عدم دفاع التلاميذ عن الشخص المقبوض عليه
-عند القبض على الشخص الذي سوف يصلب، فإن التلاميذ تركوه وهربوا، ولم يدافعوا عنه وذلك لأنهم قد عرفوا من المسيح عندما أيقظهم من النوم أن الذي سيصلب هو يهوذا[1].
التعليق:
لنا هنا تساؤل: هل كان المسيح محتاجاً إلى من يدافع عنه، وهو المؤيد بالروح القدس. سواء كان الروح القدس هو الله نفسه حسب إيماننا المسيحي أو كان هو الملاك جبرائيل حسب فكر الآخرين. فاعتقد بأنه كان سيؤيده بالنصر المبين واعتقد أن السؤال يكون صحيحاً لو كان "لماذا دافع التلاميذ عنه وخاصة بطرس باستعماله السيف، رغم أن المسيح قد سبق ،أنبأ عن موته؟"
-بالرجوع إلى متى 26 نجد محاولة التلاميذ للدفاع عن المسيح وموقف المسيح من هذا "حينئذ تقدموا وألقوا الأيادي على يسوع وأمسكوه. وإذا واحد من الذين مع يسوع مد يده واستل سيفه وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه. فقال له يسوع: "رد سيفك إلى مكانه" لأن كل الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون. أتظن أني لا أستطيع الآن أن أطلب إلى أبي فيقدم لي أكثر من اثني عشر جيشاً من الملائكة". "ثم أن سمعان بطرس كان معه سيف فاستله وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه اليمنى وكان اسم العبد ملخس. فقال يسوع لبطرس: اجعل سيفك في الغمد، الكأس التي أعطاني الآب ألا أشربها" يو 18: 10-11 ومن هذه النصوص نرى:
1-إن بطرس -أحد تلاميذ المسيح- حاول الدفاع عنه، ولكن ماذا يفعل هؤلاء في مواجهة جنود مدججين بالسلاح.
2-إن المسيح كان يعرف مسبقاً كل هذا، ولذلك حذر تلاميذه من استعمال السيف وأراد أن يحافظ على تلاميذه. ويصور الأستاذ/ خالد محمد خالد هذا المشهد قائلاً: "عندما هاجم غوغاء اليهود بستان الزيتون ليقبضوا على المسيح، تقدم من الحرس وسألهم: من تطلبون؟
أجابوه: يسوع الناصري.
فقال: أنا هو ولست أسألكم إلا شيئاً واحداً.
ثم أشار بيد أمينة حانية صوب تلاميذه، الذين كانوا معه في البستان، واستأنف حديثه مع الحرس قائلاً: أن تدعوا هؤلاء يذهبون إلى بيوتهم، حتى أستطيع أن أقول لأبي حين ألقاه: إن الذين أعطيتني، لم أهلك واحداً منهم أحد".
انظروا.. في هذه المباغتة الشريرة المذهلة، لم يذكر نفسه ولا حياته، وإنما ذكر مسؤوليته الكبرى، نجاة الآخرين. لم يشترط لنفسه نجاة ولا سلامة. إنما اشترطها للآخرين. وذلك كي يستطيع أن يقول لربه حين يلقاه: "إن الذين أعطيتني لم أهلك منهم أحداً"[2].
-فالتلاميذ حاولوا الدفاع عن المسيح، وليس هناك أي دليل على أن المسيح قال لهم عندما أيقظهم من النوم أن الذي سيصلب هو يهوذا.
وإذا كان هناك مثل هذا القول من المسيح لتلاميذه فما هو الداعي أن يتبع بطرس ويوحنا المقبوض عليه إلى دار رئيس الكهنة؛ وإلى الجلجثة بعد ذلك، حيث تم صلب المسيح.
-ثم إذا كان التلاميذ عارفين أن المصلوب هو يهوذا، قكيف أعلنوا عن موت المسيح وقيامته. هل كانوا خادعين أم مخدوعين وهل يقدم مثل هذا الشخص حياته للموت في سبيل المناداة بتعليم هو يعلم أنه غير صحيح؟
-هل كل شهود المحاكمة والصلب كانوا أيضاً مخدوعين أم أنهم لم يتعرفوا على الشخص المقبوض عليه؟ أم أنهم عرفوا وشاركوا في الخدعة الكبرى؟
لا نستطيع أن نعطي إجابة على مثل هذه الأسئلة، إلا بالإعلان الصريح أن المصلوب هو المسيح.
(53) المسيح قادم. ص 54، 57.
- عدد الزيارات: 611