الجماعة والخدام
ومن ثم نجد بالارتباط مع جماعة الله خدمة لكلمة مسلمة تسليماً إلهياً لبعض الأعضاء وليس للكل، ولكن بالتأكيد لخير الجميع. فعلى الكنيسة أن تراعي الخدام في خدمتهم وعلى الخدام أن يراعوا الجماعة في مركزها. وكل من يخلط بين الأمرين لا شك أنه يخلق نتائج وخيمة، لذلك يجب ألا نضحي بأحدهما في نظير رفع شأن الآخر. فواجب الخادم وحكمه أو نصحه فلا شيء من ذلك يُخلي الجماعة من مسئوليتها أمام المسيح. فيسوع الذي هو رب الخادم هو نفسه الذي تعترف به جماعة الله رباً لها.
ولنتأمل في المثال المذكور في (أع 13) عن برنابا وشاول. فقد خرجا في إرسالية يقودهما فيها الروح القدس آخذين معهما مرقس. ولكن مرقس انقلب فصار خادماً لا يكترث بالخدمة وفي الحال رجع إلى منزله. وفي (أع 15) نرى رسولينا يعاودان الكرّة ولكن بولس يصرّ على عدم ذهاب مرقس معهما. ولكن برنابا، إذ كانت تربطه بمرقس رابطة القربى، لم يشأ أن يتركه وحصل بينه وبين بولس (مع أن برنابا كان رجلاً صالحاً) مشاجرة أدت إلى افتراق خادمي المسيح هذين اللذين كرسا حياتهما لخدمته بكل القلب. وكان من بولس أن وقه اختياره على سيلا وخرج مستودعاً الإخوة لنعمة الله، ولا شك أن الكنيسة كانت مقتنعة بأن بولس كان مصيباً في ما فعل. غير أن برنابا لم يُذكر له شيء مما ذُكِر لبولس والكتاب لا يتعرض لهذه النقطة. وقد دخل بولس إلى دائرة واسعة من العمل، وذهب معه سيلا كأنه حل مكان برنابا. وهنا لسنا نرى خادماً واحداً يقوم بالعمل بل شركة من اثنين أو ثلاثة في خدمة الرب. لقد كان برنابا مخطئاً في أخذه مرقس كما كان بولس مصيباً في اختياره سيلا، غير أن المبدأ واضح. ومسألة اختيار شريك في الخدمة تحتاج بالضرورة إلى تمييز روحي. أما الشركة الإجبارية مع شخص لا نعتقد أنه كفء ومحبوب فواضح أنها شركة ليست حسب فكر الرب.
وهكذا نرى أنه توجد في خدمة الرب شركة ولكن لا توجد عبودية في الشركة. فقد كان برنابا حراً في أن يبشر بالكلمة كما لو لم يحصل المشاجرة بخصوص مرقس. ولم ينقصه بالطبع من يُرحب به (برنابا) من القديسين، ولا من يستفيد بتبشيره من الخطاة. ولكن بولس لم يُجبَر على مرافقة مرقس لهما فاختار آخر – وهذا مثال مهم جداً لنا. وما أكمل العدة التي تعدها كلمة الله لأجل الشركة في العمل ولأجل رفض هذه الشركة! والرب يسوع يحفظ سلطانه اللائق به، ليس فقط بالنسبة للجماعة من جهة ترتيبه إياها، بل بالنسبة للخدمة بإظهاره كيفية القيام بالعمل على الأرض. وفي كلمة الله الكفاية لكل حاجة.
- عدد الزيارات: 2635