عمل الله في الأفراد
غير أن هذا لا يمس بأي حال من الأحوال أعمال الله التي يجريها بواسطة الأفراد: فهو يرسل شخصاً لكي يبشر بالإنجيل للعالم، ويقيم آخر لكي يبني أولاد الله. هذه ناحية أخرى من الحق وأنا أشير إليها لأبين فقط أنه مع تشديدنا بضرورة التزام الكنيسة لأن تعترف بحضور الروح القدس غير أن هذا لا يتداخل مطلقاً في عمل الروح في الأفراد لأجل الخدمة. ومع تسليمي بهذا كله في كماله وخطورته فإنني أوجه سؤالاً لضمير القارئ: أين توجد جماعة من قديسي الله يجتمعون معاً ويتركون لروحه القدوس الحرية التامة ليعمل ويستخدم من يشاء كأواني لقوته؟ أفلا يوجد بين قرائي المسيحيين من لم يأخذ مكانه مع تلك الجماعة الوحيدة التي تؤمن عليها كلمة الله؟ إن وجد فإنني أرجوه أن يتأمل ملياً في تلك الكلمة بروح الصلاة وليسأل نفسه كيف عمل هذا؟ قد تكون أيها القارئ عضواً في جماعة الله ومع ذلك لم تعرف مطلقاً تلك الجماعة المجتمعة بحسب الكتاب ولا عرفت عمل الروح القدس كما يوافق تلك الجماعة. قد تكون عضواً في جسد المسيح ومع ذلك لم يسمح الروح القدس قبلاً أن يستخدمك لا أنت ولا بعضاً من أعضاء ذلك الجسد لمجد المسيح ولبنيان أخوتك. إذا كان هكذا فكيف جرى؟ ولماذا تبقى على هذه الحالة؟
إنني أسلم بوجود أسئلة خطيرة في هذا الموضوع وبوجود صعوبات جمة، وأثق أنه ينبغي علينا أن نصلي كثيراً لأجل أولئك المتحيرين منها والمرتكبين بها ولا أخفي عنهم ما يتكلفونه في هذا العالم في سبيل الإخلاص للرب ولكلمته الصادقة، كما أنه لا يجوز لنا (ويل ليت الرب يحمينا من هذا!!) أن ننظر بعين الاستخفاف والبرود إلى أولئك الذين هم في تلك التجربة المحزنة إذ نكون قد تذوقنا شيئاً من مرارتها بأنفسنا. وما الذي نطلبه لأولاد الله أقل من نجاتهم من تلك التجربة ونجاة كل فرد منهم؟ وإلا فليس جميع القديسين الواقفين على أساس فداء المسيح هم من أعضاء جسده؟ أفلم يضعهم الله في كنيسته حسب مسرته؟ وماذا نعمل يا ترى إزاء هذه الحقائق؟ هل نجتمع معاً لنضيف شيئاً على عمل الروح القدس في كنيسة الله؟ الله لا يسمح: فنحن نجتمع معاً لإكرام الرب في يقيننا بحضوره وسطنا. والسبب الإلهي الوحيد الذي لأجله نحن نجتمع باسم الرب يسوع هو أن ذلك الاجتماع بحسب مشيئته والطريقة التي عينها وهو أمر يسره. فإذا اجتمعنا هكذا بالتمام فإن الله يبارك اجتماعاتنا ببركات جزيلة لتهذيب أرواحنا ولتدريب الإيمان. وإلا فهناك خطأ في نفوسنا. فهل أنا إذن متمسك بحضور الروح القدس كمحور اجتماعي؟ إذا لم أكن متمسكاً به فمعنى هذا أنني لم أحصل لنفسي على ما عينه الله ليكون محور الاجتماع، ومعناه أيضاً أنني لا أزال تحت سطوة التقليد بأي شكل ظهرت به، وأنني مستمر على ما فعله آبائي أو على ما يروق لفكري ولكن أين مكان الله من هذه كلها؟
- عدد الزيارات: 2617