Skip to main content

الإصحاح الثامن والثلاثون: إعلان خصائص القوة أو سجاياها - إعلان عنايته تعالى بمخلوقاته

الصفحة 4 من 5: إعلان عنايته تعالى بمخلوقاته

(ع 39- 41) إعلان عنايته تعالى بمخلوقاته.

"أتصطاد اللبؤة فريسة. أم تشبع نفس الأشبال. حين تزمجر في عريّسها، وتجلس في عيصها للكمون.." كلا، لست أنت الذي تفعل ذلك وإنما الرب الذي يهيئ طعاماً للأسود ولأشبالها أيضاً وهي رابضة في مغاراتها، فلا يتركها تموت جوعاً.

ترى إلى أي حد من السهو والغفلة قد يصل الإنسان لو عهدت إليه ليوم واحد مهمة تقديم الطعام حتى لفريق واحد من هذه المخلوقات! إنما عن الله وحده جاء القول "كلها إياك تترجى لترزقها قوتها في حينه" "تعطيها فتلتقط تفتح يدك فتشبع خيراً" (مزمور 104: 21، 27، 28). فالله ليس فقط يحتمل هذه المخلوقات التي يفترس بعضها البعض، بل كذلك يعنى بها. هي قطعة من سيمفونية الحكيم – أخضعت مرة للإنسان ولكنها انقلبت عليه عدواً قاسياً.

وهكذا كان الشيطان – الذي ضج أيوب من هجماته – مجرد مخلوق من مشيئة الله، ينفذ مشيئة الله حتى عن طريق استخدام عدائه. وإن كان أيوب يجهل أفكاره لكن الله لا يجهلها. ومن غدره وزئيره سوف يخرج الخير. ثم "من يهيّئ للغراب صيده إذ تنعب فراخه إلى الله وتتردد لعدم القوت". فليس الأسد الكبير وحده بل الغراب الصغير نسبياً حين تصرخ فراخه إلى الله، أي نعم إنها تصرخ إليه. إنها لا تتذمر ولكنها تصرخ. إنها تعبر عن حاجتها. والله خالقها قد وضع هذه الغريزة فيها. إنها تصرخ والله يسمع صراخها كأنها موجهة إليه مباشرة تبارك اسمك يا رب! "تتردد لعدم القوت" ولكنه يسمعها ويستجيب لصراخها.

والرب يقول للتلاميذ "تأملوا الغربان إنها لا تزرع ولا تحصد، وليس لها مخدع ولا مخزن والله يقيتها، كم أنتم بالحريّ أفضل من الطيور" (لوقا 12: 24).

هكذا تنعب الغربان، فراخها القصيرة الباع. لكن الله يطعمها إن هذه الطيور التي تحيا على الجيف قد تبدو أكثر أذى للإنسان منها نفعاً، لكن الله يعنى بها. ولاحظ أنه سواء فيما يتصل باللبؤة أو الغربان، فإن الأشبال وفراخ الغربان هي موضع اهتمام الله. فهي عاجزة كل العجز، لا تملك سوى الصراخ تستلفت به النظر. غير أن إلهنا المحسن لا يغلق أذني عنايته حتى عن نعيب الغراب.

معاني الكلمات الصعبة
الصفحة
  • عدد الزيارات: 15561