Skip to main content

السَّبَبُ الأوَّل - السَّبَبُ السَّابِع

الصفحة 6 من 7: السَّبَبُ السَّابِع

السَّبَبُ السَّابِع

أمّا السبب السَّابِعُ ليكونوا مثمرين فهو أنَّ الكَرَّامَ – أي الله الآب – مُلتَزِمٌ تماماً بأن يجعَلَهُم مُثمِرين. لِنَقرَأْ بِرَوِيَّة العدَدَ الثَّانِي، ثُمَّ لِنُلاحِظْ أنَّهُ عندما يجدُ الآبُ السَّماوِيُّ غُصناً مُثمِراً في هذه الكرمة، فإنَّهُ يُشَذِّبُهُ ليأتي بِثَمَرٍ أكثَر.

منذُ عدَّةِ سنواتٍ، ساعَدني زوجٌ وزوجَةٌ تَقِيَّينِ على فهمِ هذه الصُّورَة المجازِيَّة التي إستَخدَمَها يسُوع. فقَصَّا عليَّ بالتَّفصيل كيفَ أنَّهُما قاما بإتِّخاذٍ قرارٍ بالتَّقاعُدِ المُبَكِّر من عَمَلِهِما الصَّعب، فإشتريا كروماً في شمالِي كالِيفُورنيا. وبما أنَّهُما لم يعرِفَا شَيئاً بتاتاً عن العنايَةِ بالكُرُوم، وظّفا كرّاماً خَبيراً مُتَقدِّماً بالسِّنّ ليريهما كيف يعتنيان بتلك الكروم.

أوّل أمرٍ علّمهما إيّاه الكرّام كان عبورَ كلِّ الكروم التي اشترياها وقَطْعَ كلِّ الأغصان اليابسة والمتروكة من الموسم السابق.

وبعدَ أنِ إنتَهوا جَميعاً من القِيامِ بهذا الأمر، فَرحَ الزَّوجانِ كَثيراً عندما بدأت بعض البراعم تنبت على كرومهما. فقال الكرّام لهما: "تلك هي الجُذَيْرَاْتُ. سوف نسير ونقطعها كلَّها، لأنّكما لن تحصلا على نوعيّةٍ وكمّيّةٍ جيّدتينِ من الثمر، إلا إذا قطعتما تلك الجُذَيْرَاْتِ. إنّ الجذيرات تمتصّ كلّ العناصر التي تعطي الحياة، وبالتالي، لا تنتج الكرمة الثمار التي تريدان رؤيتها".

وأخبَرَني الزَّوجانِ أنَّهُم تَشَجَّعا كَثيراً حين ظهرت عناقيد العنب الصغيرة على أغصانِ الكرُوم. ولكن، للمرّة الثالثة قال لهما الكرّام: "سوف نعبر الكروم مجدّداً ونقطع هذه العناقيد، وإلا لن تحصلا أبداً على نوعيّة الفاكهة وكمّيّتها اللتينِ تريدانها".

ولقد أخبَرني الزَّوجانِ أنَّهُما للمرّة الأولى في حياتهما فَهِما العدد الثاني من الإصحاح الخامس عشر من إنجيل يوحنّا، حيثُ علَّمَ يسُوعُ قائِلاً أنَّهُ عندما يجدُ الكَرَّامُ/الآبُ، غُصناً ثابِتاً في الكَرمة ومُثمِراً، يُنَقِّيهِ ويُشذِّبُهُ لأنَّ يُريدُ أن يرى المزيدَ منَ الثِّمارِ عليهِ.

فأجَبتُهُما أنَّ الإستِماعَ إلى إختِبارِهما كَكَرَّامَينِ جَديدَين، قد ساعَدَني كثيراً على تطبيقِ هذا التَّشبيهِ العَميق الذي أعطاهُ يسُوع، على الأحداثِ التي كُنتُ أختبِرُها في حياتِي وخدمَتي. أعتَقِدُ  أنَّ الرَّبَّ نظَرَ إلى خدمَتي كما كانت في السَّبعينات، ورأى أنَّني كُنتُ مُثمِراً. وكُنتُ ثابِتاً فيهِ وأحمِلُ ثماراً لأجلِه. ولكنَّهُ لم يَكُن راضِياً على نَوعِيَّةِ أو كَمِّيَّةِ الثِّمار التي كانَ يجنيها من حياتِي. لهذا قالَ: "سوفَ أُشَذِّبُهُ وأَجعَلُهُ أكثَرَ إثمارً."

في نهايَةِ الثَّمانِينات، كُنتُ قد أصبَحتُ مَشلُولاً تماماً، بِسَبَبِ مرضٍ عُضالٍ لا يُرجَى شِفاؤُه. فمُنذُ أوائِل الثَّمانِينات، كُنتُ قد بدأتُ أشعُرُ بالشَّلَل في جسدي. وهكذا أصبحتُ مَشلُولاً تماماً الآن، منذُ عدَّةِ سنوات. ينظُرُ النَّاسُ إلى مَرَضِي ويَرْثُونَ لِحَالِي قائِلين: "يا لِهذا العَجز." فأُجيبُ، "لا، هذا ليسَ عجزاً، بل تشذِيباً. إنَّهُ تشذيبُ الآبِ السَّماوِيِّ المُحب، الذي يُحِبُّني لدَرَجَةِ أنَّهُ لا يُريدُني أن أُتابِعَ حياتِي بِسَطحِيَّةٍ، وأنا مُنشَغِلاً بِألفِ أمرٍ وأمر، ظانَّاً أنِّي بِذلكَ أُنتِجُ ثماراً، ولكنَّهُ يُريدُني أن أكُونَ مُثمِراً بطريقَةٍ مُختَلِفَة.

ومنذُ العام 1980، إنخَرَطتُ في أكثَرِ خدمَةٍ مُثمِرَةٍ في حياتِي. ولم يَكُن مُمكِناً أن أُصبِحَ مُثمِراً إلى هذا الحَدّ، لو أنَّني كُنتُ لا أزالُ أتمتَّعُ بِجَسَدٍ سَليم. أنا أُحِبُّ الكرَّامَ الإلهِيّ، لأنَّهُ شَذَّبَني وقطعَ أغصاناً كثيرةً في حياتِي، لكَي لا يسمَحَ بأن تَفُوتَني أعظَمُ فُرصَةٍ لأُثمِرَ بما أسماهُ يسُوع، "ثماراً تَدُوم." (يُوحَنَّا 15: 16)

السَّبَبُ السَّابِعُ الذي لأجلِهِ يَقُولُ يسُوعُ لهؤُلاء الرُّسُل أنَّهُ عليهِم أن يَكُونُوا مُثمِرينَ، هُوَ أنَّ أباهُم السَّماوِيَّ مُلتَزِمٌ بأن يجعَلَهُم مُثمِرين. وفي محبَّتِه لنا، تَمُرٌّ  أوقاتٌ يُشَذِبُنا فيها الرَّبُّ ليُحَسِّنَ نوعِيَّةَ وكمِّيَّةَ الثِّمار التي تُنتِجُها حياتُنا لأجلِهِ.

السَّبَبُ الثَّامِنُ
الصفحة
  • عدد الزيارات: 12241