الإصحاح السادس والثلاثون: معاملات الله مع الناس - عناية الله بالأبرار
(ع 5- 7) عناية الله بالأبرار.
إن أليهو – في عبارة واحدة – يكتسح الشكوك الغير المقدسة التي كان أيوب يحتضنها "هوذا الله عزيز ولكنه لا يرذل أحداً" فمع أنه تعالى غير محدود القوة، لكنه ينظر بعطف إلى أضعف خلائقه. هناك ناحيتان مطلقتان، طرفان متناقضان، يتجلى فيهما الله: العظمة اللانهائية، والصغر اللانهائي. فكم يعزينا الفكر بأنه تعالى "لا يرذل أحداً" لأن عظمته لم تكن على الإطلاق فرصة للتحقير أو السخرية. وحكمته قوية بلا حدود ولا قياس. لكنه لا يستخدمها ضد المساكين الضعفاء. لا يتجاهل الخطيئة، بل هو أخيراً لا يستبقي حياة الأشرار، بيد أننا نثق أنه بالعدالة الكاملة يتعامل في جميع الضيقات التي يسمح بها. فإن الأبرار موضوع عنايته، لا يحول عينيه عنهم. هم آمنون كما لو كانوا ملوكاً، أبداً يرتفعون. وهنا جواب مجادلات أيوب كلها. فبوصفه إنساناً باراً. ليس ما يحمله على الخوف. هو في أمان، وفي الوقت المعين سوف تثبت ويرتفع. ولقد كان إيمانه يبصر هذه الحقيقة من خلال الظلمة التي اكتنفته، وهنا تتقرر مرة وإلى الأبد.
"هوذا الله عزيز (أي قوي) ولكنه لا يرذّل أحداً". يا له من قول عجيب قد يظن الناس، وأكثرهم يظنون فعلاً أنه بمقدار ما يعظم جلال الله بمقدار ما يقل اهتمامه بأصغر شيء على الأرض. ولكن العكس هو الصحيح. فالله يظهر قوته وعظمته وجلال اقتداره باستطاعته السيطرة على كل شيء واهتمامه وإظهار عنايته بأصغر حشرة في الوجود.
- عدد الزيارات: 18998