Skip to main content

خُلاصَة

إنَّها خُطَّةُ اللهُ بأن يضعَ قُوَّةَ اللهِ في شَعبِ الله، ليُحَقِّقَ مقاصِدَ الله، من خلالِ شَعبِ الله، بِحَسَبِ خُطَّةِ الله. هذه هي رُوحُ التَّحريضِ الأوَّل، الذي أُقدِّمُه في الأخير للتَّشديد. في هذه الإستِعارة المجازِيَّة الجميلة، يسُوعُ هُوَ الكَرمة التي تبحَثُ عن أغصان. فالثِّمارُ لا تظهَرُ على الكَرمَةِ، بل على أغصانِها. يُشيرُ هذا إلى الحقيقَةِ العميقة أنَّني لو كُنتُ مَوجُوداً عندما رَتَّبَ اللهُ لهذه الخُطَّة، لكُنتُ نصحتُهُ بأن يعمَلَ خلافَ هذا التَّرتيب، لأنَّ الطبِيعَةَ البَشَريَّةَ ضَعيفَةٌ. هل تعتَقِدُ أنَّ اللهَ عرفَ عن ضَعفِ الطَّبيعَةِ البَشَريَّة عندما إتَّخذَ هذا القَرار؟ في الكتابِ المُقدَّس، تعني كلمة "جَسَد" غالِباً، "الطَّبيعة البَشَريَّة بِدُونِ مُساعَدَةِ الله." فَلِماذا خطَّطَ اللهُ القَادِرُ على كُلِّ شَيءٍ لخُطَّةِ تَحُدُّهُ بمُشارَكَةِ الإنجيل من خلالِ كائناتٍ بَشَرِيَّةٍ ضَعيفَةٍ، قد تَقُومُ أو لا تَقُومُ بالكِرازَةِ به؟

الجوابُ القصيرُ على هذا السُّؤال هُوَ أنَّ هذه هي خُطَّةُ الله. بمعنَىً ما، عندما نطرَحُ أحياناً السُّؤال، "لماذا فعلَ اللهُ هذا أو ذاك؟" يَكُونُ الجوابُ دائماً هُوَ نفسُهُ، "اللهُ وحدَهُ يعلَم." يُعطينا يسُوعُ بعضَ الأجوِبَةِ على هذا السُّؤال في هذا المقطَع. سَببانِ يستخدِمُ اللهُ لأجلِهِما الأغصانَ ليُنتِجَ الثِّمارَ التي تَدُوم، وهُما أنَّهُ عندما تتدفَّقُ حياةُ اللهِ وقُوَّتُهُ من خلالِ الأغصانِ البَشَريَّة، وعندما تَكُونُ هذه الأغصان مُثمِرَة، يتمجَّدُ اللهُ، وتختَبِرُ هذه الأغصانُ فرحاً عظيماً. ولكنَّ الجوابَ الأساسيّ على هذا السُّؤال هُوَ أنَّ المسيحَ الحَيَّ المُقام ليسَ لدَيهِ خُطَّةٌ بَديلة.  

هل رأيتم كيف أنّ يسوع يستَخدِمُ هذه الإستِعارَة المجازِيَّة عنِ الكَرمَةِ و الأغصان، ليُوضِحَ ويُطَبِّقَ جَوهرَ المفاهِيم التي علّمنا إيّاها في الغرفة العلويّة؟ "إن كنتم متّحدين معي كما أنا متّحدٌ مع الآب، تقدرون أن تعملوا أعمال اللهِ وأن تلفظوا كلامَ اللهِ. وبالحقيقَة، ستعمَلُونَ أعمالاً أعظَمَ منِّي". (يُوحَنَّا 14: 12).

هذا ما كانَ يَقُولُهُ بالحقيقة، عندما أمسَكَ بكَرمَةٍ ذاتِ أغصانٍ مُثمِرًة، وقالَ: "هل تَرَون هذه الأغصان المتّصلة بالكرمة بطريقةٍ أنّ العناصر التي تعطي الحياة تأتي من الكرمة وتعبر الأغصان وتُنْتِجُ الثمر؟ فبالطريقة عينها عليكم أن تكونوا فيّ وأنا فيكم لتكونوا مثمرين. لأنَّكُم بِدُوني لا تَقدِرُونَ أن تعمَلُوا شَيئاً، وبِدُونِكُم إختَرتُ أن لا أعمَلَ شَيئاً. ليس لديّ أيّ طريقةٍ أخرى لإنجازِ عمَلِي في هذا العالم إلا بأن أُعلِنَ كَلِمَتـي وأعملَ عملي من خلالِكُم، ومن خلالِ أُولئكَ الذين أصبحُوا تلاميذِي من خلالِ ثمارِكُم".

قبلَ أن نترُكَ هذه الأعداد السِّتَّة عشر من الإصحاحِ الخامِس عشَر من إنجيلِ يُوحَنَّا، ينبَغي أن أُشيرَ إلى أنَّ بعضَ مُفَسِّري العهدِ القَديم يُؤمِنُونَ أنَّ هذا هُوَ تفسيرُ يسُوع لإستِعارَةٍ مجازِيَّة نَجِدُها في كِتابَاتِ ووعظِ أنبياء مثل إشعياء (إشعياء 5: 1- 7). الطريقَةُ التي إستَخدَمَ بها الأنبِياءُ هذه الإستِعارَة، هي أنَّ إسرائيل هي الكرمة، وهذه الكرمة هي غير مُثمِرَة. الكرمَةُ غيرُ المُثمِرَة التي كرزَ عنها الأنبياءُ، هِيَ صُورَةٌ عن الشَّر، وعن كَونِ إسرائيل لم تَعُد بتاتاً كما أرادَ لهاَ الرَّبُّ أن تَكُون كأُمَّةِ شَعبِ الله. وهكذا يستَخدِمُ يسُوعُ في بعضِ أمثالِهِ هذه الإستِعارَة المجازِيَّة نفسَها وبالطَّريقَةِ نفسِها التي إستَخدَمَها بها الإنبياء (متَّى 21: 33- 40).

لهذا يُؤمِنُ مُفَسِّرُوا العهدِ القَديم بأنَّ يسُوعَ بدأَ إستِخدامَ إستِعارَتِهِ العظيمة في الحَقلِ، قائِلاً ما جَوهَرُهُ، "أنا الكَرمَةُ الحقيقيَّة، وليس الكرمة غير المُثمِرَة التي تكلَّمَ عنها الأنبِياء." في هذه الإستِعارَة الرَّائِعة، يقتَرِحُ البَعضُ أنَّهُ يَقُولُ للرُّسُل أنَّ الخلاصَ، السَّلام، وثَمرَ الرُّوح هي الحياة الأبديَّة الفَيَّاضة التي وعدَ بأنَّها لن تُوجَدُ بمُجَرَّدِ التَّدَيُّنِ اليَهُودِي. فهذه البَركاتُ الرُّوحِيَّةُ الخارِقَةُ للطَّبيعة، تمَّ إختِبارُها فقط في إطارِ علاقَةٍ حيويَّةٍ معَ يسُوع، بينما عرَفُوهُ آنذاكَ، وخاصَّةً عندما كانُوا سيتعرَّفُونَ مُجدَّداً عليهِ كالمسيحِ الحَيِّ المُقامَ منَ المَوت.

  • عدد الزيارات: 3120