الفصل الحادي عشر - الملك المتعظم
تستمر الرؤيا المعطاة لدانيال في الإصحاح العاشر إلى نهاية السفر، والملاك المرسل من الله لإعطاء هذه النبوة لدانيال يستمر في حديثه حتى يصل إلى أحداث وقت النهاية.
وينقسم الإصحاح الحادي عشر إلى ثلاثة أقسام
أولاً: زمن الإمبراطورية الفارسية (دانيال 11: 1 و 2)
ثانياً: زمن الإمبراطورية اليونانية (دانيال 11: 3 - 35)
ثالثاً: زمن الوحش الطالع من البحر وأحداث وقت النهاية (دانيال 11: 36 - 45)
ويحتاج دارس سفر دانيال إلى دراسة تاريخ الإمبراطوريات العالمية القديمة.. الإمبراطورية الفارسية، الإمبراطورية اليونانية، والإمبراطورية الرومانية حتى يستطيع فهم نبوات هذا السفر النبوي العظيم.
ينتهي الإصحاح العاشر بالكلمات "ولكني أخبرك بالمرسوم في كتاب الحق" وكتاب الحق هنا هو كما قلنا كتاب الخطة الإلهية المرسومة لهذه الإمبراطوريات، وفيه سجل الله خطته التي قضى بها على الإمبراطوريات التي ستحكم الأرض خلال أزمنة الأمم، وتنتهي بالمجيء الثاني للمسيح، الذي فيه يؤسس الرب يسوع ملكه الألفي السعيد على الأرض. وتسجيل هذا القضاء المرسوم في كتاب الحق يؤكد سيادة الله المطلقة على الأمم والشعوب والملوك والأفراد "وهو يفعل كما يشاء في جند السماء وسكان الأرض ولا يوجد من يمنع يده أو يقول له ماذا تفعل" (دانيال 4: 35) كما يؤكد أنه الإله المطلق المعرفة، الذي يعرف النهاية من البداية والذي يقول "قدموا دعواكم يقول الرب. أحضروا حججكم يقول ملك يعقوب. ليقدموها ويخبرونا بما سيعرض. ما هي الأوليات أخبروا فنجعل عليها قلوبنا ونعرف آخرتها أو أعلمونا المستقبلات. أخبروا بالآتيات فيما بعد فنعرف أنكم آلهة" (أشعياء 41: 21 - 23) [اقرأ أيضاً أشعياء 44: 6 - 8].
هكذا تؤكد النبوات لاهوت إلهنا، فهو الله المطلق الوجود، المطلق القدرة، المطلق المعرفة. وهو الذي كل أعماله حق.
يستمر الملاك حديثه لدانيال فيقول:
"وأنا في السنة الأولى لداريوس المادي وقفت لأشدده وأقويه" (دانيال 11: 1).
انتهت الإمبراطورية البابلية بكارثة قتل بيلشاصر ملك الكلدانيين "فأخذ المملكة داريوس المادي وهو ابن اثنتين وستين سنة" (دانيال 5: 31).
ويقول الملاك الذي يتحدث إلى دانيال "وأنا في السنة الأولى لداريوس المادي وقفت لأشدده وأقويه".
والسؤال هو: من هو الشخص الذي وقف هذا الملاك القوي يشدده ويقويه.. هل هو داريوس أو هو الملاك ميخائيل؟ قال بعض المفسرين أن الملاك وقف ليشدد داريوس حتى يعامل الشعب القديم بالحسنى. لكن في رأينا أن الملاك وقف ليشدد "ميخائيل" في حربه مع رئيس فارس.
ففي السنة الأولى لداريوس المادي، حين انتقلت السلطة من الإمبراطورية البابلية إلى الإمبراطورية الفارسية ترينا القصة المسجلة في الإصحاح السادس أن هناك محاولة جرت لجعل داريوس يقف موقف العداء من الشعب القديم، وكانت أول خطوط هذه المحاولة الإيقاع بدانيال الذي فاق على الوزراء والمرازبة وفكر الملك في أن يوليه على المملكة كلها (دانيال 6: 3). ودبر الوزراء والمزاربة مكيدة للقضاء على دانيال، انتهت بطرحه في جب الأسود، وبأن جاء ملاك وسد أفواه الأسود (دانيال 6: 22) وكان من نتيجة هذا التدخل الإلهي العجيب أن تحولت سياسة داريوس لمصلحة الشعب القديم ونادى في كل مملكته بعبادة إله إسرائيل (دانيال 6: 25 - 27).
فالكلمات "وقفت لأشدده وأقويه" تعود إلى ميخائيل الرئيس القائم للشعب القديم الذي نجح كما رأينا في مهمته بإنقاذه دانيال من الأسود.
- عدد الزيارات: 24555