رسائل يوحنا الرسول ورؤياه
الفصل الرابع
إن ما أوحي به إلى يوحنا الرسول ليكتبه عن المسيح (في الرسائل الخ) نلخّصه للقارئ في ما يأتي:
أولاً: إن الرب يسوع المسيح يعظّم ويمجّد في كتابات يوحنا الرسول بنسبة الصفات الإلهية له:
“الذي كان من البدء" 1 يو 1: 1 "أكتب إليكم أيها الآباء لأنكم قد عرفتم الذي من البدء" 1يو 2: 13 و14 وقوله " فإن الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا " 1يو 1: 2 فسمّي المسيح بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب أي أزلية.وقد وصفه بالبار في قوله " إن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار " 1يو 2: 1 وقوله " إن علمتم أنه بار هو فاعلموا أن كلّ من يصنع البر مولود منه " 1يو 2: 29وقوله "من يفعل البر فهو بار كما أن ذاك بار " 1 يو3: 7 وبأنه طاهر كقوله " وكل من عنده هذا الرجاء به يطهّر نفسه كما هو طاهر" 1يو 3: 3 وليس فيه خطية– "وتعلمون أن ذاك (المسيح) أظهر لكي يرفع خطايانا وليس فيه خطية" 1يو 3: 5 ومعلوم أن شهادة الله عن كل البشر هي أنه ليس بار ولا واحد. ليس من يعمل صلاحاً. ليس ولا واحد. الجميع أخطأوا. وما دام المسيح قد وصف بأنه بار وطاهر وليس فيه خطية فهو ليس من البشر.
ووصفه بأنه سرمدي. ومعلوم أن هذه الصفة لا تنسب إلا لله تعالى فقال المسيح في رؤ1: 8 و21: 6 "أنا هو الألف والياء البداية والنهاية " وفي رؤ1: 11 " أنا هو الألف والياء. الأول والآخر " وكذلك عدد 17 و2: 8 و22: 13 وكذلك قال " أنا حي إلى الأبد الآبدين " أي بحياة ذاتية رؤ 1: 18.
وقال "ستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب" رؤ 2: 23 ولا يوصف بهذا الوصف سوى الله جلّ جلاله. ووصف نفسه بالقول " الكائن والذي كان والذي يأتي " فهو يهوه الإله الحقيقي رؤ 1: 4 و8 ويتضح ذلك من القول "والأربعة والعشرون شيخاً الجالسون أمام الله على عروشهم خرّوا وسجدوا لله قائلين نشكرك أيها الرب الإله القادر على كل شيء الكائن والذي كان والذي يأتي لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت" رؤ 11: 16 و17.
وكذلك موصوف بأنه هو الواجب أن يثبت المؤمن فيه " من قال أنه ثابت فيه ينبغي أنه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو أيضاً " والآن أيها الأولاد اثبتوا فيه حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه " 1يو 2: 6 و28 بل وموصوف بأن فيه قوة تؤثر في من يثبت فيه حتى لا يخطئ إذا قال " كل من يثبت فيه لا يخطئ. كل من يخطئ لم يبصره ولا عرفه " 1يو 3: 6 وبأن ثقتنا عنده– "وهذه الثقة التي لنا عنده " 1يو 5: 14 وأنه السميع المجيب إذ قال " أنه إن طلبنا شيئاً حسب مشيئته يسمع لنا " 1يو 5: 14 وبمراجعة عدد 13 يظهر لنا أن الضمير يعود على ابن الله. وموصوف أيضاً بأنه عارف الأعمال أي عالم بالضمائر إذ قال له المجد " أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك " "أنا عارف أعمالك وضيقتك وفقرك" و"أنا عارف أعمالك وأين تسكن وأنت متمسك باسمي ولم تنكر إيماني" و"أنا عارف أعمالك ومحبتك وخدمتك وإيمانك وصبرك" و"أنا عارف أعمالك أن لك اسماً أنك حي وأنت ميت" و"وأنا عارف أعمالك … لأن لك قوة يسيرة … ولم تنكر اسمي" و"أنا عارف أعمالك أنك لست بارداً ولا حاراً" رؤ2: 2 الخ.
ويقدر أن يطمئن القلوب ويقول لا تخف "فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت فوضع يده اليمنى عليّ قائلاً لي لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتاً" الخ رؤ 1: 17 و18 وقوله "لا تخف البتة مما أنت عتيد أن تتألم به" رؤ2: 10.
ثانياً: نرى أنه في كتابات يوحنا قد نسبت الأسماء والألقاب الإلهية للمسيح
فنراه يسمّيه الحياة والحياة الأبدية إذ قال " فإن الحياة ظهرت … ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا " 1يو 1: 2 مشيراً إلى ما سبق وسمى المسيح به في بشارته إذ قال " فيه كانت الحياة " يو1: 4 و" أنا هو الطريق والحق والحياة " يو 14: 6 وكذلك قوله " ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية " 1يو5: 20 ويسميه مراراً كثيرة " ابن الله " التي تفيد أنه هو الله. لاحظ قوله " وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" 1يو1: 3 " وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح " 1يو 3: 23 و" أن الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم " 1يو4: 9و" أرسل ابنه كفارة لخطايانا " و" نشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً للعالم " و" من اعترف أن يسوع هو ابن الله فالله يثبت فيه "1يو 4: 10 و14 و15 وقوله " من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله " 1يو 5: 5 وقوله " هذه هي شهادة الله التي قد شهد بها عن ابنه " و" من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة " و" كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم ابن الله … لكي تؤمنوا باسم ابن الله. ونعلم أن ابن الله قد جاء " الخ 1يو 5: 9 و12 و13 و20 "من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه. من لا يصدق الله فقد جعله كاذباً لأنه لم يؤمن بالشهادة التي قد شهد بها الله عن ابنه " 1يو5: 10، وقوله " الرب يسوع المسيح ابن الآب بالحق والمحبة " 2يو 3 و"كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله. ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً " 2يو9 و"اكتب إلى ملاك الكنيسة التي في ثياتيرا. هذا يقوله ابن الله … أنا عارف أعمالك الخ " رؤ2: 18 و19.
ومن ألقابه أيضاً الأمين والشاهد الأمين والصادق كقوله " إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل” (1يو1: 9 ورؤ 1: 5 و3: 14). ويسميه الله الذي هو أبو المؤمنين الأبرار في قوله " إن علمتم أنه بار هو (المسيح) فاعلموا أن كل من يصنع البر مولود منه” (1يو 2: 29) و"أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر (أي الله) نكون مثله لأننا سنراه كما هو” (1يو3: 2) وقوله " رأيت الأموات صغاراً وكباراً واقفين أمام الله وانفتحت أسفار … ودين الأموات" الخ (رؤ20: 12). ومعلوم أن الآب لا يدين أحد بل قد أعطى كل الدينونة للابن (يو5: 22) وأننا سوف نقف جميعاً أمام كرسي المسيح ليعطي كل واحد منا حساباً عما صنع بالجسد خيراً كان أم شراً (رؤ14: 10 و2كو5: 10). ومن أسمائه أيضاً الحق والإله الحق كما قال "ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح. هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” (1يو5: 20).
ولقّب أيضاً برئيس ملوك الأرض " يسوع المسيح الشاهد الأمين البكر من الأموات ورئيس ملوك الأرض” (رؤ1: 5) وأنه إله الغالبين وأبوهم " من يغلب يرث كل شيء وأكون له إلهاً وهو يكون لي ابناً” (رؤ21: 7) والمتكلم هنا هو المسيح (راجع رؤيا 21: 6). وملك القديسين "عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين” (رؤ15: 3). وسمي كلمة الله "ثم رأيت السماء مفتوحة وإذا فرس أبيض والجالس عليه يدعى أميناً وصادقاً … وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله” (رؤ19: 11- 13). وسمي أيضاً الرب الإله القادر على كل شيء (رؤ11: 17) وقوله "وهم يرتلون … قائلين عظيمة وعجيبة هي أيها الرب الإله القادر على كل شيء” (رؤ15: 3). وسمي أيضاً الرب الإله الديان القوي " في يوم واحد ستأتي ضرباتها موت وحزن وجوع وتحترق بالنار لأن الرب الإله الذي يدينها قوي " وقوله " افرحي لها أيتها السماء والرسل القديسون والأنبياء لأن الرب قد دانها دينونتكم” (رؤ18: 8 و20) ومن يلاحظ القرينة يجد الكلام واضحاً عن المسيح وهو الذي دان بابل (راجع ص 19: 1 و2 و6).
وكذلك لقب برب الأرباب وملك الملوك " هؤلاء سيحاربون الخروف والخروف يغلبهم لأنه رب الأرباب وملك الملوك” (رؤ 17: 14) "ويدعى اسمه كلمة الله … وله على ثوبه وعلى فخذه اسم مكتوب ملك الملوك ورب الأرباب” (رؤ19: 13 و16). وسمّي أيضاً الرب إله الأنبياء القديسين وهم عبيده كما قال "الرب إله الأنبياء القديسين أرسل ملاكه ليري عبيده ما ينبغي أن يكون سريعاً (رؤ22: 6) وهو الرب وربنا "تعال أيها الرب يسوع. نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم” (رؤ22: 20 و21).
ثالثاً: نسبة الأعمال الإلهية للمسيح
إننا نرى أن فاعلية دمه وقيمته ليست فاعلية وقيمة دم إنسان عادي كقوله " ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" "هو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم” (1يو1: 7 و9) وقوله " يسوع المسيح البار … هو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً” (1يو2:2) و" قد غفرت لكم الخطايا من أجل اسمه” (1يو 2: 12) وقوله " يسوع المسيح … الذي أحبنا وقد غسّلنا من خطايانا بدمه” (رؤ1: 5) وهو معطي الوصية الواجب أن تحفظ " يسوع المسيح البار … بهذا نعرف أننا قد عرفناه إن حفظنا وصاياه. من قال قد عرفته وهو لا يحفظ وصاياه فهو كاذب” (1يو2: 1 و3 و4) وقوله "طوبى للذين يصنعون وصاياه” (رؤ22: 14) وقوله "كل من تعدى ولم يثبت في تعليم المسيح فليس له الله.ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جميعاً" (2يو9)
وهو صاحب المواعيد كقوله "هذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية” (1يو 2: 25) وهو معطي إكليل الحياة كقوله " كن أميناً إلى الموت فسأعطيك إكليل الحياة” (رؤ2: 10) وهو معطي مسحة الروح القدس للمؤمنين " هذا هو الوعد الذي وعدنا هو به الحياة الأبدية … وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم … كما تعلمكم هذه المسحة عينها… كما علمتكم تثبتون فيه … حتى إذا أظهر … لا نخجل منه في مجيئه” (1يو2: 25 و27 و28). وهو رافع الخطايا "تعلمون إن ذاك أظهر لكي يرفع خطايانا” (1يو3: 5) وناقض أعمال إبليس كقوله " لأجل هذا أظهر ابن الله لكي ينقض أعمال إبليس” (1يو3: 8) وبه يحيا المؤمنون كما في قوله " الله قد أرسل ابنه الوحيد إلى العالم لكي نحيا به” (1يو4: 9) وقوله " الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه” (1يو5: 11) وهو مخلص العالم كما في قوله " ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً للعالم” (1يو 4: 14) وقوله " الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف” (رؤ7: 10) وأن " من اعترف أن يسوع هو ابن الله فالله يثبت فيه وهو في الله” (1يو4: 15) ومن يؤمن به فقد ولد من الله على ما في قوله " كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من الله” (1يو5: 1) ويغلب العالم كقوله " من هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله” (1يو5: 5).
والمسيح هو الذي يعطي البصيرة لمعرفة الحق كقوله "ونعلم أن ابن الله قد جاء وأعطانا بصيرة لنعرف الحق” (1يو5: 20) والنعمة والرحمة والسلام منه كما من الآب في قوله– "تكون معكم نعمة ورحمة وسلام من الله الآب ومن الرب يسوع المسيح” (2يو3) وقوله "نعمة لكم وسلام من الكائن والذي كان والذي يأتي … ومن يسوع المسيح الشاهد الأمين” (رؤ1: 4 و5).
والذي يثبت في تعليمه فله الآب والابن جميعاً (2يو9). وهو الذي يجعل المؤمنين ملوكاً وكهنة في قوله "الذي أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوكاً وكهنة لله أبيه” (رؤ1: 6) وقوله " لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك … وجعلتنا لإلهنا ملوكاً وكهنة فسنملك على الأرض” (رؤ5: 9 و10). وهو الذي يعطي المؤمنين سلطاناً على الأمم في قوله " من يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية فسأعطيه سلطاناً على الأمم” (رؤ2: 26). وهو الذي يكتب اسم الإنسان في سفر الحياة في قوله "من يغلب … لن أمحو اسمه من سفر الحياة” (رؤ3: 5). وهو الحافظ من التجارب كما في (رؤ3: 10)، بل هو المغني والكاسي كما في (رؤ3: 18). وله الحق أن يعلن المستقبل كما في قوله " مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح تخومه لأنك ذبحت واشتريتنا لله بدمك” (رؤ5: 9).
رابعاً: إن العظمة الإلهية نسبت للمسيح رأساً
ويظهر ذلك من القول "كل من ينكر الابن ليس له الآب أيضاً ومن يعترف بالابن فله الآب أيضاً (1يو2: 23). وأن من يثبت في كلمة الله يثبت في الابن وفي الآب بالتساوي كما في قوله " إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء فأنتم أيضاً تثبتون في الابن وفي الآب” (1يو2: 24). وشركة المؤمنين هي مع الآب ومع الابن بالتساوي كما في قوله "وأما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح" (1يو1: 3).
ومن عظمته الإلهية أنه هو الديان الذي يخجل منه في اليوم الأخير كقوله " اثبتوا فيه حتى إذا أظهر يكون لنا ثقة ولا نخجل منه في مجيئه” (1يو2: 28) "وهم يقولون للجبال والصخور اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف” (رؤ6: 16). وله ملائكة يرسلهم بأمره فيجرون إرادته كما قال- "إعلان يسوع المسيح … ليري عبيده ما لا بد أن يكون عن قريب ويبيّنه مرسلاً بيد ملاكه لعبده يوحناً (رؤ1: 1) وقوله " أنا يسوع أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس " " والرب إله الأنبياء القديسين أرسل ملاكه ليري عبيده ما ينبغي أن يكون سريعاً (رؤ22: 16و6). والمسيح معظّم بالعظمة الإلهية بأن نسب " له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين” (رؤ1: 6) وله الملكوت كما قال "أنا يوحنا أخوكم وشريككم في الضيقة وفي ملكوت يسوع المسيح” (رؤ 1: 9). والمؤمنون يضطهدون من أجل شهادته كما قال " كنت في الجزيرة التي تدعى بطمس من أجل كلمة الله ومن أجل شهادة يسوع المسيح” (1: 9). وأن له مفاتيح الهاوية والموت كما قال "والحي وكنت ميتاً وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ولي مفاتيح الهاوية والموت” (1: 18).
ومن تعظيمه أنه هو الله الممسك خدام الكنيسة بيمينه- "هذا يقوله الممسك السبعة الكواكب في يمينه” (2: 1 راجع 1: 20)، وأن الخدام يتعبون من أجل اسمه كما قال المسيح لملاك كنيسة أفسس " وقد احتملت ولك صبر وتعبت من أجل اسمي ولم تكل” (2: 3) حتى الشهداء هم شهداؤه كقوله " انتيباس شهيدي الأمين الذي قتل” (2: 13)، وقوله "ورأيت المرأة سكرى من دم القديسين ومن دم شهداء يسوع” (17: 6). وأنه هو الذي يطالب الإنسان بواجبه حتى يقدر أن يقول للمقصّر "لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى” (2: 4) و"عندي عليك قليل أن عندك هناك قوماً متمسكين بتعليم بلعام” (2: 14) و" عندي عليك أنك تسيّب المرأة إيزابل” (2: 20) وكذلك هو الله الذي يقاصّ غير التائبين كما قال " فاذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى وإلا فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها إن لم تتب” (2: 5) وقوله " ها أنا ألقيها في فراش والذين يزنون معها في ضيقة عظيمة إن كانوا لا يتوبون عن أعمالهم” (2: 22) وقوله " فاذكر كيف أخذت وسمعت واحفظ وتب فإني إن لم تسهر أقدم عليك كلص ولا تعلم أية ساعة أقدم عليك” (3: 3) وقوله "هكذا لأنك فاتر ولست بارداً ولا حاراً أنا مزمع أن أتقيأك من فمي” (3: 16).
وكما يقاص غير التائبين كذلك هو يثيب المجتهدين الأمناء ويكافئهم كقوله "من يغلب فسأعطيه أن يأكل من شجرة الحياة التي في وسط فردوس الله" و"ومن يغلب فلا يؤذيه الموت الثاني ط (رؤ2: 7و11الخ). وهو الذي يجازي كل واحد بحسب أعماله كقوله "ستعرف جميع الكنائس أني أنا هو الفاحص الكلى والقلوب وسأعطي كل واحد منكم بحسب أعماله” (2: 23) وقوله "ها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله” (22: 12).
ومن تعظيمه الإلهي أنه يمجّد من جميع المخلوقات في السماء وعلى الأرض كقوله "ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف قائلين بصوت عظيم مستحق هو الخروف المذبوح أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة. وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر كل ما فيها سمعتها قائلة للجالس على العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين” (رؤ5: 11-13) وقوله سمعت صوتاً عظيماً من جمع كثير في السماء قائلاً هللويا. الخلاص والمجد والكرامة والقدرة للرب إلهنا… وسمعت كصوت جمع كثير … قائلة هللويا فإنه قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء (19: 1 و6).
وممالك العالم تصير له يملك إلى أبد الآبدين "حدثت أصوات عظيمة في السماء قائلة قد صارت ممالك العالم لربنا ومسيحه فسيملك إلى أبد الآبدين” (11: 15) "والأربعة والعشرون شيخاً الجالسون أمام الله على عروشهم خرّوا سجدوا على وجوههم وسجدوا لله قائلين نشكرك أيها الرب الإله القادر على كل شيء الكائن والذي كان والذي يأتي لأنك أخذت قدرتك العظيمة وملكت” (11: 16).
ولما يأتي غضبه يدين الأمم وتعطى الأجرة لقديسيه يهلك الذين ليس له "فأتى غضبك وزمان الأموات ليدانوا ولتعطى الأجرة لعبيدك الأنبياء والقديسين والخائفين اسمك الصغار والكبار وليهلك الذين كانوا يهلكون الأرض” (11: 18). ومن تعظيمه ما يظهر مما قيل له في ترنيمة موسى والخروف "عظيمة وعجيبة هي أعمالك أيها الرب الإله القادر على كل شيء عادلة وحق هي طرقك يا ملك القديسين. من لا يخافك يا رب ويمجد اسمك لأنك وحدك قدوس لأن جميع الأمم سيأتون ويسجدون أمامك لأن أحكامك قد أظهرت" (15: 3 و4).
- عدد الزيارات: 3954