Skip to main content

الدرس الخامس عشر

الفصل 10: 11-18

النص الكتابي:

"11وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَاراً كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. 12وَأَمَّا هَذَا فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إلى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ، 13مُنْتَظِراً بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى تُوضَعَ أَعْدَاؤُهُ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْهِ. 14لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إلى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ. 15وَيَشْهَدُ لَنَا الرُّوحُ الْقُدُسُ أيضاً. لأَنَّهُ بَعْدَمَا قَالَ سَابِقاً: 16«هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَعْهَدُهُ مَعَهُمْ بَعْدَ تِلْكَ الأيام، يَقُولُ الرَّبُّ، أَجْعَلُ نَوَامِيسِي فِي قُلُوبِهِمْ وَأَكْتُبُهَا فِي أَذْهَانِهِمْ» 17وَ: «لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا بَعْدُ». 18وَإِنَّمَا حَيْثُ تَكُونُ مَغْفِرَةٌ لِهَذِهِ لاَ يَكُونُ بَعْدُ قُرْبَانٌ عَنِ الْخَطِيَّةِ"

ننهي القسم العقائدي من الرسالة والذي يبحث في موضوع تفوق المسيح يسوع وسموه بشكل فائق على كهنوت النظام القديم الذي كان ساري المفعول في أيام ما قبل الميلاد.

1. كان كهنوت النظام القديم يقر بواسطة أعماله على أنه نظام غير تام:

يصف لنا كاتب الرسالة الخدمة التي كان يقوم بها كاهن العهد القديم ويخبرنا مثلاً أن الكاهن كان يقوم أو يقف أثناء خدمته وأنه كان يقدم مراراً الذبائح من الحيوانات التي عينها الله للتقدمات. لم تكن هذه الذبائح التي كان منصوص عنها في الشريعة قادرة في ذاتها على أن تنـزع خطايا الناس. على العكس كانت عاجزة عن القيام بذلك، وهكذا لم تكن ذبائح كاملة ولا النظام السائد في أيامها نظاماً تاماً أو نهائياً. ما مغزى تلك الذبائح إذن؟ تعليم الناس هذه الأمثولة الهامة والتي تكلم عنها كاتب الرسالة في العدد 22 من الفصل التاسع. بدون سفك دم لا تحصل مغفرة. وكذلك الإشارة إلى سفك دم المسيح الذي كان سيقدم ذاته كذبيحة أمام الله عن خطايا المؤمنين. ونظراً لكون ذبائح النظام القديم ذات صفة تعليمية نراها تكرر باستمرار منذ أيام موسى إلى أيام السيد المسيح. ولكن من المهم جداً أن نرى مع صاحب الرسالة أن الذبائح عينها أي أن الذبائح الحيوانية لا تستطيع البتة أن تنـزع الخطية.

2. أتم رئيس كهنة النظام الجديد يسوع المسيح عمله الفدائي وجلس عن يمين الآب إلى الأبد:

كان رؤساء الكهنة وكذلك كهنة العهد القديم يقومون بخدماتهم في خيمة الاجتماع أولاً ثم في الهيكل بمدينة القدس منذ أيام سليمان وهم وقفا، وكانوا يداومون على تقديم ذبائحهم. لكن رئيس كهنة العهد الجديد يسوع المسيح قدم نفسه عن الخطايا ذبيحة واحدة ذات قيمة لا محدودة ومن ثم جلس عن يمين الله مظهراً بذلك أنه أنهى عمله الفدائي والكفاري والتحريري بصورة تامة وانه يتمتع بسلطة لا محدودة مثل الله الآب. وهو ينتظر حتى يوضع أعداؤه موطئاً لقدميه. لأنه بقربان واحد قد أكمل إلى الأبد المقدسين وهذا بعكس ما كنا قد لاحظناه عن كهنة العهد القديم. وبما أن هذا التعليم هام للغاية كان لابد من إظهار انطباق تعاليم الأسفار المقدسة عليه ولذلك نرى أن صاحب الرسالة (كما كان قد قام بذلك منذ الفصل الأول) يستشهد بأسفار العهد القديم مظهراً أن الروح القدس كان منذ أيام عديدة قد أوحى لأنبيائه عن قدوم العهد الجديد وعن كونه نهائياً وكافياً لإنقاذ جميع الذين يقبلون شروطه بقلب صادق. تكلم الله بواسطة عبده أرميا وأخبر المؤمنين بأنه كان سيأتي بأيام جديدة عندما ينبثق فيها نور نظام جديد ذلك النظام الذي كان سيدشنه مسيح الرب. وبعـد أن كانـت النوامـيس والشرائع مكتوبة على أسفار ورقوق وألواح، كان الله سيعمد إلى كتابتها في قلوب الناس بواسطة روحه القدوس. وأعظم هبة يمكن أن يحصل عليها الإنسان سينالها من الله بدون ثمن وبصورة مجانية ألا وهي الغفران. يغفر الله خطايا جميع الذين يقبلون شروط النظام الجديد أي الذين يؤمنون بالمسيح يسوع وبتقدمته الكاملة على الصليب للتكفير عن خطاياهم وآثامهم. هذه هي إذن هبة العهد الجديد العظمى: مغفرة الخطايا نظراً لاستحقاقات السيد المسيح ولعمله الكفاري على الصليب. يستنتج صاحب الرسالة من وعد الله بواسطة أرميا ما يلي: وإنما حيث تكون مغفرة لهذه – أي للخطايا – لا يكون بعد قربان عن الخطية أي أنه بعدما يغفر الله خطايا الإنسان الآتي إليه حسب نصوص النظام الجديد الذي أنشأه السيد المسيح، ذلك النظام الذي تأسس على موت المسيح كذبيحة عن خطايانا، ليس هناك أية حاجة لقرابين وتقدمات أخرى. ونستنتج من ذلك أيضاً ما يلي: لا حاجة مطلقا للكهنوت اللاوي في أيام النظام الجديد لأن من كان يرمز إليه ذلك الكهنوت، أي المسيح المخلص، جاء وأتم كل شيء حسب المشيئة الإلهية. أدى النظام الوقتي والجزئي والرمزي وظيفته وأفسح المجال للنظام الأبدي والكلي والحقيقي المبني على عمل المسيح الخلاصي. لا حاجة إذاً لبعث النظام القديم ولا منطق سليم في الرجوع إليه والارتداد عن النظام الكامل. هذه خلاصة القسم العقائدي للرسالة إلى العبرانيين.

  • عدد الزيارات: 4271