Skip to main content

ثانياً – المركز الإلهي للاجتماع

الآن وقد ناقشنا الأساس الإلهي للاجتماع، نتناول الآن المركز الإلهي الذي حوله تجتمع كنيسة الله. فما هو المركز أو نقطة التجمع الصحيحة لكي يلتف المؤمنون من حوله؟. ما هو المركز الصحيح الذي يليق بكنيسة الله الحي التي رأسها المسيح في المجد؟ إنه ي يوم مثل أيامنا الحاضرة، التي أقيمت فيها الأسماء المختلفة والكثيرة، والتي أصبحت كمراكز تجمعات، حيث عادة ما تصبح كل فكرة جديدة مركزاً لاجتماع ديني وعقائدي جديد – نقول في هذه الأيام يليق بنا أن نفتش باجتهاد الكتب المقدسة لنكون على يقين إلهي راسخ من المركز الصحيح الذي قرره الله ليحيط به ويلتف من حوله شعبه.

"إلي اسمي"

لنرجع إلى متى 18 حيث نقرأ للمرة لثانية ذكر الكنيسة من فم الرب. فقد كان تكوين الكنيسة لم يزل شيئاً مستقبلاً ولكنه هنا وضع بعض المبادئ العظيمة للكنيسة من جهة التأديب والاجتماع معاً. لقد وعد بأن السماء تصادق على كل ما تقرره باسمه، وبأنه يعطي أي شيء ينفق عليه أو يطلب منه ولو حتى من اثنين من المؤمنين. ويعطينا السبب القوي في كل ذلك إذ نطق بهذه الكلمات العظيمة لذلك الوعد المجيد في عدد 20 من ذلك الأصحاح "لأنه حيثما جُمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم". هنا نجد ما سماه البعض "الميثاق الأعظم للكنيسة"، الميثاق الذي تضّمن حقوق و امتيازات الكنيسة، وفيه وضح المركز الإلهي الوحيد لاجتماع كنيسة اله "... اجتمع إلى اسمي". هذه هي نقطة ومركز الاجتماع المرتب من الله لأولاده إنه يريدهم أن يلتفوا ويجتمعوا حول الاسم المستحق لابنه المحبوب. إسم ربهم ومخلصهم. الاسم الذي هو فوق جميع الأسماء الأخرى، فلا إسم آخر ينفع شيئاً ولا يمكن لأي مركز آخر غير المسيح يصلح لأولئك الذين يحبونه بالحق ويرغبون في الولاء له.

وعلى ذلك لأولئك المجتمعين معاً لاسمه الغالي وحده، سواء كانوا اثنين أو ثلاثة أو كانوا ألفين أو ثلاثة آلاف، فإنه يمنحهم حضوره المبارك "هناك أكون في وسطهم". إنه هو شخصياً يحضر ويأخذ مكانه في مركز الكنيسة المجتمعة – هذا هو المكان الذي ينبغي أن يُعطى له – مركز الأولوية والرئاسة – مركز السلطان وهذا هو معنى مركز الوسط.

وفي سفر التكوين نجد نبوة فيها إشارة تعليمية عن كون المسيح هو مركز اجتماع شعبه "لا يزول قضيب من يهوذا ومشترع (أو معطي الشريعة) من بين رجليه حتى يأتي شيلون وله يكون خضوع (أو اجتماع) شعوب" (تك 49: 10) فخضوع الشعوب هنا معناه اجتماع شعوب تحت رئاسته وكذلك في مز 50: 5 نقرأ القول "اجمعوا إلى اتقيائي لقاطعين عهدي على ذبيحة".

وفي يوحنا 20: 19 – 26 لما كان التلاميذ مجتمعين في أول الأسبوع رأينا المُخلّص المقام من الأموات آتياً وآخذاً مكانه في وسطهم كمركز اجتماعهم وقائلاً لهم "سلام لكم" وفي هذا كان أول تحقيق لوعده بأن يكون وسط خاصته المجتمعين إلى اسمه. وجماهير كثيرة عبر القرن الطويلة اختبرت هذا الامتياز الحلو من ذلك اليوم.

هو شخص حي

وبعد سنوات مضت على هذه الحادثة كتب بطرس إلى المؤمنين عن الرب يسوع قال "إذ تأتون إليه حجراً حياً مرفوضاً من الناس ولكن مختارٌ من الله كريم" (1 بطرس 2: 4) كم كتب بولس إلى المؤمنين العبرانيين قائلاً "فلنخرج إذاً إليه خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13).

لقد اجتمع القديسون في القرن الأول حول شخص المسيح الحي، ومن حول شخصه الحي ينبغي أن يجتمعوا في هذا اليوم. إنهم لا يجتمعون حول مبدأ تعليمي ما مهما كان هذا التعليم صحيحاً، ولا حول طقس لممارسة معينة مهما كانت أهمية هذه الممارسة، ولا يجتمعوا حول كارز موهوب مهما كان تقياً، بل حول شخص حي وهو أقنوم إلهي ينبغي أن تلتف الكنيسة. إنه م يقل "تأتون إلى أشياء أو أنظمة أو حقائق ثمينة" بل قال "تأتون إليه" إننا لا نأتي إلى أشياء أو أنظمة أو إلى قائد بشري بل نأتي إلى أقنوم إلهي – إلى ربنا ومخلصنا.

والروح القدس دائماً يشير ويقود إلى اسمه الغالي. وليس إلى أسماء أناس أو تنظيمات ميته. والكلمة تقول "من لا يجمع معي فهو يفرق" (لو 11: 23) وكل شخص يقود النفوس إلى ذي إسم آخر غير إسم المسيح إنما هو يفرق ولا يجمع، لأنه عندا تُحشر أسماء أخرى بجانب اسمه المبارك، فإن خراف المسيح تتفرق. إذن فالاجتماع إلى إسم الرب يسوع وحده، ومن حول شخصه المبارك، هو مظهر آخر أساسي وعظيم لكنيسة الله من الوجهة المحلية، وحيث لا يكون هذا الأساس فإنه لا يكون هناك اجتماع لكنيسة الله.

حيث لا يُنكَر اسمه

يتبع ذلك أنه إذا كان نجتمع باسم المسيح وحول شخصه فإننا لا نرفع أسماء أخرى غيره كأعلام نلتف حولها أو كألوية ندين لها بالولاء كما تفعل بعض الطوائف من حولنا. إن الذين يجتمعون بحق باسم المسيح الكريم لا بد أن يرفضوا ويستبعدوا كل الأسماء الأخرى التي تحتل وتهين ذلك الاسم الحسن. إنهم يدعون أنفسهم فقط بإسم "مسيحيين" – على اسمه الكريم أي الذين هم للمسيح وقد ارتبطوا به.

فإذا أطلقنا على أنفسنا أسماء أناس أو أسماء طوائف فمعنى ذلك أننا ننكر اسمه المعبود ونُحزن ربنا ومخلّصنا. قال المسيح لكنيسة فيلادلفيا "ولم تنكر اسمي" (رؤيا 3: 8)، ومعنى هذا أنه يُقدّر ولاءنا وإخلاصنا لا سمه. أما إذا تمسكنا بأسماء معينة إلى جانب اسمه المبارك العجيب وتمسكنا بالأسماء التي أطلقها هو علينا في كلمته واجتمعنا تحت أسماء أخرى فإننا حينذاك لا نستطيع أن ندّعي أننا مجتمعون باسمه المبارك. وفي يعقوب 2: 7 تكلّم عن "الاسم الحسن الذي دعي به عليكم" فهل نستبعد هذا الاسم لنضع اسماً آخر؟ حاشا.

وفي الكتاب أعطيت خمسة أسماء تصف شعب الله وكل من هذه الأسماء تناسب كل مؤمن وترتبط ببعضها وهي (1) مسيحيون (2) مؤمنون (3) إخوة (4) قديسون (5) تلاميذ. هذه الأسماء معروفة لجميع المؤمنين وهي ليست أسماء طائفية كبقية الأسماء الأخرى الكثيرة التي يتخذها من هم في دائرة الإعتراف المسيحي في هذه الأيام. أما المؤمنون إذا اتخذوا اسماً لا ينطبق مدلوله على كل مؤمن بالحق في المسيح فإنهم بذلك يصبحون طائفة وينكرون الحق المتعلق بالجسد الواحد.

صحيح أن إسم "يسوع" فيه كل الكفاية لكنيسة الله. ففي هذا الاسم لا نجد فقط إنه كل شيء لخلاصنا ولأعوازنا الفردية في طريق السياحة المسيحية، ولكن أيضاً لاحتياجاتنا الملحة والأعواز المختلفة ككنيسة، وللسجود وللشركة وللخدمة والتأديب ولكل شيء.

قارئي العزيز هل تجد في هذا الاسم الكريم العزيز الكفاية كمركز للاجتماع من حوله؟ وهل أنت تجتمع لاسمه الجليل وشخصه المعبود؟ فإذا لم يكن الأمر كذلك فلماذا لا يكون كذلك؟

  • عدد الزيارات: 3244