الفصلُ الخامِس أمثالٌ عن الشراكَة - ثلاثُ فلسَفاتٍ لِلحَياة
ثلاثُ فلسَفاتٍ لِلحَياة
في إنجيلِ لُوقا، لاحِظُوا كم منَ المرَّات وفي كم من الأماكِن يتحدَّانا يسوعُ لكَي نُصبِحَ شُرَكاءَهُ في تنفيذِ بَيَانِهِ. من المُحتَمَل أنَّهُ بما أنَّ لوقا كانَ طَبيباً، كانَ الوحيد من كُتَّابِ الأناجيل الذي يذكُرُ مثل السامِري الصالِح. في لُوقا 10، يصِفُ لنا يسُوعُ رجُلاً مسلوباً ومضروباً ومطروحاً على الطريق. فبعدَ أن تمَّ سلبُهُ وتركُهُ مُجرَّحاً، مرَّ بهِ ثلاثَةُ أشخاصٍ مُختَلِفُون، ورأوهُ واقِعاً على جانِبِ الطريق (لُوقا 10: 25- 37).
الطريقُ في هذه القصَّة تقودُ من أورشَليم إلى أريحا. كانَ الكهنَةُ غالِباً ما يُسافِرونَ على هذه الطريق، لِكَي يختَلُوا في أريحا من أعمالِهِم في هَيكَلِ سُليمان. وواحِداً بعدَ الآخر، مرَّ كاهِنٌ ولاوي بجانِبِ هذا الرجُل الجريح، الذي كانَ مطرُوحاً على شفيرِ الموت، بدُونِ مُعين. فقال كُلٌّ منهُما، "أنتَ في وَرطَة، ولكنَّني لن أتدخَّلَ في هذا." ونقرَأُ أنَّهُما عبرا، أحدُهُما بعدَ الآخر، كُلٌّ إلى الجانِبِ الآخر من الطريق.
ولكنَّ سامِريَّاً مرَّ ورأى الرجُلَ في الحُفرَة مطروحاً وينزِفُ حتَّى الموت. فضمَّدَ جِراحَهُ، ووضعَهُ على حِمارِهِ، وأخذَهُ إلى فُندُقٍ وبعدَ أن أعطَى مالاً لصاحِبِ الفُندُق، قالَ لهُ، "إذا إحتجتَ أيَّ شيءٍ إضافي، سأدفَعُ لكَ عندما أرجِعُ."
إنَّ هذا المثل قدَّمَهُ يسوع جوابَاً على سُؤالٍ طرَحَهُ عليهِ أحدُ مُعلِّمي النامُوس: "من هُوَ قريبي؟" إنَّ هذا الجواب العميق الذي قدَّمَهُ يسُوع يُبَرهِنُ أنَّ هُناكَ ثلاثَة فلسفات للحَياة أو للقَريب. فبعدَ أن أخبَرَ يسُوعُ بهذه القصَّة، أجابَ على سُؤالِ النَّامُوسيّ بسُؤالٍ آخر: "مَنْ مِن هؤُلاء الثلاثة كانَ قريباً حقيقيَّاً؟"
يُجيبُ يسُوعُ أوَّلاً على سُؤالِ النَّامُوسيّ بمَثَلٍ عن اللُّصُوص الذي سرقُوا ونهبُوا وجرَّحُوا الرجُلَ حتَّى قارَبَ الموت. فلسفَةُ هؤُلاء في الحياة هي التالية: "الذي لي هو لي، والذي لكَ سيكونُ لي بأسرَعِ وقتٍ أستطيعُ فيهِ إنتزاعَهُ مِنك." هُناكَ الكثيرونَ في هذا العالَم يتبنُّونَ هذه الفلسفَة في الحَياة. لهذا هُناكَ حاجَةٌ لِوجودِ الشُّرطَة والقُوى العسكَريَّة.
الكاهِنُ واللاوي، الأشخاصُ المُتَدَيِّنُون في هذه القصَّة في لوقا 10، يُصوِّرونَ هذه الفلسفة للحياة: "الذي لي هُوَ لي؛ والذي لكَ هُوَ لكَ. لدَيَّ بركاتي، ولديكَ بركاتُكَ، لديَّ مشاكِلي، ولدَيكَ مشاكِلُكَ. لديكَ فعلاً مُشكِلَة حقيقيَّة هُناك، لأنَّكَ تنزِفُ حتى المَوت في تِلكَ الحُفرَة، ولكنَّ فلسفتي في الحياةِ تقول: عِشْ واترُكَ غيرَكَ يعيش. ما لي هُوَ لي، وما لكَ هُوَ لكَ. لهذا لن أتدخَّلَ في هذه المُشكِلَة!" كثيرٌ منَ المُتَدَيِّنين لديهم هذه الفَلسَفَة تجاهَ الحياةِ والقَريبِ اليوم.
وهُناكَ الجوابُ الثالِثُ في هذه القصَّة على سُؤالِ يسُوع عن فلسفَةِ الحياة والقَريب. فسَيِّدُ الأمثالِ المُطلَق يسُوع، ألقى هذه القصَّة إلى جانِبِ حقيقَةٍ أرادَ أن يُعلِّمَنا إيَّاها. هذه الحقيقَة مُعَبَّرٌ عنها بالطريقة التي أجابَ بها السامِريُّ على سُؤالِ يسُوع. ففلسَفَةُ السامِريِّ لِلحياة والقَريب كانت، "الذي لكَ هُوَ لَكَ والذي لي هُوَ لكَ في أيِّ وقتٍ إحتَجتَ إليهِ."
إنَّ فلسفَةَ الحياةِ هذه لن تجعَلَ منكَ غَنِيَّاً، ولكنَّها فلسفَة يسوع في تعليمِهِ عن لعازار المَطرُوح على بابِ بيتِكَ، وعن عالَمٍ فقيرٍ رُوحيَّاً لكونِهِ أعمَى، مُقيَّد، ومجروح.
بينما تتحرَّكُ يوميَّاً بينَ الناس، تعلَّم أن تنظُرَ إلى هؤلاء الذين تلتَقي بهم في حياتِكَ كُعُميان، مُقيَّدين، مكسُورين، وهؤلاء هم الذي جاءَ من أجلِهم يسُوع. تعلَّمْ كيفَ تنظُرُ إلى الناس في هذا العالم كخِرافٍ ضائعة، كدراهِم مفقودٍ، كأبناء ضالِّين، وكلِعازار المطرُوح على بابِ كنيستِك. ثُمَّ أدرِكْ أنَّ المسيحَ الحيَّ فيكَ، يُحِبُّ أن يَصِلَ إلى هؤُلاء من خِلالِكَ، وأن يجعَلَ منكَ جزءاً من حلِّهِ وجوابِهِ لحاجاتِهم في هذا العالم والأبديَّة.
قِيلَ أنَّ الكنيسةَ اليوم هي مثل دَورة كأس العالم لكُرَةِ القَدَم. فعندما تُشاهِدُ أو تحضَرُ مُباراة كأس العالم على التلفزيُون، ترى آلاف المُشاهِدين الذين هُم بأَمَسِّ الحاجَةِ إلى التمارين الرّياضِيَّة، ولكنَّهُم يَخلُدُونَ للرَّاحة، بينما يُشاهِدونَ أحدَ عشرَ لاعِباً هُم بأمَسِّ الحاجَةِ إلى الراحة، ولكنَّهُم يُثابِرونَ في التمرين. إن تنظُرُ إلى إرساليَّات يسوع في العالَمِ اليَوم، عليكَ أن تتَّخِذَ الإلتِزامَ الواعي بالمسيح المُقام الحَيّ، بأن لا تكونَ مُجرَّدَ مُشاهِدٍ بل مُشارِكٍاً ولاعِباً فاعِلاً في تلمذَةِ أشخاصٍ جُدُد ليسُوع في كُلِّ أُمَّةٍ، مُبتَدِئاً معَ قريبِكَ.
- عدد الزيارات: 15124