Skip to main content

الفصل العاشر: اتخاذ قرار حاسم - ثالثاً: ماذا يعمل؟

الصفحة 4 من 6: ثالثاً: ماذا يعمل؟

ثالثاً: ماذا يعمل؟

إنه واقف، والعبارة المترجمة "واقف على" في لغتها الأصلية أي اليونانية تعني "أنه جاء إلى الباب ووقف ولا يزال واقفاً".. فهو عند الباب وليس بعيداً عنه، وكان بإمكانه أن يتسربل بحلة ملوكية، ويجلس على عرشه ينتظرنا حتى نذهب إليه، ولكنه بدلاً من ذلك لقد جاء هو إلينا، إلى باب بيتنا.. وربما جاء منذ وقت طويل.. فهل تعرف كم سنة تركته واقفاً ينتظر؟

ولا يقتصر المسيح على وقوفه بل "يقرع".. لقد جاء ووقف ونلاحظ أن صيغة الفعل "يقرع" هي صيغة المضارع، وهذا يعني استمرار قرعه على الباب، فإنه لا يتركنا في حيرة أو غفلة بل يعرّفنا بوجوده وحضوره، كما يعرّفنا بقصده.

كما نراه يتكلم ويقول: "هأنذا واقف على الباب وأقرع" إنه يلفت أنظارنا إلى حضوره ويطلب منا أن نعرف أنه هناك.

ولعل الأفعال الثلاثة تنبّر على تواضع المسيح وحرية الإنسان فالمسيح واقف على الباب، لا يركله برجله، بل يقرع على الباب بهدوء دون أن يدفعه بالقوة، كما يتكلم إلينا بلطف دون أن يصيح.. مع أن البيت بيته، وهو الذي وضع تصميمه ورسمه، هو الذي صنعه وبناه، هو صاحبه ومالكه، اشتراه بدمه، فهو ملكه بحق التصميم وحق البناء وحق الشراء، وما نحن سوى مستأجرين نسكن في بيت ليس لنا، وكان بإمكانه أن يدفع الباب بكتفه، ولكنه يفضّل أن يمد يده ويقرع.. وله الحق في أن يأمرنا لنفتح له، ولكن بدلاً من ذلك يدعونا لكي نفتح نحن، إنه يقف صابراً ويقرع بلطف ويتكلم برقة، ولا يدخل عنوة إلى حياة أي إنسان، بل يقول: "أشير عليك.." (ع 18) ومع أن من حقه أن يصدر الأمر ولكنه يرضى أن يقدّم المشورة والنصح.. هذا هو تواضعه وتنازله العجيب، وهذه هي حرية الإنسان التي أعطانا الله إياها، ولا يريد لنا غيرها بديلاً.

رابعاً: ماذا يريد أن يفعل؟
الصفحة
  • عدد الزيارات: 14283