Skip to main content

عدم صلب المسيح من خلال أحداث القبض عليه

*لماذا أراد اليهود أن يتخلصوا من المسيح؟

لقد أقلق المسيح المؤسسة اليهودية منذ مطلع خدمته، وقد وجه لهم الاتهامات التي تقوض سلطاتهم وادعى كثيراً من الادعاءات التي كانت تجديفاً من وجهة نظرهم وإذ ندرس مبرراتهم للقبض على المسيح، نرى أن هناك أسباباً ظاهرياً (تبريرية) وهي الأسباب التي ادعوها وأعلنوها أمام الناس وقد ألبسوها أثواباً:

أ-أسباب سياسية: لقد أعلنوا أن هذا الشخص قال عن نفسه أنه ملك وأنه يمنع أن تعطى الجزية لقيصر. وقد أعلنوا هذا الاتهام عندما قدموا المسيح لبيلاطس ليؤيد حكمهم بموت المسيح، لأن القانون الروماني لم يكن يقيم وزناً للتهم الدينية التي حكم من أجلها على المسيح بأنه مستوجب الموت، ولم يكن في سلطة الكهنة إصدار أو تنفيذ حكم الموت في ظل الاحتلال الروماني، لذلك انتحلوا هذه التهم السياسية لتجد أذناً صاغية عند الوالي الروماني.

ب-أسباب لاهوتية: وهي اتهام المسيح بالتجديف، وهذا واضح مما جاء في يو 10: 22-38. فعندما كان المسيح في الهيكل "احتاط به اليهود وقالوا له: إلى متى تعلق أنفسنا. إن كنت أنت المسيح فقل لنا جهراً. أجابهم يسوع: إني قلت لكم ولستم تؤمنون الأعمال التي أنا أعملها باسم أبي هي تشهد لي" يو 10: 24-26.

ثم عندما قال لهم: "أنا والآب واحد فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه أجابهم يسوع أعمالاً كثيرة حسنة أريتكم من عند أبي بسبب أي عمل منها ترجمونني أجابه اليهود قائلين: لسنا نرجمك لأجل عمل حسن بل لأجل تجديف فإنك وأنت إنسان تجعل نفسك إلهاً" يو 10:30-33.

وأثناء المحاكمة أمام قيافا عندما أعلن لهم أنه هو المسيح "فمزق رئيس الكهنة حينئذ ثيابه قائلاً: "قد جدف. ما حاجتنا بعد إلى شهود. ها قد سمعتم تجديفه. ماذا ترون فأجابوا وقالوا: إنه مستوجب الموت" مت 26: 65-66.

جـ-أسباب أخلاقية: كسر يوم السبت.

 وقد ظهر هذا في كثير من المواقف التي عمل فيها المسيح معجزاته يوم السبت، ونرى مثالاً لهذا ما جاء في يو 5: 16-18 فعندما قام يسوع بشفاء مريض بركة بيت حسدا "كان اليهود يطردون يسوع ويطلبون أن يقتلوه لأنه عمل هذا في سبت، فأجابهم يسوع أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل. فمن أجل هذا كان اليهود يطلبون أكثر أن يقتلوه، لأنه لم ينقض السبت فقط، بل قال أيضاً أن الله أبوه معادلاً نفسه بالله".

ولكن هل كانت هذه هي الأسباب الباطنية التي أخفوها، والتي كانت هي دافعهم للتخلص من المسيح، أنها –كما ذكرت- مبررات انتحلوها لإخفاء السبب الحقيقي، وهو:

أنهم "أسلموه حسداً" مت 27: 18 لقد شعروا بأن يسوع يهددهم، لقد قوض هيبتهم وهيمنتهم على الشعب وثقتهم بأنفسهم واحترامهم لأنفسهم، لذلك كانوا يحسدونه وعزموا على التخلص منه.

وقد بدأ التخطيط اليهودي للتخلص من المسيح بعد إقامته للعازر من الموت "فجمع رؤساء الكهنة والفريسيون مجمعاً وقالوا ماذا نصنع فإن هذا الإنسان يعمل آيات كثيرة. إن تركناه هكذا يؤمن به الجميع فيأتي الرومانيون ويأخذون موضعنا وأمتنا. فقال لهم واحد منهم وهو قيافا. كان رئيساً للكهنة في تلك السنة. أنتم لستم تعرفون شيئاً. ولا تفكرون أنه خير لنا أن يموت إنسان واحد عن الشعب ولا تهلك الأمة كلها.. فمن ذلك اليوم تشاوروا ليقتلوه" يو 11: 47-53.

وفيما يلي سوف نلخص الأسباب السابقة:

1-قول المسيح عن نفسه أنه ابن الله، وكونه ابن الله يعني المساواة بين الأب والابن وهذا في اعتبارهم تجديف على الله، وإعلان صريح بالألوهية، وعقوبة هذا الموت رجماً (يو 5، يو 10).

2-تحديه الدائم لسلطان رؤساء الكهنة وقد ظهر هذا بوضوح في طرده الباعة من الهيكل. وقد كانت تجارة الذبائح مصدراً أساسياً لثروة رؤساء الكهنة*.

3-معجزاته وإيمان الجموع به وخوفهم من ضياع امتيازاتهم وتميز أمتهم اليهودية بجانب انبهار الجموع بتعاليمه السامية دفعتهم لاتخاذ قرارهم بالتخلص من المسيح[1].

وإذ نرجع إلى الكتاب المقدس نجد أن محاولات اليهود لتصيد أخطاء المسيح في محاولة للتخلص منه، قد رافقت المسيح منذ مولده حتى صلبه. وحتى لا نطيل فإننا نضع هذه المحاولات*في عناوين مع ذكر الشواهد الكتابية:

1-محاولة قتل المسيح بواسطة هيرودس وهو طفل صغير (مت 2).

2-في بداية خدمته عندما أعلن لهم في مجمع الناصرة، أنه هو المسيح المنتظر، حاولوا أن يلقوه من على الجبل (لو 4: 16-20).

3-في كثير من أمثاله وتعاليمه كان لهم موبخاً، فعندما ذكر مثل الكرم والكرامين (لو 20: 9-20) وأعلن لهم أنه هو حجر الزاوية الذي رفضوه "فطلب رؤساء الكهنة والكتبة أن يلقوا الأيادي عليه في تلك الساعة ولكنهم خافوا الشعب، لأنهم عرفوا أنه قال هذا المثل عليهم. فراقبوه وأرسلوا جواسيس يتراءون أنهم أبرار لكي يمسكوه بكلمة حتى يسلموه إلى حكم الوالي وسلطانه".

*لماذا فشلت المحاولات السابقة؟

وهل فشلها دليل على أن المقبوض عليه ليس هو المسيح؟

لقد كانت هناك محاولات سابقة للقبض على المسيح، ولكنها باءت بالفشل، وفي كل مرة كان المسيح يجتاز في وسطهم دون أن يلقوا عليه الأيادي.

وكتب أحدهم: "وثبت لدينا امتناع المسيح على أعدائه قول يوحنا نفسه عن المسيح: "وكان قوم منهم يريدون أن يمسكوه، لكن لم تلق عليه الأيادي" يو 7: 44 أي لم يقبضوا عليه. وقد شهد المسيح بنفسه أن اليهود لم يستطيعوا أن يقبضوا عليه ويأسروه، بل لقد أعلن قائلاً إنه غلبهم جميعاً"[2].

وما يريد أن يقوله الكاتب وآخرون معه أنه كما فشلت المحاولات السابقة، ليس هناك ما يمنع فشل المحاولة الأخيرة وصلب شخص آخر (أي هرب المسيح وإلقاء القبض على آخر) وسوف نذكر مواقف لمحاولة القبض على المسيح أو رجمه بالحجارة.

لو 4: 30 عندما قرروا إلقاءه من على الجبل "جاز في وسطهم ومضى"

يو 7: 30 في الهيكل في أورشليم "طلبوا أن يمسكوه ولم يلق أحد يداً عليه لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد"

يو 8: 59 في الهيكل أيضاً "رفعوا الحجارة ليرجموه. أما يسوع فاختفى من الهيكل مجتازاً في وسطهم ومضى"

يو 10: 31، 39-40 في الهيكل أيضاً "فتناول اليهود أيضاً حجارة ليرجموه ... فطلبوا أن يمسكوه، فخرج من أيديهم، ومضى إلى عبر الأردن".

 ولنا هنا بعض الملاحظات:

1-إن السبب في عدم القبض على المسيح يوضحه الرسول بقوله: "لأن ساعته لم تكن قد جاءت" يو 7: 30. فقد كان هناك وقت معين من قبل الله، ليتم فيه القبض على المسيح، ويحكم عليه بالصلب، لذلك باءت المحاولات السابقة بالفشل وقد شهد الرسول يوحنا لحادثة موت المسيح بإشارات سبع إلى "ساعة يسوع" وقد كانت هذه ساعة مصيرية حيث سيترك العالم ويرجع إلى الآب، كانت هذه الساعة تحت سلطان الآب. ففي المرات السابقة لم تكن هذه الساعة قد أتت لذلك لم يتم القبض عليه، وعندما جاءت الساعة المحتومة في علم الله الأزلي تم القبض على المسيح. وقد أعلن المسيح نفسه هذا قائلاً "قد أتت الساعة ليتمجد ابن الإنسان".

2-ليس في اختفاء المسيح في أي مرة من المرات السابقة، معجزة أو إلقاء شبهه على آخر، ولكن وجود الجمهور الكثير كان يسهل هذا الأمر، وخوف رؤساء الكهنة من ثورة هذا الجمهور، حيث أن المسيح كان يعتبر عندهم كنبي.

3-إن الأحداث التالية قد أكدت لنا أن الشخص المقبوض عليه هو المسيح –كما أوضحنا ذلك سابقاً- من أقواله وأعماله وشهادة الشهود.

*تغير خطة القبض على المسيح:

وهل في هذا دليل على أن المصلوب ليس هو المسيح؟

"إن الأناجيل اتفقت على أن كهنة اليهود كانوا قد تواطؤوا وتحالفوا على قتله بعد عيد الفصح حتى لا يحدث شغب بين الشعب في العيد، وهذا صريح في الإنجيل. ولكن هؤلاء الرواة نسوا، أو نقضوا ما تواطؤوا على روايته، فحكوا أن هجوم اليهود عليه وأسرهم إياه، وقتله وصلبه كان في العيد، ومن المعلوم أن اليهود لا يجوزون فعل شيء، حتى فعل الخير في السبت والأعياد، كما صرحت الأناجيل بذلك، فيلزم من تناقضهم هذا أمرين:

إما كذب الأناجيل في وقوع الصلب في العيد، أو كذبهم في نقلهم عن اليهود أنهم تواطؤوا على قتله أثناء العيد. على كل فقد ثبت بالبداهة كذب الأناجيل في قضية الصليب[3].

التعليق:

سوف نضع تعليقنا هنا على هيئة سؤالين وجوابين.

(1) لماذا لم يكن رؤساء الكهنة يريدون القبض على يسوع في العيد؟

"كان الفصح وأيام الفطير بعد يومين، وكان رؤساء الكهنة يطلبون كيف يمسكونه بمكر ويقتلونه. ولكنهم قالوا ليس في العيد لئلا يكون شغب في الشعب" مر 14: 1.

لقد كان لدى رؤساء الكهنة أسباب قوية تمنعهم من القبض على يسوع في العيد منها:

1-الخوف من حدوث شغب في العيد:

ففي عيد الفصح كانت أورشليم تعج باليهود، فقد كان محتماً على كل ذكر بالغ أن يحضر احتفالات الفصح، بل كان محتماً أيضاً إذا أمكن ذلك أن يعيش كل يهودي على مسافة لا تزيد عن سفر تسعين يوماً على العاصمة لكي يتمكن من حضور العيد في موعده.

وفي عيد الفصح "يتزايد عدد سكان أورشليم، وتصبح المساكن غير كافية لجموع الحجاج، حتى أن الجماهير المتدفقة  تعسكر خارج أسوار أورشليم، وكان هؤلاء الحجاج ذوي حماس ديني، كما كان كل يهودي متطرفاً في نظرته"[4].

ولقد كان يسوع أشهر من نار على علم، فقد أبرأ المرضى، وفتح أعين العميان، وأقام الموتى، ونادى بملكوت المحبة، ولقد كان في فلسطين في ذلك الحين ما يقرب من ثلاثة ملايين من اليهود، معظمهم لم يشاهده، ومع ذلك فقد كان الجميع من كبيرهم إلى صغيرهم ينتظرون ظهور المسيا، بحماس يفوق الخيال. وعلى أقل تقدير كان هناك ثمانية آلاف شخص يؤمنون بيسوع المسيح كالمسيا المنتظر ابن الله الحي"[5].

ولذلك خاف رؤساء الكهنة أن يقبضوا على المسيح في العيد خوفاً من حدوث الشغب من المؤمنين بالمسيح، ومن اليهود المتعصبين الذين ينتظرون المسيا، ومن الأعداد المتزايدة في عيد الفصح، وكانت دائماً فرصة العيد وقتاً لإثارة الثورات اليهودية ضد الاحتلال الروماني، حتى أن الأمر كان يقتضي دائماً أن يترك الوالي الروماني مقر الحاكم الرسمي في قيصرية على الساحل ويأتي ليقيم في أورشليم حتى انتهاء أيام العيد.

إذن كان واضحاً أمام رؤساء الكهنة أن القبض على المسيح في العيد سوف يؤدي إلى شغب نظراً لحماس الجماهير المحتشدة ليسوع. وهذا الشغب سوف يعطي فرصة للرومان للتدخل وسفك الدماء. لذلك قرروا عدم القبض على المسيح. وهناك سبب آخر هو:

2-الخوف من المسيح:

يرى فرانك موريسون: "إن الخوف من الشعب لا يعلل لنا بعض الأشياء الغريبة التي حدثت، وأن وراء الخوف الظاهري المعترف به من الشعب، خوفاً آخر، أشد وأعمق، خوفاً يعلل كل ترددهم وتذبذبهم.. فإن شهرة يسوع كانت قد ذاعت بين الناس وعلا اسمه بين القوم وسمت شخصيته، وتناقلت الألسن قصص معجزاته في إعادة البصر للعميان، وإبراء المشلولين، وانثالت هذه الأنباء على أورشليم من كل أنحاء البلاد، وسلم بها الناس حتى في الأوساط العليا، وأن معاصريه لم يرتابوا في أن لديه بعض القوة الخارقة التي لم يألفوها في جيلهم.. لقد أيقنوا أنهم أمام قوة خارقة غامضة غير معروفة لابد لهم أن يحسبوا حسابها في تنفيذ مآربهم. إن أولئك الناس كانوا في تصرفهم مع يسوع يخشون شيئاً لم يعرفوا ما هو.. لقد خشوا أن تتدخل قوة غريبة فتأخذه من بين أيديهم فيعجزوا في آخر الأمر من إلقاء القبض عليه"[6].

3-الإجراءات القانونية:

حيث أن العيد كان قريباً، ولا يجوز للسنهدريم الأعظم أو الأصغر، أن ينعقد عشية السبت أو خلال العيد، وذلك حسب قوانين الفريسيين، فإذا تم القبض على المسيح قبل أو خلال العيد، فلا بد من حجزه في السجن العمومي، لمدة تسعة أيام حتى ينتهي العيد، ومن يستطيع أن يتنبأ بعدم قيام ثورة خلال هذه الفترة والمحاولات التي تبذل لإنقاذه[7]. لهذه الأسباب قرر رؤساء الكهنة عدم القبض على المسيح في العيد.

(2) لماذا تغيرت الخطة ولم يتم القبض على المسيح في العيد؟

-لقد حدثت أمور أدت إلى تغيير خطة رؤساء الكهنة فقرروا القبض على المسيح، لقد كانت تواجههم مشاكل معينة، فما الذي حدث وأدى إلى هذا التغيير السريع؟

لقد ذهب يهوذا في وقت سابق إلى الكهنة للاتفاق معهم على تسليم يسوع "ولما سمعوا فرحوا ووعدوا أن يعطوه فضة. وكان يطلب كيف يسلمه في فرصة موافقة" مر 14: 11.

وها هي الفرصة قد أتت في ليلة الخميس، وحمل إليهم يهوذا نبأ هاماً غير موقفهم وأزال شكوكهم وترددهم وهو أن المسيح يفكر في الموت ويتحدث عنه وهو الآن ذاهب إلى سفح جبل الزيتون، وسوف يمكث فترة طويلة هناك وبإمكانهم الآن أن يذهبوا للقبض عليه، فقد تم التغلب على الصعوبتين.

1-الخوف من المسيح: فالمسيح الآن مهيأ، ومستعد للصلب. فيهوذا لما خرج من العلية عرف عن يقين أمرين: عرف أن يسوع ذاهب إلى بستان جثسيماني وعرف أيضاً أن روحه أخذه في الجنوح نحو الصليب. وقد عرف يهوذا أن هذا أفضل نبأ يمكن أن يحمله إلى اليهود. فالعائق قد أمحى ويسوع لم يكن متأهباً تلك الليلة على الأقل للمقاومة. فالمسيح قد عرف أن وقته قد جاء، وساعة الصليب قد اقتربت.

2-الخوف من الشعب: لقد كان التوقيت الذي تم فيه القبض على المسيح مناسباً جداً للتغلب على هذه الصعوبة، فالآن الشعب منهمك في إعداد الفصح، والوقت ليلاً. وقد أجمع المؤرخون على أن وقت القبض على يسوع في بستان جثسيماني جرى في ساعة متأخرة من الليلة السابقة ليوم الصلب. قبيل منتصف الساعة الثانية عشرة. وهذا التقدير أساسه حساب الزمن الذي استغرقته الحوادث المدونة بين الفراغ من حفلة العشاء في العلية، وبين وصول الشرذمة من الجند المسلحة إلى البستان فوق منحدرات جبل الزيتون. والدليل على أن القبض كان في ساعة متأخرة.

أ-كان التلاميذ تعابى، منهوكي القوى.. لم يقدروا على مغالبة النوم.

ب-يشير كل من متى ومرقس إلى ثلاث فترات متقطعة من النوم كان يوقظهم كل مرة مجيء المسيح.

جـ-كان الوقت ظلاماً، واستطاع يسوع عند رؤيته المشاعل أن يميز القادمين للقبض عليه وإذا افترضنا أنهم فرغوا من العشاء في منتصف العاشرة، وأنهم بلغوا البستان في العاشرة تماماً، فلا يمكن أن يكون القبض على المسيح، وقع قبل منتصف الساعة الثانية عشرة[8].

3-وأما السبب الثالث وهو الإجراءات القانونية المتعلقة بالمحاكمة واجتماع السنهدريم وإنهاء الإجراءات قبل السبت، فبعد زوال السببين الأولين، أصبح لا يشكل مشكلة جوهرية، حيث أن هذا الأمر بأيديهم التغلب عليه. فالتلاميذ وكتبة الأناجيل لم ينقضوا ما قالوه، والأناجيل ليست كاذبة في وقوع الصلب في العيد. بل لقد أخبروا عن ما تم بأكثر دقة وتفصيلاً بأن هناك اتفاق بعدم القبض على المسيح في العيد، ولكن بعد زوال هذه الأسباب وإمكانية التغلب عليها، تغيرت الخطة وتم القبض على المسيح، وصلب المسيح يوم عيد الفصح فالتلاميذ ليسوا بكاذبين في إخبارهم عن صلب المسيح، بل هم شهود عيان صادقين كل الصدق. لأن "كل الكتاب هو موحى به من الله" 2تي 3: 16.

وقد كتبه "أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" 1بط 1: 21.

فتغير الخطة ليس فيه دليل على أن المصلوب ليس هو المسيح.

 

*"وهم –أي اليهود- في سراديب المادية المعتمة، أشرقت رسالة المسيح، ولكن القوم صمت آذانهم حتى لا تضيع منهم أكياس نقودهم وميراث أميرهم، وبدأ الصدام بينهم وبين المسيح، ووصل ذروته عندما أرادوا أن يقتلوا المسيح." سعيد أيوب في كتابه "المسيح الدجال". ط الفتح للإعلام العربي. سنة 1989. ص 38.

*وفي كتابه "قرية ظالمة" يسجل د.محمد كامل حسين هذه الأسباب:

"أما أصحاب الرأي منهم فقد أرهقهم ما قضوا فيه ليلتهم، من جدل ونقاش عاليين إذ دار بحثهم حول هذا الرجل الذي جاءهم ببدعة أقضت مضاجعهم. ذلك أنه أخذ يدعو الناس إلى دين جديد، وما زال يسفه أحلامهم، ويضل رجالهم حتى خيف من دعوته على دينهم ونظامهم، وكانوا قد حكموا عليه بالصلب وتواعدوا في دار ندوتهم يوم الجمعة ليبلغوا حكامهم الرومان ما قر عليه رأيهم في هذا النبي الجديد"

ويضع على لسان رجل الاتهام الأسباب التالية:

"إنه –أي المسيح- يريد أن يجعل الجهلاء أنداداً لأمثالنا ويريد أن يجعل الفقراء وإيانا سواء، وفي ذلك قضاء على نظام بني إسرائيل كله.. ثم إنه كفر بالله وأنكر الصفات التي له في التوراة. فهو لا يقول بجبروته وانتقامه، وإنما يقول إن الله هو الحب، ويريد أن لا يخاف الناس الله، وإنما يريد لهم أن يحبوه، لأنه يحبهم. وفي ذلك خروج على تعاليم التوراة، لا بد أن يؤدي على الفوضى".

قرية ظالمة. ط4. سنة 1984. مكتبة النهضة المصرية. ص 8، 12.

(45) هل صلب المسيح حقاً وقام؟القس عبد المسيح بسيط. ط1. سنة 1993. ص 27.

(*) كتب د.عبد الغني عبود:

"لقد وقف اليهود –أعداء الحق وأعداء الرسل والرسالات- من المسيح عيسى بن مريم، منذ البداية، موقف التحدي والتصدي، لأن هذا شأنهم منذ كانوا، مع كل راية حق ولقد بدأت متاعب المسيح مع اليهود من اليوم الأول الذي عرفوا فيه أنه هو المسيح المنتظر المكتوب عندهم في التوراة.

*ففي البدء، كانت ملاحقة علمائهم له لإحراجه بالأسئلة، حتى يسقط في أعين سامعيه فتظل لهم القيادة الروحية التي لا يتشبثون إلا بها.. وقد وجدوا أن سهامهم في هذا المجال تتجه إلى صدورهم، لا إلى حيث وجهوا السهام، وهو صدر المسيح ذاته، حيث كان ذكاء المسيح وسعة أفقه، يمكنانه من أن يحرج هو من أرادوا إحراجه. ويكاد الإصحاح الثاني عشر من إنجيل متى على سبيل المثال، أن يكون مخصصاً كله لأمثال هذه الألوان اليهودية من الإحراج، ورد السيد المسيح عليها.

-عندما فشلوا في مجال الإحراج هذا، اتجهوا إلى مجال آخر، وهو محاولة الإيقاع بينه وبين السلطة لتفعل به ما عجزوا هم عن فعله، ولعل أشهر القصص في هذا المجال، هو قصة الجزية التي يوردها متى (مت 22: 15-21).

-ولما فشلوا في كل طريق سلكوه، لم يعد أمامهم إلا الحل الأخير، الذي لا يترددون في اللجوء إليه عندما تعييهم الحيل، وهو التصفية الجسدية". المسيح والمسيحية والإسلام. دار الفكر العربي. ط1. سنة 1984. ص 77.

(46) المسيح بين الحقائق والأوهام. ص170.

(47) الفارق بين المخلوق والخالق. ص 401, 520.

وانظر أيضاً: المسيح في مصادر العقيدة المسيحية. ص 129.

(48) محاكمة المسيح. فرانك باول. ترجمة إبراهيم سلامة. ص 58.

(49) اليوم الذي مات فيه المسيح. ص 80.

(50) من دحرج الحجر. ص 24-25.

(51) محاكمة المسيح. ص 60.

(52) من دحرج الحجر. ص 9، 29.

  • عدد الزيارات: 720