الأصحاح السادس والعشرون
الأعداد الاثنى عشر الأولى من هذا الأصحاح تعالج موضوع "الجاهل". لكن لا ننس أن هذا التعبير لا صلة له بذي العقلية الضعيفة أو عديم الكفاية؟ فالجاهل والأحمق لفظان مترادفان للخاطئ؟ مع زيادة فكرة العناد؟ حتى يتسنى لنا إدراك كثير من الإنذارات والتهديدات. فالجهال؟ بهذا المعنى؟ هم الذين يسخرون من الخطية ويفرحون بالإثم ويأبون أن يسمعوا لصوت الحكمة.
1. كالثلج في الصيف وكالمطر في الحصاد هكذا الكرامة غير لائقة بالجاهل.
الثلج في الصيف كله مضار لأنه يعوق نمو النبات. والمطر خلال الحصاد يعطل الحاصد لدرجة كبيرة؟ بل ربما يؤدي إلى تلف المحصول. هكذا الجاهل في مكان الكرامة إنه غير مناسب له؟ وقد ينشئ ضرراً وخسارة بالغة. فهو لا يعلم كيف يساير الظروف التي تحيط به؟ وفيه يتم القول: «الإنسان في كرامة لا يبيت؟ يشبه البهائم التي تباد» (مز49: 12).
2. كالعصفور للفرار وكالسنونة للطيران كذلك لعنة بلا سبب لا تأتي.
إن الجهال يسارعون إلى صبّ اللعنات لدرجة ينـزعج معها؟ إلى حد كبير؟ أولئك الجبناء الذين يعيشون في خوف من إتمام لعناتهم. على أنه كما يلازم العصفور والسنونة الهواء؟ فيمرقان سريعاً ويختفيان عن الأنظار؟ هكذا الأمر مع لعنة بلا سبب. قارن لعنات جليات (1صم17: 43).
3. السوط للفرس واللجام للحمار والعصا لظهر الجهال.
راجع ص10: 13؟ 19: 29. قد يرى البعض أن الوضع يختلف عن ذلك فيظنون أن السوط للحمار واللجام للفرس؟ لكن الواقع في فلسطين هو بحسب منطوق المثل. ذلك أن الخيل لا تستخدم كثيراً؟ وهي عنيدة جامحة بصورة عجيبة؟ بينما الحمار متعجل أكثر من اللازم. ولذلك هو بحاجة إلى زمام ولجام لحفظه في الوضع المناسب. والجاهل عرضة للخطأ من كلا الجانبين؟ ولذلك ينبغي أن تلازمه عصا التوبيخ لوقف عناده؟ والمرنم في مزمور32: 9 يحذرنا من عدم إظهار الطاعة المطلوبة؟ الأمر الذي يقتضي قيادة اللجام والزمام.
4. لا تجاوب الجاهل حسب حماقته لئلا تعدله أنت. 5. جاوب الجاهل حسب حماقته لئلا يكون حكيماً في عيني نفسه.
مع أن هذين العددين ينطويان على نوعين متناقضين من التوجيه أو الإرشاد؟ إلا أنهما مرتبطان معاً ارتباطاً وثيقاً؟ ولو أن المكابرين يرون فيهما تناقضاً وتعارضاً. على أنه يجب أن نعمل حساباً للوقت والوضع اللذين يكون فيهما الإنسان وهو يدخل في مباحثة أو نقاش مع الجاهل. فإن مجاوبته بروح الاستهزاء والأنانية التي يبديها؟ معناه الانحدار معه إلى مستواه. فإذا تهكم وجاوبته أنت متهكماً مثله؟ فأنت تحذو حذوه؟ وتتمثل به. ومن الناحية الأخرى؟ إذا أنت تركت أقواله الحمقاء الجاهلة تأخذ مجراها دون أن تدفعها؟ فإن هذا يعزز موقفه ويشجعه على الاستمرار في ثقته في ذاته وخداعه ولكن كشف ضآلته؟ ومواجهة حماقته بقصد إقناعه؟ ربما على الأقل يذلَله ويجعله يحس بالحاجة إلى التروي أو الفحص الدقيق. لم يجاوب رجال حزقيا ربشاقي على تجاديفه؟ وبذلك كانوا يطيعون أول هاتين الوصيتين (2مل18: 36). وقد أجاب نحميا بجفاء على ادعاءات وافتراءات سنبلط؟ وبذلك فعل طبقاً للنصيحة الثانية (نح6: 8).
6. يقطع الرجلين يشرب ظلماً من يرسل كلاماً عن يد جاهل. 7. ساقا الأعرج متدلدلتان وكذا المثل في فم الجهال. 8. كصرّة حجارة كريمة في رجمة هكذا المعطي كرامة للجاهل. 9. شوك مرتفع بيد سكران مثل المثل في فم الجهال.
كل ثنائية من هذه الثنائيات الأربع تعالج نفس الموضوع العام. فائتمان الجاهل على رسالة هامة يشبه تقطيع الرجلين أو احتساء شراب سام. إن القصد يتعطل لأن الرسول لا يمكن الاعتماد عليه. وهذه الثنائية تحمل فكرة الانقباض والتأخير أو التعطيل. وقد لعب يونان دور مثل هذا الرسول قبل أن يعرف خطيته.
إن الأعرج؟ بسبب عدم استقامة ساقيه؟ يخمع في مشيته؟ والشخص الذي ليس ابناً للحكمة ويحاول أن يستخدم ألفاظها؟ هو أيضاً يخمع بكلامه؟ وطرقه العرجاء تكشف حماقته. هكذا كان شاول بين الأنبياء (1صم19: 24).
تفترض عبارة «كصرة حجارة كريمة في رجمة» أن تكريم الجاهل يشبه إلقاء جواهر كريمة بين الأحجار على قارعة الطريق. انظر هيرودس (أع12: 20-23).
ثم أن «شوكاً مرتفعاً» أو «غصناً من الشوك» في يد سكران من المحقق أن يؤذيه ويضر غيره. وهذا ينطبق على الجاهل حينما يضع نفسه موضع المعلم الذي يعلم غيره. إنه يؤذي ويتلف نفسه والذين يسمعونه. انظر ما يقوله الله عن شمعيا النحلامي (إر29: 30؟32).
10. رام يطعن الكل هكذا من يستأجر الجاهل أو يستأجر المحتالين.
إن الإهمال وعدم المبالاة نتائجهما وخيمة. فاستئجار أناس أغبياء؟ والثقة في أناس من عابري السبيل؟ غير معروفين؟ وتسليمهم أعمال هامة؟ أمر يدل على منتهى الجهل؟ وهو تصرف كله خطورة؟ إذ يكون مثل هذا كمن يرمي سهاماً غير عابئ أين تذهب ومن تصيب؟ ويكون مصيره الفقر والخراب. سهامه تصيب الجميع؟ إذ يطعن نفسه؟ ويطعن آخرين أيضاً ممن لهم صلة وعلاقة به. ولسهولة فهم المثل اقرأه هكذا: من يستأجر غبياً؟ أو يستأجر عابر طريق؟ يكون كمن يرمي سهاماً يطعن الجميع.
11. كما يعود الكلب إلى قيئه هكذا الجاهل يعيد حماقته.
إن عادة الكلب المنفرة أن يأكل مرة أخرى الطعام القذر الذي تقيأه؟ هي التصوير الدقيق الملائم لمن يترك حماقته وقتاً؟ ثم يعود إليها في شغف أكثر. ونعلم أن الرسول بطرس يطبق هذا المثل على أولئك الذين مع معرفتهم نعمة الله المخلصة وسلوكهم المسلك المستقيم فترة من الزمن؟ لكنهم إذا ما تعرضوا لغواياتهم السابقة؟ فإنهم ليسوا فقط يسقطون في خطاياهم السابقة؟ بل يعودون إليها بشغف وشراهة؟ مظهرين بذلك أن قلبهم لم يكن قد تجدد على الإطلاق. ومثل هؤلاء الأشخاص كثيراً ما يظنوا أنهم تجددوا وصاروا أولاداً لله؟ ثم فقدوا الخلاص الذي نالوه مرة؟ وأنهم أصبحوا مرة أخرى أولاداً لإبليس. ولكن تعليماً كهذا لا يعرفه الكتاب. فإن كل من يقبل إلى المسيح بالإيمان القلبي الصحيح؟ ينال حياة أبدية؟ ولن يهلك؟ لأنه يرتبط بالمسيح إلى الأبد؟ والحياة التي يحصل عليها منه «أبدية» أي لا تضيع أبداً. (يو1: 12؟ 10: 27-29).
غير أن بطرس يشير إلى أشخاص كانوا قد أصلحوا حياتهم ظاهرياً؟ ولم يرجعوا إلى الله بالفعل؟ كما نفهم من أقوال الرسول في 2بط2: 20-22. ولو أننا قرأنا بإمعان الجزء السابق من الأصحاح لفهمنا فوراً أنه كان يكتب عن معلمين كذبة وعن اعتراف كاذب؟ عن أشخاص يريدون أن يأخذوا المسيحية كنظام؟ ولكنهم لم يعرفوا قوّتها مطلقاً. مثل هؤلاء الأشخاص قد يستمرون بعض الوقت؟ كما لو كانوا مولودين من الله؟ غير أن حالتهم تظهر على حقيقتها أخيراً. وإذ يتخلون عن اعترافهم الأجوف وينتكسون في طرقهم القديمة؟ يكونون أفضل تطبيق لحقيقة هذا المثل.
لا ينظر الكتاب مطلقاً إلى الكلب ممثلاً للمؤمن؟ بل للمعلم الكاذب الباطل. خذ مثلاً تحذير بولس في فيلبى2: 3 ووصف إشعياء 56: 10-12. فهؤلاء الكلاب هم الذين يعودون إلى قيئهم؟ كما تعود الخنـزيرة إلى مراغة الحمأة بعد أن تكون قد اغتسلت. ولو أن الخنـزيرة كانت قد تحولت إلى خروف (رمز المسيحي)؟ فما كانت لتجد لذتها في الحمأة والوحل مرة أخرى. قد يسقط الخروف في الوحل؟ ولكنه لن يهدأ حتى يتخلص منه؟ أما الخنـزير فيجد في الوحل عناصره الطبيعية. وهذا هو الفارق بين قديس الله الحقيقي وبين المنافق المهذب. وبطرس ويهوذا يصوران هذين الفريقين؟ فإن نظرة الرب يسوع أذابت قلب بطرس وردت نفسه؟ أما يهوذا الذي سيطرت عليه روح الطمع للآخر فمع أنه أحس بالتبكيت؟ إلا أنه لم تكن له توبة من نحو الله. راجع ص14: 14.
12. أرأيت رجلاً حكيماً في عيني نفسه؟ الرجاء بالجاهل أكثر من الرجاء به.
إن الادعاء الأجوف الذي يوهم صاحبه بأنه أرفع من أن يتلقى التعليم؟ يضعه بعيداً عن قبول أية معونة. أما الجاهل؟ المطبق الجهل؟ الذي لا يدعي بأن لديه شيئاً سوى حماقته وإثمه؟ فإن خلاصه أسهل من خلاص المدعي؟ الذي يدّعي المعرفة والتقوى لكنه بكلياته متعلق بطرقه الخاصة الغبية. والرسول بولس يحذرنا ضد هذه الحالة التعسة (رو12: 16). راجع أيضاً ع5 من هذا الأصحاح.
13. قال الكسلان الأسد في الطريق الشبل في الشوارع. 14. الباب يدور على صائره والكسلان على فراشه. 15. الكسلان يخفي يده في الصحفة ويشق عليه أن يردها إلى فمه. 16. الكسلان أوفر حكمة في عيني نفسه من السبعة المجيبين بعقل.
انظر ص13: 4؟ 15: 9؟ 19: 15؟ 20: 4؟ 21: 25؟26؟ 24: 30؟34. الكسلان هو الشخص الذي نعرفه جيداً؟ هو يقول كثيراً ولا ينفذ شيئاً بسبب التأجيل فإذا لم تكن أمامه صعوبات فعلية؟ فإنه يتوهمها ويتخيلها؟ ومن ثم تصبح حقيقة في عينيه كما لو كانت موجودة. هو لا يستطيع أن يسير في الشوارع لأن الأسد هناك؟ ولو لم ير الآخرون خطراً. أما ذو العزيمة والتصميم؟ فإنه يخرج متقوياً بالرب؟ ومثل شمشون يمزق الأسد. ولكن ليس الأمر كذلك مع الكسلان؟ فإنه يتعلل بأي عذر ويبقى في عقر داره (ص22: 13). كانت الأبواب قديماً تدور ليس على مفصلات؟ بل على محور؟ وهكذا تتحرك كثيراً ولكنها لا تنتقل من مكانها؟ تدور حول المحور ولا تحيد عنه؟ هكذا الكسلان؟ يتصور دائماً أنه سيتحرك؟ لكنه يلازم فراشه متقلباً على جنب فجنب.
وحتى على مائدة الطعام؟ هو من الكسل بحيث لا يقدر أن ينقل الطعام من الطبق إلى فمه. هذا منتهى الكسل. وفي الأجواء الحارة ليس الوصف بغريب (ص19: 24). وعلى رغم افتقاره إلى الحزم والعزم؟ فإنه في عيني نفسه أحكم من عدد من الرجال يتصفون بالكياسة والنشاط. وإنك لتراه ينتحل المعاذير ويخترع مناقشات كثيرة ليبرر كسله. ولا يؤثر فيه تبرم الأشخاص الذين هم أحسن منه. إن حالة انعدام القصد والعزم قد توجد أحياناً بين شباب القديسين الأمر الذي لا يتخلف عنه سوى تحطيم شهادتهم. وكم هو أفضل أن يكونوا غيورين جداً؟ من أن يلعبوا دور الكسالى. انظر يوآش ملك إسرائيل وأليشع النبي (2مل13: 14-19).
17. كممسك أذني كلب هكذا من يعبر ويتعرض لمشاجرة لا تعنيه.
إن التدخل في مشاحنات الناس تصرف أحمق وخطر. ومعروف أن الكلاب في فلسطين متوحشة؟ فإن أنت أمسكت كلباً من أذنيه فإنك تتعرض للأذى والوجع. ومن الحكمة أن تتركه وشأنه. صحيح؟ أننا نرى الكلاب في المدن؟ وهي نافعة من بعض الوجوه؟ لكن لم يدّع أحد بالسيطرة عليها والتعرض لها. هكذا في مخاصمة ومشاجرة الآخرين يحسن بالعابر أن يتجنب التدخل فيها؟ وأن يدع الطرفين يعملان على تسوية خلافاتهما معاً. إلا إذا قصد كلاهما أن يلجأا إليك لتقوم لهما بدور صانع السلام. لما عرض موسى وساطته على اثنين من اخوته يتخاصمان؟ قوبل منهما برفض تلك الوساطة (خر3: 2؟14).
18. مثل المجنون الذي يرمي ناراً وسهاماً وموتاً. 19. هكذا الرجل الخادع قريبه ويقول: ألم ألعب أنا؟
إن اقتراف المكايد القاسية على شخص ما؟ وبعد أن تخلق تلك المكائد اضطراباً خطيراً وربما خسائر فادحة؟ يحاول مجري المكائد أن يضحك وكأنه إنما يمزح؟ من يعمل هكذا فهو كمن يدعي الجنون ويجد تسلية وألعوبة في إيذاء الآخرين. فإن الخداع تحت اسم التفكه أمر ممقوت كأي شيء آخر يدخله الخداع. والتسلية على حساب إيلام الآخرين؟ تصرف لا يقوم به سوى عديم التفكير والشخص الأناني. انظر ص 10: 23 و2بطرس2: 13.
20. بعدم الحطب تنطفئ النار. وحيث لا نمام يهدأ الخصام. 21. فحم للجمر وحطب للنار هكذا الرجل المخاصم لتهييج النـزاع. 22. كلام النمام مثل لقم حلوة فينـزل إلى مخادع البطن.
راجع ص11: 13 و16: 27؟28. طالما وجّه الروح القدس أنظارنا إلى مساوئ النميمة والوشاية؟ ولكن لأننا متباطئون في الفهم؟ لذلك يعود الروح فيذكرنا بشأن هذه الرذيلة التي أصبحت في أماكن متعددة لعنة صارخة بين قديسي الله. وطوبى للجماعة التي لا يوجد بينها نمام أو ساعٍ في الوشاية. وكما تنطفئ النار حيث لا يوجد وقود يساعد على بقاء اشتعالها؟ هكذا يختفي الكثير من المشاكل حيث لا نمّام يهيج الخصام. ولكن؟ كما يضاف الفحم إلى الجمر؟ هكذا الرجل المخاصم يثير ويشعل الحساسيات الشريرة. فيزداد الخبث والحقد أكثر من ذي قبل. إنها عملية مؤسفة أن ينتقل إنسان من واحد إلى آخر ليهيج العواطف ويزيد من تعقيد الأمور حتى تتعذر تسويتها. وكم من أناس يأخذون كلام النمام على أنه لقمة سائغة تنـزل إلى أغوار الكيان وفي الغالب يستقر ولا يمحى.
23. فضة زغل تغشي شقفة. هكذا الشفتان المتوقدتان والقلب الشرير. 24. بشفتيه يتنكر المبغض وفي جوفه يضع غشاً. 25. إذا حسّن صوته فلا تأتمنه لأن في قلبه سبع رجاسات. 26. من يغطي بغضه بمكر يكشف خبثه بين الجماعة. 27. من يحفر حفرة يسقط فيها ومن يدحرج حجراً يرجع عليه. 28. اللسان الكاذب يبغض منسحقيه والفم الملق يعدّ خراباً.
إن الشخص الذي قد يبدي بعض مظاهر المحبة والمودة؟ بينما قلبه عاكف على الشر؟ يشبه إناء من الخزف الرخيص تعلوه طبقة من حثالة الفضة. فتراه وكأنه ذو قيمة؟ لكنه في الواقع شيء تافه. هكذا نفاق المتملق. فإنه لا ينطق بأقواله المتقدة إلا ليغطي فساد مقاصده. وهو يسعى لخداع الذين يبغضهم بكلام حلو؟ بينما قلبه مملوءاً رجاسات ولا يؤتمن. إنه يحاول أن يغطي خبثه بالبطل؟ وقد ينجح إلى حين؟ لكن لابد أن تتجلى حقيقته في الوقت المناسب.
وإذ هو يحفر حفرة لقريبه؟ يسقط هو فيها؟ كما حدث مع هامان؟ الذي بكلام المداهنة والغيرة الظاهرة على كرامة أحشويروش؟ حصل على ترخيص بإهلاك اليهود. ولكن في الوقت المناسب ظهرت خديعته؟ وصُلب على الخشبة التي كان قد أعدّها لمردخاي. كان كمن يدحرج حجراً على تل؟ وإذ ارتطم رجع عليه باندفاع. وكذلك الحال مع رجال بلاط داريوس؟ الذين حملوه على إصدار قرارات ملكية؟ ظنوا أنها تؤول إلى هلاك دانيال؟ وكانت العاقبة وبالاً عليهم؟ إذ أصابهم ما فكروا أن يصيب دانيال.
إن العدد الأخير يعبّر عن حقيقة مألوفة بين الناس من كل الشعوب؟ وهي أن الإنسان يبغض من أساء إليه وعمل على إيذائه. ولكن العجيب أن يبغض الإنسان من يحسن إليه بل ويعمل على أذيته. فالدائن مثلاً؟ قد يسامح المدين؟ غير أن المدين عرضة أن يمتلئ صدره بالمرارة ضد الشخص الذي سامحه. قد تتجاوز عن ضرر يلحقك؟ ولكن الشخص الذي تسبب في ضررك يبغضك بسبب إشفاقك عليه. هذا شيء عجيب في طبيعة الناس الساقطة ولا داعي للتعليق عليه. ومثل هذا الشخص (الذي يسئ إلى من أحسن إليه)؟ لكي يخفي مشاعره؟ تراه يتملق بشفتيه؟ بينما هو يفكر في تخريب ضحيته. وهي نفس الخطية التي ظهرت في يهوذا الإسخريوطي وكأنها متجسدة فيه!
ألا ليت كل مسيحي يتجنب هذه الرذائل بوصفها مناقضة لروح المسيح الصافية اللامعة.
- عدد الزيارات: 3825