مواهب أولاد الله
فإذا كان الميسور الحكم فيمن هم أولاد الله ومن هم ليسوا كذلك، أتظن أيها القارئ أن الحكم فيمن عندهم مواهب يوازي هذه المسألة غموضاً وإبهاماً؟ إن موهبة التعليم مثلاً تتضمن المقدرة على تفصيل كلمة الله وتطبيقها تطبيقاً صحيحاً؟ وموهبة التدبير والإرشاد – وأرجو أن لا يكون بيننا من ينكر استمرارها للآن – يسعى صاحبها لأن يمارسها بحسب كلمة الله ولكن لنتذكر أن الكتاب المقدس لا يكلمنا عن خضوع أعمى للذين يدبروننا لأنه مفروض أن المخدومين قد استيقظت ضمائرهم وتحررت قلوبهم من نير إبليس واجتُذِبت نحو المسيح. فخدمة المدبرين لهم ليست عبارة عن قيادة أعمى لآخر أعمى، ولا مبصر لآخر أعمى، بل هي قيادة مبصر لمبصر. والمسيح يعطي المخدومين حرية كما يعطيهم حياة، ويجعلهم مسئولين في صنع مشيئة الله. ومن أغراض الله نحو أولاده ألا يسعوا ليخترعوا لأنفسهم نظامات فراراً من الصعوبات التي يجدونها. فهم يحتاجون إلى الإيمان ليجوزوا تلك الصعوبات مع الله. فإذا كانوا حاصلين حقيقة على مواهب من الرب فعليهم أن يُثبِتوا ذلك بواسطة قوتها الحقيقية وإن كانوا يجدون تجارب وصعاباً من حين لآخر، فيرون مثلاً إعراضاً عنهم، أو شكاً من جهتهم، ولكن لينتظروا الرب فسوف يبررهم. وقد حصل هذا مع بولس. فقد ارتاب في رسوليته بعض من أفراد الكنيسة، وممن ولدهم في الإيمان ولكن أتى الوقت الذي فيه برر الرب خادمه العزيز وأخجل الإرادة الذاتية والكبرياء اللتين رفضتا الموهبة الإلهية. والغلطة الكبيرة التي نحن معرضون للوقوع فيها هي عدم الصبر، إذ لا نعطي الرب مجالاً ليعمل. وعدم صبرنا لا ينتج لنا سوى تأخير العلاج الذي نشتاق إليه. لأنه يزيد في مقدار الصعوبات.
- عدد الزيارات: 2625