تعاليم جديدة
إذن أصبحنا – إزاء هذه الحالة الجديدة، نحتاج إلى إعلان جديد. وقد أعطانا الله ذلك الإعلان، فأعطانا تعاليم جديدة لم يكن لها مكان من ذي قبل. ولو فرضنا أن العهد الجديد كان موجوداً في أزمنة العهد القديم فماذا يكون في أثره حينذاك؟ لا شك أنه كان يحدث ارتباكاً كبيراً. لأن اليهودي لم يكن يعرف كيف يتصرف فيه. قد يجوز أن ما في العهد الجديد من حكمة وجمال وقداسة ومحبة تستوقف اليهودي وتدهشه – غير أنه كان من المحال عليه أن يعرف كيف يتصرف بمقتضاه، أو كيف يوفق بينه وبين الشريعة المعطاة لهم عن يد موسى. إذ يرى أن العهد القديم كان يأمره الانفصال عن الأمم بينما العهد الجديد يخبره أن اليهود والأمم يكونون جسداً واحداً. وإنهم جميعاً واحد في المسيح. ولهم جميعاً قدوم بروح واحد إلى الآب. فما كان في مقدوره أن يوفق بين هذين الأمرين – ولا غرابة إذا قلنا أنه لم يكن مقصوداً أن يتوافقا معاً. فكل منهما لزمان خاص، وحالة تختلف كل الاختلاف عن الأخرى. أما الخلط بين هذين العهدين فهو إحدى وسائل الشيطان التي نجح بها في الكنيسة الاسمية. ويا للأسف فإن هذا هو عين ما حدث في زمان معاملات الله مع اليهود فبينما كان الله يثبت شريعته كان من الشعب أو كسروها. وبينما كان سبحانه وتعالى يتمسك بوحدة اللاهوت اندفع الشعب إلى الأوثان وذهبوا وراء آلهة الأمم فكانوا غير أمناء على الإطلاق لشهادتهم. على أنني أعتقد أن اليهودي على ما كان عليه من ظلام وقلة دراية لفكر الله، كان يرى أن تعاليم العهد الجديد لا تتفق مع دعوته. ولكن الله ما كان ليعطي العهد الجديد بهذه الكيفية، بل بعد أن أكمل العمل الكفاري فوق الصليب، أبرز الله هذه الإعلانات الجديدة تدريجياً. ولماذا يا ترى؟ لأنه قد وجدت حالة جديدة – "إنسان واحد جديد" – لم تكن قبلاً. وإزاء هذه الحالة الجديدة أعطى الله كلاماً جديداً يتفق مع إعلان النسبة التي صارت للمسيحيين بعضهم نحو بعض، ومع عمل الله في الكنيسة التي هي جسد المسيح.
- عدد الزيارات: 2745