الفصل الخامس: في زمان الخراب
في الفصول السابقة كنا نبحث أساساً موضوع الكنيسة كما أقامها الله في البداية، كما تعلمنا من الكتاب طبيعتها وترتيبها وكيف تقوم بعملها بحسب فكر الله. ورأينا الكنيسة بمنظارها الشامل وخصائصها ثم في وجهتها المحلية. كما رأينا كذلك ما هي الأوصاف الكتابية لاجتماع المؤمنين ككنيسة محلية، وفي علائقها الجماعية مع الكنائس الأخرى في كل مكان. وقد لاحظنا كيف تحولت المسيحية عن صورة الكنيسة الأولى كما أسسها الله في الأصل، كما لاحظنا كثيراً أن الكنيسة المعترفة على الأرض (وهي تضم كل الذين يعترفون خارجياً باسم المسيح) في حالة الخراب العام، والفساد والتشويش. والآن نريد أن نتأمل موضوع الكنيسة في زمان الخراب وطريق الله للمؤمن في وسط هذا الخراب.
هذه الحالة من خراب الكنيسة وتحولها عن كلمة الله سبق أن أخبرنا بها العهد الجديد، وقد حدثت فعلاً منذ أيام الرسل. هذه الحالة من الخراب يتعذر إصلاحها وستزداد سوءاً حتى يأتي الرب في النهاية ليأخذ المؤمنين الحقيقيين، وهم عروسه، إلى السماء. ثم يتقيأ الكنيسة المزيفة من فمه وينزل القضاء عليها (انظر مت 25: 10 - 12، رؤ 3: 16، 18: 1 - 10، 19: 11- 21).
ولا يوجد في الكتاب أي أمل لكي تعود الكنيسة التي على الأرض لحالة يوم الخمسين، أي حالتها العذراوية وطهارتها، ووحدتها وقوتها الروحية، بل على العكس فستصبح نهايتها الارتداد العظيم وسقوطها في الوثنية التي لبابل العظيمة وضد المسيح (رؤيا 17، 2 تس 2: 1 - 12). ويصبح على المسيحي الجاد في زمان الخراب ألا يسعى لاسترداد الكنيسة إلى حالة يوم الخمسين، بل بالحري أن يعترف بحزن وتواضع أمام الله بحالة الخراب الحقيقية وبهبوط حالة الكنيسة (والتي نحن جميعاً جزء منها)، وأن يجتهد في سعيه لأجل الإيمان في مسلك القداسة والمحبة.
- عدد الزيارات: 3041