Skip to main content

الفَصلُ الأوَّل "لمحَة عامَّة عن رِسالَةِ بُولُس إلى أهلِ رُومية" - أهمِّيَّة رِسالَة رُومية

الصفحة 3 من 4: أهمِّيَّة رِسالَة رُومية

أهمِّيَّة رِسالَة رُومية

قَبلَ أن نبدأَ دراسَتَنا عدداً بعدَ الآخر لهذه الرِّسالة المُوحَى بها، عليَّ أن أُقدِّمَ أمثِلَةً عن تأثيرِ هذا السِّفر على حياة النَّاس عبرَ تاريخِ الكنيسة. فلم يسبِق لأيِّ سفرٍ في العهدِ الجديد أن أثَّرَ على تاريخِ الكنيسة بمقدارِ ما أثَّرَت رسالَة بُولُس هذه على مُؤمني رُوما.

أحدُ أعظَمِ الرِّجالاتِ الذين سنلتَقيهُم في كُتُبِ تاريخِ الكنيسة، يُسَمَّى أُغسطِينُوس. فلقد كانَ قائِداً عظيماً لكنيسةِ شمالِي إفريقيا. وكانَ أُوغسطينُوس قد تجدَّدَ من خلفيَّةِ حياةٍ رهيبَة غارِقَة في الخَطيَّة، بِقراءَةِ عددٍ واحدٍ من رِسالَةِ رُومية. فإستِجابَةً لِصلواتِ أُمِّهِ التَّقيَّة، سَمِعَ صَوتَ طِفلٍ يَقُولُ لهُ أن يستَيقِظَ وأن يقرَأَ ذلكَ العدد. وعندما تجاوَبَ بعملِ ما طُلِبَ منهُ القِيامُ بهِ، تجدَّدَ بأُعجُوبَة. فتاريخُ الكنيسة كانَ قد تأثَّرَ ديناميكيَّاً بتجديد أُغسطينُوس، الذي نتجَ عن قراءَتِهِ لعددٍ واحدٍ من رسالَة بُولُس المُوحاة هذه.

كَكاهِنٍ كاثُوليكيّ، كانَ مارتِن لُوثر يُعاني من صِراعٍ في نفسِهِ حولَ خلاصِهِ الشَّخصِي وعلاقَتِهِ معَ الله. وذاتَ صباحٍ خلالَ تأمُّلاتِهِ، إختَبَرَ تدخُّلاً إلهيَّاً. كانَ يُحَضِّرُ ليُعلِّمَ كلمةَ اللهِ في جامِعَةِ وِتنبرغ، فإرتَسَمَ أمامَهُ العددُ 17 من الإصحاحِ الأوَّل من رسالَةِ رُومية. "تُخبِرُنا هذه الأخبارُ السَّارَّةُ كيفَ يجعَلُنا اللهُ مُبَرَّرينَ أمامَ عينيه. وهذا يتحقَّقُ منَ البِدايَةِ إلى النِّهايَةِ بالإيمان. فكما تقُولُ كلمةُ الله، "وأمَّا البارُّ فبالإيمانِ يحيا." وعلى مِثالِ أُوغسطينُوس، تجدَّدَ مارتن لُوثر بطريقَةِ مجيدة، وتأثَّرَتْ أُورُوبا بأسرِها بما نُسمِّيهِ الإصلاح، الذي كانَ نتيجَةَ تَجديدِ لُوثَر. فذلكَ العددُ الوَحيدُ أثَّرَ على أُورُوبَّا بأسرِها، وليسَ فقط على حياة ذلكَ الكاهِنِ الكاثُوليكيّ، مارتن لُوثَر.

وبعدَ قَرنَين، رَجُلٌ إسمُهُ جُون وِسلي يُخبِرُنا أنَّ قَلبَهُ شَعرَ بالدِّفءِ الرُّوحِي بشكلٍ غَريبٍ في مكانٍ يُسمَّى Aldersgate. فتجدَّدَ وسلي تماماً كما حدَثَ معَ أُوغسطينُوس ولُوثر. فبينما كانَ أحدُهُم يقرَأُ تفسيرِ لُوثر لرِسالَةِ رُومية، جدَّدَ اللهُ جُون وِسلي بِطَريقَةٍ عجائبِيَّة، فحدَثَ ما يُسمِّيهِ مُؤَرِّخُو الكنيسة بالنَّهضَةِ العَظيمة، أو نهضَة القرن الثَّامِن عشَر، التي غَيَّرت تاريخَ إنكلترا، والتي بِحَسَبِ المُؤرِّخينَ المدنيِّين، جنَّبَت إنكلترا من المُرُور في ثَورَةٍ دَمَويَّةٍ كَتِلكَ التي حَدَثت في فَرَنسا، أي الثَّورة الفَرَنسيَّة، التي تركَتْ صفحَةً حزينَةً في التَّاريخِ الفَرنسي.

وهكذا تأثَّرَ تاريخُ شمالِي إفريقيا بِعُمقٍ بسببِ قراءَةِ أُوغسطينُوس لِعَدَدٍ من رسالَةِ رُومية. وتشكَّلَ تاريخُ أُوروبَّا عندما قرأَ مارتن لُوثر عدداً واحداً من هذه الرِّسالة المُوحى بها منَ الله. وتَغَيَّرَ تاريخُ إنكلترا عندما غَيَّرَ اللهُ حياةَ جُون وسلي، بينما كانَ يقرأُ مُقَدِّمَةَ تفسيرٍ لهذه الرِّسالة لبُولس الرَّسُول إلى أهلِ رُومية. فكُلُّ طائِفَةٍ بروتستانِتيَّة مَوجُودة اليَوم، هي نتيجَةٌ مُباشَرَةٌ لتأثيرِ رسالَةِ رُومية، التي نحنُ الآن على وَشَكِ البَدءِ بدراسَتِها تفصيليَّاً.

ويُوجَدُ الكَثيرُ من النَّاسِ الذين بإمكانِنا أن نُتابِعَ سردَ أسمائِهم، من الذين تأثَّرُوا بهذا السفر، أي بِرسالَةِ رُومية. لهذا عليكَ أن تبدَأَ دِراسَةَ هذه الرِّسالة بِرُوحِ الصَّلاة، لكَي يُغَيِّرَ اللهُ حياتَكَ بينما تقرأُ وتدرُسُ هذه الرِّسالة لبُولُس إلى أهلِ رُومية. أُطلُبْ من الرُّوحِ القُدُس أن يَضَعَ الحرارَةَ في قَلبِكَ بينما تدرُسُ هذه الرِّسالة معنا.

عامِلٌ في كَلِمَةِ الله
الصفحة
  • عدد الزيارات: 17002