Skip to main content

الفَصلُ الثَّانِي خَيمَةُ العِبادَةِ اليَوم

الصفحة 1 من 3

في سفرِ التكوين نقرأُ أنهُ عندما يُخطِئُ الإنسانُ، فَإنَّ أخطَرَ نتيجَةٍ لِخطيَّة الإنسان كانت طلاقاً – أي إنفصالاً- بين الله والإنسان. إن حلَّ هذه المُعضِلَة الأساسيَّة، والمُصالَحة بعدَ هذا الإنفصال، هو كل ما يتكلَّم عنهُ الكتابُ المقدس. وهذا هو كل ما كانت هذه الخيمة في البرِّيَّة تتكلم عنه.

فلماذا لا نُقدِّمُ نحنُ اليومَ الذبائحَ الحيوانيَّة؟ لأنَّ مُتطلِّباتِ الله تغيَّرت. الرِّسالَةُ إلى العِبرانيين تشرحُ لنا السبب كالتالي: في الإصحاح التاسِع من سفرِ العبرانيين يقولُ الكاتبُ أن خيمةَ العِبادَة كانت مُجرَّدَ رمز، أي بمثابةِ نسخةٍ عن خيمةِ عِبادَةٍ توجدُ في المجالِ السماوي. وهذه الخيمة السماويَّة ليست مصنوعةً من موادٍ مادِّيَّة، بل من موادٍ روحيَّة سماويَّة. فالخيمةُ التي قالَ اللهُ لموسى أن يبنيَها كانت مُجرَّدَ تعبيرٍ منظورٍ وملموس على الأرض عن خيمةٍ روحيَّةٍ غير ملموسَة موصوفَة في عبرانيين 9.

تَذَكَّرُوا أنَّهُ عندما ماتَ يسوعُ على الصليب، إنشقَّ حجابُ هيكَل سُليمان من فوقُ إلى أسفَل. تذكَّرُوا أنهُ مرَّة واحِدَة في السنة، كانَ يدخلُ رئيسُ الكهنة إلى قُدسِ الأقداس، وكانَ يَرُشُّ دَماً ليُكَفِّرَ عن خطايا الشَّعبِ بأسرِهِ. وبنفسِ هذا المعنى، عندما ماتَ يسوعُ على الصليب أصبحَ رئيسَ كهنتِنا الأعظم، وبهذا دخلَ في السماءِ إلى الخيمةِ السماويَّة. فأمامَ المذبحِ النُحاسي في الخيمةِ السماويَّة، قدَّمَ موتَهُ كالتتميمِ النِّهائي لكلِّ الذبائح الدمويَّة. ثمَّ تقدَّمَ إلى المِرحَضَة وجعلَ التطهير الكامِل من الخطايا مُمكِناً.

قبلَ مَوتِ المسيح، لم يَكُنِ مُمكِناً لِلخاطِئ أن يقتَرِبَ منَ الله. فقط الكاهِنُ كانَ بإمكانِهِ أن يقتَرِبَ منَ اللهِ لِيَتَشَفَّعَ بالخاطِئ. ولكنَّ كلَّ هذا إلتَغى عندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب. فعندما ماتَ يسُوعُ على الصَّليب، مكَّننا أنا وأنتَ منَ الدُّخُولِ إلى محضرِ اللهِ.

تطبيقٌ آخر هامٌّ هُوَ أنَّ أجسادَنا هي الآن هياكِلُ للهِ. ولقد كتبَ بُولُس ما معناهُ، "ألستُم تعلمونَ أن روحَ اللهِ ساكنٌ فيكُم؟ إن كانَ أحدٌ يفسِدُ هذا الهيكَل، يُفسِدُهُ الله، لأن هيكلَ اللهِ مُقدَّسٌ الذي أنتُم هو." لقد حاوَلَ الرَّسُول بُولُس أن يُوصِلَ هذه الحقيقة لِلكُورنثِيِّين، الذين كانُوا يُواجِهُونَ الخطايا الجِنسيَّة. فقالَ لهُم: "جسدُكم لم يُخلق للجنس، بل لله. ألستُم تعلمونَ أن جسدَكم هو هيكلُ الله، وأن اللهَ ساكِنٌ فيكم؟" (1كُورنثُوس 6: 15- 20). وفي كولوسي 1: 27، يَقُولُ الرسول بولس عنِ المُؤمنين، "الذين أرادَ اللهُ أن يُعَرِّفَهُم ما هُوَ غِنَى مجدِ هذا السِّرّ في الأمَم، الذي هُوَ المسيحُ فيكُم رَجاءُ المَجد." نعمَ، فالمسيحُ الساكِنُ فيكُم هُوَ الذي يأتيكُم بِكُلِّ الأُمُورِ المجيدَةِ العَتيدة.

فالمسيحُ فيكُم هُوَ مُعجِزَة. لأنهُ يعني أن حضورَ اللهِ يسكُن فيكم؛ بل يعني أيضاً أنَّ لديكُم كل القوة التي تحتاجونها لتعيشوا الحياة التي يُريدُها اللهُ لكُم.

والآن دَعُونا نتأمَّل في التطبيقات الروحية الجميلة لخيمة العبادة هذه على حياتِنا. فعندما تستيقظُ في الصباح، أُشَجِّعُكَ على أن تَتَمتَّعَ بِفترة التأمُّلِ والعِبادَة، حيثُ تقضي وقتاً في حضرةِ الله قبلَ أن تخرجَ إلى العالم لتعيشَ نهارَك. وعندَما تفعَلُ ذلكَ، حاوِل أن تجدَ طريقَكَ عبرَ خيمة العِبادة. فقط تصوَّر أنكَ تمرُّ أمامَ المذبحِ النُحاسي، وَثِقْ بالأخبارِ السَّارَّةِ أنَّ يسوعَ المسيح كانَ حملَ اللهِ الذي ماتَ على الصَّليب لِيغفرَ خطاياك. فإن لم تَكُنْ بعدُ قد آمنتَ بالمسيحِ لِغُفرانِ خطاياك، إفعَلْ ذلكَ الآن. وبعدَ هذا أُشكُر الله لغفرانِهِ خطاياك على صليبِ يسوع، وأكِّدْ إقتناعَكَ بأنهُ كان الذبيحةَ الكامِلَة لِغُفرانِ خطاياك.

والآن تخيَّل أنكَ تُتابِع طريقَكَ نحو المِرحَضَة، حيثُ ستغسلُ يديكَ وقدميك، وحيثُ ستحتاجُ لهذا الغسلِ باستمرار. فهل هُناكَ أُمورٌ وسِخَةٌ ولا تُرضي الله في حياتِكَ؟ إعترفْ بها واتركها، واطهُرْ. ثمَّ أدخُل مجازيَّاً إلى القُدس، وقِفْ أمامَ المنارة واشكُر الله على الإعلان، وعلى عدم تركِكَ في الظلمة. أُشكُرْ الله أنَّهُ لم يترُككَ في الظُّلمَةِ فيما يتعلَّقُ بالحياةِ والخلاص. وأشكُر اللهَ على كَلِمَتِهِ.

ثمَّ تصوَّر نفسَكَ واقِفاً أمامَ مائدةِ خبزِ الوجوه، واشكر الله على تأمينِه إحتياجاتك. إعترفْ بروحِ عِرفان الجميل أن اللهَ هو مصدرُ كل قطعةِ خبزٍ لديك، وكل مقتنياتك، وكل ما يسدُّ حاجاتِك. إعتَرِفْ بأنَّ اللهَ هُوَ الذي يُلِّبي كُلَّ إحتِياجاتِكَ هذهِ، وأعتَرِف بذلكَ بِعُرفانِ جميلٍ لهُ.

وبعدها فكِّر بمذبحِ البخور، وبمُعجزةِ الصلاة. وإقضِ وقتاً في الصلاة من أجلِ تفاصيلِ إحتياجاتِكَ، ومن أجلِ التَّحدِّياتِ التي تُواجِهُها في كُلِّ يوم.

وعندها عندما تُفكِّر بقدس الأقداس، ضعْ أمامَكَ ذلكَ التحدِّي الذي يُذكِّرُكَ أن هناكَ حضور الله الجليل، ليسَ فقط روح الله الساكِن فينا، بل إمكانيَّة أن تكونَ في حضرةِ الله الحقيقيَّة أينما كُنتَ في العالم. فنحنُ لم نَعُدْ بحاجَةٍ إلى كاهِنٍ لندخُلَ إلى محضَرِ اللهِ. ولم يَعُدْ واجِباً علينا أن نجتازَ عبرَ نظامِ العبادَةِ الحرفِي المُبَيَّن في خيمَةِ العبادة، لأنَّهُ عندما ماتَ المسيحُ على الصَّليب، مكَّنَنا من أن نقتَرِبَ مُباشَرَةً من حضرَةِ الله.

هُناكَ تطبيقاتٌ روحيَّةٌ تَعَبُّدِيَّةٌ كَثيرَةٌ يُمكِنُ إستِخلاصُها من خيمةِ العبادَةِ في البَرِّيَّة. وهذا أهمُّها: لا يزالُ مُمكناً لرجلٍ خاطئ أو إمرأةٍ خاطئة الإقتراب من الله القدوس والدخول إلى حضرتِهِ من خِلالِ طريقةِ عيش جديدة، التي أصبحت مُمكِنَة بواسطةِ يسوع المسيح ربَّنا.

عندما نَقدُرُ قِيمَةَ ما توجَّبَ على اللهِ عملُهُ ليجعَلَ هذا مُمكِناً، سوفَ نَظُنُّ أنَّ النَّاسَ سيتراكَضُونَ إلى محضَرِ الله. ولكن لماذا ليست الحالُ هكذا؟ هل سبقَ ودخَلتَ إلى محضَرِ اللهِ القُدُّوس؟ قالَ يسُوع، "أنا هو الطريقُ والحقُّ والحياة، ليسَ أحدٌ يأتي إلى الآب إلا بي." (يُوحَنَّا 14: 6) نرى هذه الحقيقةَ الروحيَّة الإنجيليَّة العظيمة مُمَثَّلَةً في خيمةِ العبادَة. فاللهُ يُريدُ أن يلتقيَ معكَ وأن يجعلَ من حياتِكَ خيمةً لهُ.

وهكذا، وبعدَ أن حصلنا على وجهةِ نظرٍ عن خيمةِ العِبادَة، أصبحنا مُستعدِّينَ لدراسة سفر اللاويين القصير.

إن سفرَ اللاويين كانَ بالحقيقَةِ بمثابةِ دليلٍ يستخدمهُ الكهنة. فهُوَ يقدِّمُ دليلاً يُعطِي للكهنةِ تعليماتٍ مُفَصَّلَةً عن كيفيَّةِ ذبحهم للحيوان، وماذا يفعلون بأحشائِهِ وبأجزائهِ المُختلِفة. بالطبعِ هذا ليسَ موحِياً لنا مثل المزمور الثالث والعشرين (الربُّ راعيَّ)، ولا مثل الإصحاح الثالث عشر من رسالَة كورنثوس الأولى. ولكن أرجو أن لا يتبادَر لأذهانكم أنه لا توجد حقائقُ روحيَّة أو تطبيقاتٌ تأمُّلية يُمكنُ الحصولُ عليها من سفر اللاويين. فهذا السفرُ مليءٌ بالحقائق الجميلة التي أرجو أن أُبرزَ بعضَها.

الأجزاء
الصفحة
  • عدد الزيارات: 7771