أشكال التأديب المختلفة
أما وقد رأينا في ما سبق أهمية التأديب، والغرض منه، والروح أو الأسلوب الذي به يمارس في الكنيسة، فإنه يمكننا الآن، بناء على هذه المقدمة، أن نتناول موضوع التأديب الكنسي كما هو معلن لنا في الكتاب.
وسوف نري أن هناك أوجهاً مختلفة وصوراً عديدة للتأديب يجب أن تكون في الكنيسة. فالتأديب يتضمن الشيء الكثير، إذ أنه في معناه الواسع يشمل الترتيب الذي لبيت الله، وسلطة الحكم فيه. إذاً فالتأديب يعني الممارسة العامة للرعاية والحكم في "بيته". وبالتالي فهو يشمل كل صور هذا الاهتمام، ابتداء من أبسط صور السؤال والنصائح الأخوية، حتى صورة التقويم العلني والتوبيخ الجهاري بين الجماعة. بل أيضاً، متى اقتضت الضرورة، عزل الشخص خارج الجماعة باعتباره خبيثاً.
ولا يجب أن نظن أن التأديب هو مجرد إجراء تقوم به الكنيسة. إنه أكثر من ذلك بكثير. فهو يشمل أيضاً بنيان النفوس في طرق الله، وإصلاحها، وتدريبها في الطاعة، والخضوع للأحكام، بل وكل صور الاهتمام الرعوي بالنفوس. إن غالبية حالات التأديب يجب أن تمارس في جماعة المؤمنين في أسلوب فردي وخصوصي. وتتم بواسطة النظار، ويكون لها الصبغة الرعوية. إن ملاحظة قطيع المسيح، والاعتناء الرعوي بهم، وإطعامهم، وحراستهم، وقيادتهم، وإصلاحهم، وتقويمهم في المحبة.. تمثل الجانب الأكثر أهمية في التأديب، وستؤدي غالباً إلى تجنب صور أقسى للتأديب، لا لزوم لها. وعليه فإنه في منتهى الأهمية أن تمارس مثل هذه العناية الرعوية في الكنيسة. ومن هنا يبدأ التأديب.
إن هناك تبايناً واختلافاً كبيراً بين الأخطاء التي قد تحدث في بيت الله، بعضها يكون أكثر خطورة من البعض الآخر، وبالتالي تتطلب صوراً ودرجات متنوعة للتأديب الذي يجب أن يمارس بين الجماعة، وكل حالة ينبغي أن تعالج بحسب ما تستحق، وتدرج بفطنة روحية تحت المستوى الذي يجب أن تكون فيه.
وبهذه الكلمة العامة، ننتقل الآن لنحدد ونشرح صور التأديب المختلفة.
- عدد الزيارات: 3261