الفَصلُ الثَّانِي خَيمَةُ العِبادَةِ اليَوم - التَّطبيقاتُ
التَّطبيقاتُ
أنا أُسمِّي الإصحاحين الأخيرين من سفر اللاويين "التسليم." فكلٌّ من سفر اللاويين والتثنية ويشوع تُختَتَمُ بعِظاتٍ تَطبيقيَّةٍ قَوِيَّة. فهذه الأسفارُ الثلاثةُ تُختَتَمُ بتحريضٍ عظيم جليل لشعبِ الله بإطاعةِ نواميسَ الله وبأن يكونوا شعبَاً مقدَّساً كما دعاهُم الله. فلقد تم تحريرُهُم وخلاصُهم ليكونوا قدِّيسين. التَّحريضاتُ المَوجُودَة في نهايَةِ سفرِ اللاوِيِّن تجعَلُ من هذه الإصحاحاتِ الأخيرة من هذا السِّفر في غايَةِ الدِّينامِيكِيَّة. لقد قالَ موسى أنهُ كانَ يتلعثمُ في الكلام، وأنَّهُ كانَ يلدَغُ. ولكن هُنا يبدو موسى في قمَّةِ بلاغتِهِ وفصاحتِه.
تطبيقاتٌ تعبُّدِيَّة، شخصِيَّة، وعَمَلِيَّة
دَعُونا ننظُرُ الآن إلى بَعضِ البَركاتِ التَّعَبُّدِيَّة التي يُمكِنُنا إيجادُها في سفرِ اللاوِيِّين. فمثلاً أُنظروا إلى الجزءِ الأوَّل، "الذبائح." الإصحاحاتُ السَّبعَةُ الأُولى من هذا السِّفر تحتَوي على بعضِ الحقائِقِ الجَميلة المُختَصَّة بالطريقة التي بها تعلَّمَ الكهنَةُ تقديمَ الذَّبائحِ لله. مثلاً، عندما ينزلُ الخاطئُ إلى خيمةِ العبادة طالباً الغُفران، كان الكاهنُ يلتقيهِ عندَ بابِ الخيمة. وكانَ يُعلِّمُهُ الكاهِنُ عن معنى الذبيحَة التي كان سيُقدِّمُها.
بالإضافَةِ إلى مَسؤوليَّاتِهم الأُخرى، كانَ الكَهَنةُ مُعَلِّمِي شعبِ اللهِ أيضاً. فعندما يأتي الخاطئُ بذبيحتِهِ الحيوانيَّة، كانَ يُعَلِّمُهُ الكاهِنُ أن يضعَ يدَهُ على رأسِ الحيوان. وعندما كانَ الخاطِئُ يفعَلُ هذا، كانَ يُصبِحُ الحيوانُ بَدِيلَهُ. وهكذا فإن قصاصَ المَوت الذي إستحقَّهُ الخاطئ يُدفعُ تماماً بموتِ الحيوان وليسَ بموتِ الخاطِئ. من هُنا تأتي عِبارَة "كَبشُ المُحرَقَة، أو كَبشُ الفِداء." هذا كان المعنى وراء تقديم الذبيحة. وهذا ما يُسمِّيهِ اللاهوتيون "الكفَّارَة البديليَّة،" عندما يُطَبِّقُونَ هذا الرَّمزَ الجَميل على موتِ يسُوع المسيح على الصَّليب من أجلِ خَطَايانا.
بينما تقرَأُونَ هذا السِّفر، سوفَ تكتشفُون فيما يتعلَّقُ بالذبائح أنهُ مرَّت أوقاتٌ في تاريخ إسرائيل عندما أخطأَت الأُمَّة بكامِلِها. ولهذا كان ينبغي أن تحصُلَ توبةٌ للشعبِ بكامِلِه. فعندما كانوا يُدرِكُونَ خُطُورَةَ الشر الذي فعلوه،كانَ عليهم أن يُقدِّموا ثوراً فتيَّاً كذبيحةِ خطيَّة. وعليهم أن يأتوا بهِ إلى خيمةِ العبادة حيثُ سيضعُ قادةُ الشعبِ أيديَهُم على رأسِ هذا الحيوان، ثم يذبحونَهُ أمام الرب. عندها سيقومون بالعمليَّةِ ذاتِها التي يقومون بها عندما يُقدِّمون ذبيحة خطيَّةٍ إعتياديَّة. وبهذه الطريقة، يُكفِّرُ الكهنةُ عن كل الشعب. ألن يكونَ رائعاً لأمَّةٍ أن تختبِرَ مثل هذه التوبَة الجماعيَّة عن خطيَّة الوطن. إنَّ التَّوبَةَ الوَطَنِيَّة عن خَطِيَّةِ الأُمَّة هي حَدَثٌ رائِعٌ إذا حَدَثَ في أيَّةٍ أُمَّة. هذه هي إحدى المُمارسات الموصوفة في سفر اللاويين.
كانَ هؤلاء الكهنة رجالاً ممسوحين؛ أي أنَّهُم كَكَهَنة، ينبَغي أن يكُونُوا تحتَ قيادَةِ الرُّوحِ القُدُوسِ وسيطَرَتِهِ. وللدَّلالةِ على ذلك كانوا يُمسَحُونَ بدمِ الذبيحة خلفَ آذانهم، وعلى أباهِم أيديَهم وأَرجلِهم اليُمنى. وكان هذا رمزاً جميلاً يقولُ للكهنة، "أنتُم رجالٌ مُقدَّسون. وعليكُم قيادَة الشعب ليكونوا قدّيسين. وكل ما تسمعونَهُ أو تَلمُسُونَهُ أو تُمسِكُونَهُ بأيدِيكُم، وكُلُّ مكانٍ تذهَبُونَ إليهِ، ينبغي أن يكونَ ممسوحاً بالروح القدس."
في سفرِ اللاويين سوفَ نجدُ أيضاً إيضاحاً عما نعنيهِ عندما نقول أن موسى كتبَ عن يسوع عندما كتبَ أسفارَ الناموس. ففي العهدِ الجديد، عندَما كان يسوعُ يشفي إنساناً أبرَص، كانَ دائماً يقولُ لهُ، "إذهب أَرِ نفسَكَ للكهنة." لماذا فعلَ يسوعُ هذا؟ لأنَّ هذا التعليم موجودٌ في سفرِ اللاويين.
عندما نقرَأُ الإصحاحات الأخيرة من سفر اللاويين، نجدُ الكثيرَ منَ المُحتَوى التَّعَبُّدِيّ في مواعِظَ موسى الرائعة. على سَبيلِ المِثال، تَجِدُ اللهَ يَقُولُ، "إذا سلكتُم في فرائضي وحفِظتُم وصايايَ وعمِلتُم بها. أُعطي مَطَرَكُم في حينِه وتُعطِي الأرضُ غلَّتَها وتُعطي أشجارُ الحقلِ أثمارَها. ويلحقُ دراسُكُم بالقِطافِ ويلحقُ القِطافُ بالزرعِ فتأكلونَ خُبزَكُم للشبعِ وتَسكُنُون في أرضِكُم آمنين. وأجعلُ سلاماً في الأرضِ فتَنَامُونَ وليسَ من يُزعِجُكُم. وتطرُدونَ أعداءَكُم فيسقُطُونَ أمامَكُم بالسيف. يطرُدُ خمسةٌ منكُم مائةً ومائةٌ منكُم يطرُدونَ رِبوةً ويسقطُ أعداؤكُم بالسيف. وأسيرُ بينَكُم وأَكونُ لكُم إلهاً وتكونون لي شعباً." (لاويين 26: 3- 12).
وسوفَ تكتشِفُونَ في سفرِ اللاويين أن هُناكَ أموراً مُحظَّرَة، مثل الشذوذ الجِنسِي. فحياةُ الشذوذ لا تتطابقُ مع خطةِ الله لشريكَي حياة يُصبِحانِ والدَين يُنجِبان أولاداً يُصبِحونَ بدورِهم شُركاءَ ووالدِين. فالشُّذُوذُ الجِنسيُّ مُحَظَّرٌ لأنَّ مائِدَةَ العواقِب الوَخيمة المُتَرتِّبَة عليهِ لَيسَت جَيِّدَة. لقد تكلَّمَ مُوسى عن هذه المُشكِلَة بشكلٍ واضِحٍ ومُباشَر. ولهذا حكَمَ موسى على الشذوذ الجنسي بصَرَامَةٍ قاطِعَة. ونجدُ أن سفرَ اللاويين يحكُمُ أيضاً على السحر والشعوذة والرُّقيَة والعِرَافَة وأمثالِها. وهكذا فإنَّ نواميسَ موسى صارِمَة لأنَّهُ على شعبِ الله أن يكونوا قدِّيسين. فالقداسةُ هي النَّتِيجَةُ النِّهائِيَّةُ التي يَرغَبُ اللهُ أن يُعَلِّمَها لِشعبِهِ في سفر اللاويين.
أرجو أن تكونَ هذه المُقدِّمَة والإستطلاع لسفر اللاويين قد جعلت هذا السفر مفهوماً وسبب بركةٍ لكَ. لأنَّكَ، وكما تتذكَّر، فإنَّ هذا السفر كان بمثابةِ دليلٍ للكهنة، وأظهرَ لهُم كيفَ يكونون ممسوحين كرجالٍ قديسين ليَخدِموا الله القدوس. "كونوا قدِّيسين لأنِّي أنا قدُّوس، يقولُ الربُّ." هذه هي رسالةُ سفر اللاويين لكَ ولي.
- عدد الزيارات: 7794