" (رومية 2: 16). "لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذي حدين وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ ومميزة أفكار القلب ونياته. وليست خليقة غير ظاهرة قدامه بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا" (عبرانيين 4: 12 و 13)
ولأن الرب سيزن كل إنسان في ميزان كلمته الموحى بها في كتابه الكريم، لذلك فمن واجبك أ، تقرأ هذا الكتاب المقدس، وأن تعرف حقائقه، وأن تدرس نصوصه، وأن تتشبع بمحتوياته، وأن تطبقه على حياتك. لأنه أحد الموازين التي سيزنك الله بها.
- عدد الزيارات: 30465