الاعتراف بالكتاب المقدس وسلطته
قد يتهمني الغير بالتعصب والاستقلال بالرأي على أن مثل هؤلاء المنتقدين لا يزنون ما يقولون، فالتمسك المغلوط بالتعاليم الخاصة والتصرفات الشخصية بدون تصريح إلهي – هذا أسميه تعصباً. ولكن إذا فضضت شركة عزيزة عليّ في سبيل إطاعة كلمة الله وإتمام مشيئته فهل يعد هذا تعصباً؟ وهل هو استقلال في الرأي إذا كنت أترك المذاهب والطوائف جميعاً لأكون على الدوام في المكان الوحيد الذي أستطيع أن أجتمع فيه بالقديسين باسم المسيح بموجب الكلمة وبالاتكال على الروح القدس؟ على أنني لست أفترض أن شخصاً لا يعترف بالكتاب المقدس كحق الله العديم التغير يستطيع أن يتصرف هكذا. إنما أنا أسأل القارئ العزيز الذي يعترف بسلطة الكتاب عما إذا كان يسمح لنفسه أن يترك الأساس المعلن من الله مهما كانت التجارب الداخلية أو الخارجية. لابد أن يتعلق قلبي بصلات عزيزة تولد أمامي صعوبات كثيرة فقد يرجوني أصحابي أن أذهب إلى اجتماعات الطوائف ولو مرة واحدة وعند ذلك يبدو من الصعب أن أرفض رجاءهم لاسيما إذا كانوا هم أنفسهم لا يفهمون قوة العقيدة الإلهية التي ينقصهم أن يعرفوها. وقد أدعوهم أن يحضروا معي حيث اجتمع في حين أنني أرفض أن أذهب معهم حيث هم يجتمعون. فيبدو تصرفي هذا في نظرهم تكبراً وعدم محبة أخوية ويعتبرونه أمراً غريباً. أما أنا فيجب أن يكون هذا الحق واضحاً وجلياً أمامي فربما يكون تصرفي هذا نابعاً من تواضع حقيقي ومحبة ولو اعتبره الجهل الأحمق عجرفة وجفاء.
ولنتصور شخصاً تقياً من رجال الكنيسة السقفية أو سائر الطوائف المنشقة يسألني هذا السؤال البسيط: وكيف تأبى أن ترافقني إلى كنيستي أو معبدي وأنت هو ذلك الحر الطليق في قبول المسيحيين باسم المسيح والرحيب الصدر بهم؟ لمثل هذا يكون جوابي وأنك تستطيع (بحسب مبادئك الخاصة كمسيحي بروتستانتي) أن تحضر هنا بضمير صالح حيث تثق أن رغبتنا الواحدة هي الخضوع لشخص الرب ولكلمته في وحدة جسده وفي حرية روحه القدوس. وبكل تأكيد أنت تعترف أن لا خطية في اجتماع هو بحسب الكتاب المقدس كهذا، لذلك تقدر أن تجتمع معنا. أما من جهتي فإنني موقن بأن تركي للأساس الكتابي، ورحيلي إلى أساس المنشقين أو الانجليكانيين ليس عملاً كتابياً ولذلك فإذا امتنعت عن الذهاب معك فليس ذلك لنقص في محبتي لك بل أخاف الخطية إذ أنكم لا تطلبون أن تجتمعوا على أساس جماعة الله، ولا شك أن الذي يحرضني ضد عقيدتي القوية الواضحة فإنه متعصب وأشر من متعصب لأنني إذا ما اشتركت معه فأنا مخطئ ضد الله ولا محالة. لأن الخطية هي أن يصنع الإنسان مشيئته الخاصة أو مشيئة آخر دون مشيئة الله. فإذا ما طلبت مني أن أترك ما أنا موقن أنه إرادة الله فلابد أن أرتكب خطية إذا وافقتك إلى ما تريد لأن هذا ليس خطية في ذاته فقط، بل هو على الأخص خطية فيّ إذ أنني أعلم – ولو كنت أنت تجهل ذلك – أن تصرفي هذا إنما هو شك في عمل الروح في الكنيسة.
فلا تتزعزع أيها القارئ من تعييرات المعيرين ولا تملق المتملقين إذ لا محبة حقيقية إلا في إطاعة الله (1 يو 5: 2 و 3) ولا تتحول مطلقاً عما تعتقد أنه إرادته تعالى. ربما تكون قد اجتمعت معنا على أساس الله ولك دراية قليلة بالحق وبما يتضمنه من المسئوليات الخطيرة، وربما كان الدافع لك أنك قد تجددت في تلك الاجتماعات، ولكن كيف حالك الآن؟ هل فتشت كلمة الله لكي تتأكد من فكره ومشيئته تعالى؟ وهل ترى أن حضور الروح القدس وعمله في الجماعة هما حق الله؟ ألم يتضح لك في جلاء وصدق أن الله قد أرسل روحه القدوس وأن هذا الحق يجب أن تعترف به وتتصرف بموجبه أنت وجميع المسيحيين؟ إنك لا تستطيع أن تنكر هذا الحق لعلمك أنه من الله، ولكنك قد لا تقدره حق القدر، وهذا أمر آخر فيا ليت الرب يمنحنا أن نقدر هذا الحق أكثر وأكثر.
- عدد الزيارات: 2630