الفصل الأول - دانيال كاتب السفر - دانيال مع الأقلية الأمينة
دانيال مع الأقلية الأمينة
كان من أسباب قوة دانيال، ارتباطه بمجموعة صغيرة من الشبان الأمناء وهم شدرخ وميشخ وعبدنغو. ويقيناً أن الله قد أبقى لنفسه بقية أمينة في كل وسط شرير، كما قال لإيليا النبي "وقد أبقيت في إسرائيل سبعة آلاف كل الركب التي لم تجث للبعل وكل فم لم يقبله" (1 ملوك19: 18) وأنا أنصح كل مؤمن يريد أن يعيش الحياة الطاهرة وسط العالم الشرير أن يبحث عن هذه الأقلية الأمينة ويرتبط بها، وبهذا لا يحس بأنه وحده في مجتمع شرير.
*كان السر الأول وراء نصرة دانيال هو عزم القلب، وعزم القلب على الحياة الطاهرة يعطي للشباب الشجاعة الأدبية والروحية لمواجهة النجاسات المنتشرة في عالم اليوم.
وهكذا تقدم دانيال "وطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس" (دانيال1: 8).
*وكان السر الثاني وراء نصرته هو ارتباطه بمجموعة من الشبان الأمناء مثله.
*وكان السر الثالث والفعال هو إيمانه الكامل في قدرة الله، فالإيمان هو العامل الفعال وراء كل نصرة في الحياة.
وتقدم دانيال إلى رئيس السقاة بتواضع شديد "فقال دانيال لرئيس السقاة الذي ولاه رئيس الخصيان على دانيال وحننيا وميشائيل وعزريا. جرب عبيدك عشرة أيام فليعطونا القطانى لنأكل وماء لنشرب. ولينظروا إلى مناظرنا أمامك وإلى مناظر الفتيان الذين يأكلون من أطايب الملك ثم أصنع بعبيدك كما ترى" (دانيال 1: 11- 13).
وبهذه الروح المتواضعة " سمع لهم هذا الكلام وجربهم عشرة أيام" (دانيال 1: 14). لكن وراء هذا القبول نجد عمل الله في قلب رئيس الخصيان "وأعطى الله دانيال نعمة ورحمة عند رئيس الخصيان" (دانيال 1: 9)وبغير هذه النعمة وهذه الرحمة ما كان ممكناً أن يسمع رئيس السقاة لاقتراح دانيال وأصحابه ويعرض نفسه لحكم الموت. إن الله يسيطر بقوته ليس فقط على قلوب الرؤساء من الدرجة الثانية بل على قلوب الملوك "قلب الملك في يد الرب كجداول مياه حيثما شاء يميله" (أمثال 21: 1).
عندما قُدِّم يسوع للمحاكمة أمام بيلاطس الوالي الروماني قال له بيلاطس "ألست تعلم أن لي سلطاناً أن أصلبك وسلطاناً أن أطلق:" (يوحنا 19: 10) "أجاب يسوع لم يكن لك على سلطان البتة لو لم تكن قد أعطيت من فوق" (يوحنا 19: 11).
فليت هذا الفكر يمتلكنا كمؤمنين لنعرف أن إلهنا هو سيد الأرض كلها.
أكل الشبان الأربعة القطانى، ويراد بالقطانى عند علماء العرب جميع الحبوب التي تطبخ كالعدس والفول واللوبيا والحمص، واستخدم الله بقدرته هذه الحبوب البسيطة بقوة سرت في أجسادهم وجعلت مناظر هؤلاء الشبان الذين قرروا الاحتفاظ بطهارتهم أفضل من مناظر الشبان الآكلين من أطايب الملك والشاربين من خمره.
"وعند نهاية العشرة أيام ظهرت مناظرهم أحسن وأسمن لحماً من كل الفتيان الآكلين من أطايب الملك. فكان رئيس السقاة يرفع أطايبهم وخمر ومشروبهم ويعطيهم قطانى" (دانيال1: 15- 16) وهكذا أرانا الله أن لقمة يابسة نأكلها ونحن في سلام معه خير من ذبائح كثيرة نأكلها في خصام "لقمة يابسة ومعها سلامة خير من بيت ملآن ذبائح مع خصام" (أمثال 17: 1).
- عدد الزيارات: 45835