الفصل الأول - دانيال كاتب السفر - دانيال وأزمة الطهارة الشخصية
دانيال وأزمة الطهارة الشخصية
عندما جاء دانيال وأصحابه للتدريب والتعليم في قصر الملك البابلي "عين لهم الملك وظيفة كل يوم بيومه من أطايب الملك ومن خمر مشروبه لتربيتهم ثلاث سنين وعند نهايتها يقفون أمام الملك" (دانيال 1: 5).
كانت هذه أولى الأزمات التي مرت بدانيال وأصحابه، ويمكن أن نسميها "أزمة امتحان الطهارة الشخصية" أو "أزمة ضغوط البيئة الاجتماعية، أ, المدرسية، أو الجامعية".
ها نحن نرى دانيال الفتى الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره، صاحب الشخصية القوية، وقد أصبح مهاجراً رغم أنفه، أخذ بالقوة العسكرية من أورشليم حيث الترنيم، والتسبيح، وعبادة الإله الحقيقي الحي، إلى بابل بلد النجاسات والأصنام والسحر. وها هو يرى نفسه في القصر الملكي البابلي يعيش تحت سلطة ملك أوتوقراطى "أيا شاء قتل وأيا شاء استحيا وأيا شاء رفع وأيا شاء وضع" (دانيال 5: 19) ويرى أن هذا الملك قد عين له ولأصحابه الطعام الذي يأكله من أطايب الملك وخمر مشروبه.
ويرى دانيال في هذا الطعام الملكي الشهي نجاسةً وشراً، ذلك لأن هذا الطعام الملكي كان يقدم أولا للآلهة الوثنية، آلهة بابل، وكان الأكل منه يعني الولاء لهذه الآلهة، وهو أمر يتناقض تماماً مع تعليم كلمة الله التي آمن بها دانيال.
"أنا الرب إلهك الذي أخرجك من أرض مصر من بيت العبودية. لا يكن لك آلهة أخرى أمامي" (خروج 20: 2- 3). لقد أدرك دانيال الحقيقة التي سجلها بعده بأجيال طويلة بولس الرسول في كلماته "لا تقدرون أن تشربوا كأس الرب وكأس الشياطين. لا تقدرون أن تشتركون في مائدة الرب وفي مائدة الشياطين" (1كورنثوس 10: 21).
فكيف يتصرف دانيال في هذه الأزمة؟ كيف يقدر أن يجتاز الامتحان العسير؟
"أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه" (دانيال 1: 8).
إن الحياة الداخلية هي قوة الحياة العملية الخارجية، فإذا لم يعزم القلب لا يمكن أن نمارس المبدأ في الحياة الواقعية. ودانيال عرف أن أطايب الملك وخمر مشروبه نجاسة، وقرر في قلبه أن لا يتنجس بهذه الأطايب وهذه الخمر.
- عدد الزيارات: 45837