تمهيد - الكرازة بالإنجيل في أفسس
الكرازة بالإنجيل في أفسس
لسنا نعلم بالتحقيق كيف ومتى كرز بالإنجيل في أفسس، ولكننا نعلم أنه لما حل الروح القدس على المؤمنين الذين كانوا مجتمعين معا في يوم الخمسين، كان بين الرجال اليهود الأتقياء الساكنين في أو رشليم من كل أمة تحت السماء بعض رجال من آسيا (التي كانت أفسس عاصمتها) (أع 2 : 9). هؤلاء سمعوا بشارة الإنجيل وتابوا وآمنوا بالمسيح.
كذلك واضح أن الرسول زار مدينة أفسس لأول مرة وهوفي طريقه من كورنثوس إلى سوريا عند عودته من أو ربا، من سفرته التبشيرية الثانية*، وانه دخل المجمع وحاج اليهود ولكنه لم يمكث طويلا بل ترك أكيلا وبريسكلا هناك (أع 18 : 19، 20).
ثم واضح أيضاً أن الرب استخدم هنالك ابلوس الاسكندري، الذي أتى إلى أفسس، وكان رجلا فصيحا ومقتدرا في الكتب وخبيرا في طريق الرب، وكان وهو حار بالروح يتكلم ويعلم بتدقيق ما يختص بالرب عارفا بمعمودية يوحنا فقط،
· غالبا في سنة 54 م
ولكن إذ سمعه أكيلا وبريسكلا أخذاه وشرحا له طريق الرب بأكثر تدقيق (أع 18 : 24 – 26).
و واضح بكل يقين أن الرسول العظيم بولس عاد إلى أفسس مرة أخرى، وأن مدة السنوات الثلاث التي قضاها في أفسس كارزا ومعلما " ليلا ونهارا " أتت بابرك الثمرات في خلاص نفوس كثيرة وفي تعليم المؤمنين " جهرا وفي كل بيت " (أع 19 : 1-20، 20 : 20-31).
" فقال لهم فبماذا اعتمدتم؟ " فأجابوه " بمعمودية يوحنا " فالذي حدا بالرسول أن يسألهم عن المعمودية هو يقينه بأن من أعتمد بالمعمودية المسيحية لا يمكن أن يجهل حقيقة الولادة الجديدة. لوكانوا اعتمدوا بالمعمودية باسم الرب يسوع لكانوا بلا ريب عرفوا عن الإنجيل وقوته المخلصة.
أن كل ما كان يدركه هؤلاء التلاميذ قد تعلموه من ابلوس الذي مع أنه كان رجلا فصيحا ومقتدرا في الكتب وحارا بالروح إلا أنه كان عارفا معمودية يوحنا فقط. فلم يكن مدركا لحقيقة الفداء الكامل بعمل ربنا يسوع المسيح فوق الصليب وقيامته من بين الأموات وصعوده إلى السماء. لقد علم ابلوس بمعمودية التوبة التي تتطلع إلى الملك الآتي، أما المعمودية المسيحية فإنها تتطلع إلى الوراء حيث أكمل عمل الخلاص بذاك الذي ولد من عذراء وعاش عيشة القداسة الفريدة والكاملة " القدوس " وتتطلع إلى موته الكفاري وإلى نصرة قيامته، وإلى صعوده إلى السماء وجلوسه عن يمين الاب. أن المعمودية المسيحية هي برهان اتحاد كل ابن حقيقي لله مع المسيح في الموت والدفن والقيامة. وقد كانت نتيجة حديث الرسول بولس مع أولئك التلاميذ انهم " لما سمعوا اعتمدوا باسم الرب يسوع " (أع 19 : 5).
ثم إذ تتبعنا الرسول بولس في خدمته في أفسس نجده في مجمع اليهود كان يجاهر مدة ثلاثة شهور محاجا ومقنعا في ما يختص بملكوت الله " (أع 19 : 8) ولكن لما كان قوم من اليهود يتقسون ولا يقنعون شاتمين الطريق أمام الجمهور اعتزل عنهم وأفرز التلاميذ محاجا كل يوم في مدرسة إنسان اسمه تيرانس (ع9) لقد رفض بولس أن يبقى في شركة مع من ينكرون سيده " أية شركة للنور مع الظلمة. وأي أتفاق للمسيح مع بليعال " إن الأمر الإلهي الصريح " أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب " (2 كو6 : 14-18). أن كل خادم أمين للمسيح لا يتوانى عن الانفصال عمن ينكرون اسم سيده أو قيمة عمله الفدائي.
لقد كانت الكنيسة في أفسس تجتمع في تلك المدرسة، إذ ليست العبرة بمكان الاجتماع وبفخامة تشييده بل بأمانة المجتمعين باسم الرب وفي حضرته (مت 18 : 20) لقد أراد الرب أن تسمع آسيا كلمة الإنجيل، ولمدة سنتين استمر بولس كارزا ومعلما في كل يوم " حتى سمع كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا من يهود ويونانيين " (أع 19: 9، 10).
كذلك كان عمل النعمة في نفوس الذين آمنوا عملا حقيقيا ومثمرا " وكان اسم الرب يسوع يتعظم. وكان كثيرون من الذين آمنوا يأتون مقرين ومخبرين بأفعالهم. وكان كثيرون من الذين يستعملون السحر يجمعون الكتب ويحرقونها أمام الجميع. وحسبوا اثمانها فوجدوها خمسين ألفا من الفضة. وهكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة " (أع 19 : 17-20).
- عدد الزيارات: 11315