Skip to main content

الفَصلُ الأوَّل "لمحَة عامَّة عن رِسالَةِ بُولُس إلى أهلِ رُومية" - عامِلٌ في كَلِمَةِ الله

الصفحة 4 من 4: عامِلٌ في كَلِمَةِ الله

عامِلٌ في كَلِمَةِ الله

يَعتَقِدُ الكَثيرُونَ أنَّ هذه الرِّسالة هي أصعَبُ رسائِلِ الرَّسُول العَظيم بُولُس. لقد كانَ بُولُس "لِلكُلِّ كُلَّ شَيءٍ." ولقد كتبَ قائِلاً في الأعدادِ الإفتِتاحِيَّةِ لهذه الرِّسالَة أنَّهُ كانَ مُرغَماً على تقديمِ الإنجيل للحُكماءِ والجُهلاء (1: 14) ولقد شَرَحَ للكُورنثُوسيِّينَ أنَّ الرُّوحَ القُدُس يُعلِنُ الحقيقَةَ الرُّوحيَّة للأشخاصِ الرُّوحِيِّين، بِغَضِّ النَّظَرِ عن مُستَوى ثقافَتِهِم. ولكنَّهُ يَقُولُ في هذا الإطار أنَّهُ يتكلَّمُ بِحِكمَةٍ بينَ الكامِلين (1كُورنثُوس 2: 6).

هذا ما فعلَهُ بُولُس عندما كتبَ هذه الرِّسالة. عليكَ أن تتعلَّمَ أن تدرُسَ، إذا أردتَ أن تفهَمَ ما كتبَهُ بُولُس في رِسالَتِهِ إلى أهلِ رُومية. لكَي تفهَمَ ما أقصُدُ، تأمَّلْ بهذه الكلمات التي كتبَها بُولُس لتيمُوثاوُس: "إجتَهِدْ أن تُقيمَ نفسكَ للهِ مُزَكَّىً، عامِلاً لا يُخزى، مُفَصِّلاً كَلِمَةَ الحَقِّ بالإستِقامَة." (2تيموثاوُس 2: 15) يبدُو وكأنَّ بُولُس، تماماً كما فعلَ إرميا، يَقُولُ لتيمُوثاوُس أن يأكُلَ كلمةَ الله – فينبَغي أن يتمَّ تفصيل كلمة الله بالإستِقامَة، إذا أرادَ تيمُوثاوُس أن يَكُونَ عامِلاً في كلمَةِ الله. الكلمة المِفتاحِيَّة في هذا المقطع هي كلمة "إجتَهِد."

في أوَّلِ مرَّةٍ حضَرتُ فيها درسَ اللُّغَةِ اليُونانِيَّة، كانَ أُستاذُ اللُّغةِ اليونانِيَّة قد وضعَ لوحَةً على الحائط فوق مكتَبِهِ، مكتُوبٌ عليها العدد الذي قالَهُ بُولُس لتيمُوثاوُس. فبدأَ الأُستاذُ مُحاضَرَتَهُ بالإشارَةِ إلى تلكَ اللوحة على الحائط، طارِحاً السُّؤال، "هل تَعرِفُونَ ماذا تعني كلمة "إجتَهِد" في اللُّغَةِ اليُونانِيَّة؟ إنَّها تعني، "أُبذُل قُصارَى جُهدِكَ للمعرِفَة."

أتَعجَّبُ منَ الأشخاص الذين يعتَقِدونَ أنَّهُم يستطيعُونَ الإجتِهاد في دَرسِ علمِ الجَبر، والهَندَسَة، والكيمياء، والبيولوجيا، أو العُلوم، ولكنَّهُم يتوقَّعُونَ أن يفتَحُوا كتابَهُم المُقدَّس وأن يفهَمُوا رسالَةً مثل رسالَة بُولُس إلى أهلِ رُومية، بدُونِ أيَّةِ دراسَةٍ لها. وكأنَّهُم بهذا يُؤمِنُونَ أنَّهُ بإستِطاعَتِهِم أن يفهَمُوا الكتابَ المُقَدَّس بمُجَرَّدِ وضعِهِ تحتَ وِسادَتِهم خلالَ الليل، مُتَوقِّعينَ أن يضعَ اللهُ فهمَ كلمتِهِ في أذهانِهِم خلالَ نومِهِم. يبدو أنَّ هكذا أشخاصٍ لا يُدركُونَ أنَّ اللهَ لا يُعلنُ كلمَتَهُ لنا بنَوعٍ منَ السِّحرِ الرُّوحِيّ.

فنحنُ ندرُسُ الكتابَ المُقدَّس بِبَساطَةٍ، إذا توقَّعنا أن تلمُسَ كلمَةُ اللهِ قُلُوبَنا وأن تُصبِحَ قُوَّةً في حياتِنا. يَصدُقُ هذا بشكلٍ خاصٍّ عندَما نبدَأُ هذه الدِّراسَة المُعَمَّقَة للرِّسالَةِ إلى أهلِ رُومية. لهذا، أطلُبُوا منَ الرُّوحِ القُدُس أن يُعلِنَ لكُم فحوى رسالة بُولس العميقة هذه، وكذلكَ حاوِلُوا أن تَضعُوا جهداً لدرسِها بينَما نتأمَّلُ بها معاً. خَصِّصُوا على الأقَلّ لدراسَةِ هذه الرِّسالَة من المَجهُودِ الذِّهنِيّ، ما تُخَصِّصُوهُ لدراسَةِ أيِّ مَوضُوعٍ آخر في الجامِعة أو في العمل الذي تكتَسِبُونَ منهُ عيشَكُم. فإذا درستُم بإجتِهادٍ هذه الكلمات التي كتَبَها بُولُس لِلمُؤمِنينَ في رُومية، سوفَ تفهَمُونَ لماذا قالَ عنها البَعضُ أنَّها من أهمِّ أسفارِ الكتابِ المُقدَّس.

الصفحة
  • عدد الزيارات: 17001