Skip to main content

الفصل 13: الحرب النووية

عالم الفيزياء النووية الشهير ألبرت اينشتاين، كان يطرح نظريته المعقدة (نظرية النسبية) على جمهور كبير في برلين وكان يجاهد كل الجهاد لكي يفهمها لسامعيه، لكنه لم يفلح في ذلك، فما كان منه إلا أن استشهد بالكتاب المقدس وبالضبط من رسالة بطرس الرسول الثانية والتي يقول فيها: ولكن سيأتي كلص في الليل يوم الرب الذي فيه تزول السموات بضجيج وتنحل العناصر محترقة وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها (2 بطرس 3:10).

وكأن بالعالم اينشتاين، أراد أن يفهمهم عن خطورة ما قد تؤدي إليه نظريته الجديدة، فاستشهد بهذا النص الكتابي الذي كتبه أحد رسل الرب القديسين وما أدراك يا بطرس، أنت الذي لم تدخل مدرسة ما أو جامعة لتتلقن كل هذه الحقائق، التي احتاجت إلى عشرين قرنا كي يكتشفها الإنسان العصري وهي مدونة بكل بساطة منذ أجيال في كلمة الله المباركة..!

وأيضا، ما أدراك يا بطرس بالوسيلة الفتاكة التي ستكتشف في آخر الأيام والتي بواسطتها ستنحل العناصر وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها..؟

إن الموسوعة العالمية الشهيرة (ENCYCLOPAEDIA BRITANICA) توضح أن القنبلة النووية والذرية، هي الوسيلة الوحيدة التي عند انفجارها، تبث إشعاعات فتاكة وهذه الإشعاعات، عند اصطدامها بالأجسام، تحل عناصر هذه الأجسام ويخرج منها(أي القنبلة)، حرارة مرتفعة جدا بل خيالية تصل إلى ما فوق الـ(6000) درجة مئوية وتغطي هذه الحرارة دائرة قطرها يزيد على العشرة كيلومترات والمعروف أن الحديد يذوب على حرارة (1200) درجة مئوية، مما يذكرنا بالتعابير المحض علمية، التي استخدمها الرسول بطرس قبل ألفي سنة حين قال: تنحل العناصر وتحترق الأرض والمصنوعات التي فيها..

مبارك اسم الرب الذي جعل أعظم رجل علم في التاريخ، يستشهد بأقوال صياد سمك بسيط من صيادي بحيرة طبريا، لكن عزيزي القارئ، لم تكن هذه الحكمة حكمة بطرس بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بطرس1: 21).

لم يكن بطرس سوى تلك الورقة والقلم اللذين استخدمهما الوحي الإلهي كي يوصل لنا تلك الحقائق قبل أوانها، محذرة إيانا من عدم أخذها على محمل الجد.

إن الأحداث تتسارع والعالم يتجه نحو الكارثة وأية كارثة..؟ إذ أن الوسيلة التي استخدمها الرب لا هلاك العالم في الماضي، لا تقاس بالوسيلة العصرية الفتاكة التي أعدها الإنسان بيديه هذه المرة وهي: الكارثة النووية ‍

عن سيارة صغيرة، تسير(1000) كيلومتر، تستهلك من الأوكسجين ما يستهلكه إنسان واحد مدة سنة كاملة.

عن طائرة نفاثة من طراز بوينغ (747)، تفسد أكثر من (50) طن من الأوكسجين، خلال رحلة واحدة فوق المحيط الأطلسي.

إن مفاعلا نوويا كمفاعل تشيرنو بيل، بقوة (950) كيلو تون، يخرج سنويا ما يعادل الـ (150) غالون من الأقذار النووية المتفاعلة والتي تخزن في مكعبات من الباطون المسلح وللتخلص منها، تلقى هذه المكعبات في الأنهار والبحار وفي بطن الأرض ومن المفروض بحسب الدراسات التي أجريت على هذه المكعبات لن تفجرها..؟ وهكذا، تتلوث مياه الأنهار والبحار والمغروسات بالإشعاعات النووية وعندئذ يموت كل حي فيها...

يلزم لإطعام شخص واحد سنويا، أكثر من (1000) متر مربع من الأراضي الزراعية الخصبة... هذا ما يقوله تقرير صادر عن الأمم المتحدة وعليه، هناك (4) مليارات من البشر على وجه الأرض هم بحاجة إلى ثلاث وجبات من الطعام يوميا، مما يشغل بالمسؤولين جدا..!

يراد هنا من سرد هذه المشاكل التي يواجهها مجتمعنا البشري وبيئتنا، إلى لفت القارئ العزيز على مدى خطورة الوضع... فإن كانت المشاكل الصغرى فيه، كالتي جئنا على ذكرها هنا، تشكل مثل هذه الأخطار على مجتمعنا هذا فكم بالحري وهي أعظم بما لا يقاس، المشاكل الكبرى الأكثر أهمية..؟

في مدينة روما الإيطالية، ناد دولي خاص جدا يدعى(نادي المئة)... أعضاؤه مؤلفون من مئة اختصاصي في مختلف المجالات العلمية والسياسية والثقافية والاقتصادية والروحية الخ... يترأسه نخبة من رؤساء الدول الأوروبيين والأمريكيين وهدف هذا النادي إيجاد الحلول المناسبة لهذه المشاكل والتي حتى الآن، لم يروا لها حلولا إلا بالمسكنات، فما الحل يا ترى للمشاكل الكبرى..؟ كانفجار المفاعل النووي في تشيرنو بيل مثلا..؟ أو غلطة ما قد تؤدي على الكارثة النووية الشاملة..؟

هل الحرب النووية حقيقة أم خيال..؟

هل باستطاعة الحرب النووية، إن وقعت، أن تنفي البشرية..؟

إنه موضوع يراود فكر كل واحد منا، لأننا نراه متصدرا عناوين كبريات الصحف والمجلات، إنه حديث الساعة في الإذاعات والتلفزيونات وقد أصبح الموضوع الأول في الغرب الذي يلهم مخرجي ومنتجي الأفلام السينمائية وذلك لخطورته، لدرجة أن الحكومة الأمريكية نفسها من باب التحذير، أقبلت على إنتاج فيلم إعلامي ضخم جدا تحت عنوان (اليوم التالي-THE DAY AFTER). عرض هذا الفيلم على الشاشة الصغيرة في كل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا في الوقت نفسه، لتحذير الرأي العام من خطورة ما قد يحصل.

أخبرني أحد الأصدقاء العائدين من نيويورك، أنه في ليلة عرض هذا الفيلم وكان ذلك لمدة ساعتين ونصف الساعة تقريبا... عن السكون والهدوء مدينة نيويورك!!! خلت الشوارع من الناس كليا، ما خلا الكلاب والقطط، وتوقف السير نهائيا... هكذا كان الوضع في باقي الولايات!!!

كان تأثير ذلك الفيلم مأساويا على الشعب الأمريكي والأوروبي معا... ففي أمريكا، تهافت الناس في اليوم التالي إلى المتاجر المختصة لبيع الملابس الواقية من الإشعاعات النووية والتي بلغ سعر الثوب الواحد منها ما يقارب ال (25000) ليرة لبنانية وأفرغوا تلك المتاجر... وفي أوروبا، بينما المتظاهرون كانوا يطالبون حكوماتهم في ألمانيا الغربية وإيطاليا وبلجيكا وهولندا وإنكلترا، بعدم نصب الصواريخ النووية الأمريكية المتطورة من طراز (برشينغ 2) في أراضيهم... ولكن بعد مشاهدتهم للفيلم، رضخ الجميع للأمر الواقع وهدأت التظاهرات ووافقوا على نصب تلك الصواريخ..!

إننا لا نلومهم أبدا، إذ أنهم من سكان بلدان نووية ويدركون خطورة هذه الأمور أكثر منا، تصور عزيزي، أن هناك عطلا فنيا حصل داخل مفاعل نووي في إحدى الولايات الأمريكية، اضطر الحكومة إلى إجلاء ما يقارب المليون شخص، كانوا يسكنون بجوار المفاعل، وبعد الانتهاء من تصليح العطل، أبى السكان الرجوع للسكن في بيوتهم المجاورة للمفاعل، مما اضطر الرئيس الأمريكي جيمي كارتر شخصيا لزيارة المفاعل وذلك لتطمين الرأي العام، عندئذ عادوا إلى بيوتهم.

أجرت المجلة الفرنسية (vision) حديثا صحفيا مع رئيس نادي المئة في روما وذلك في أواخر سنة(1978)، قال على أثره السيد (أوريليوبيتشي): " إننا أنذرنا المسؤولين منذ أكثر من عشر سنوات، عندما كان من السهل القيام بالكثير لتفادي الكارثة وأما اليوم فمن الصعب جدا القيام بأي عمل إنقاذي وأعتقد أن أمام البشرية ما يقارب العشر سنين من الحياة المتقلبة بين اضطرابات من هنا وقلاقل من هناك وعنف من هنالك، حتى تقع الكارثة بين الجبارين..."

الأنانية= الآن... هذه الصفة التي يلد الإنسان موسوما بها، بدلا من أن يجد لها الدواء، نراها تتفاعل في قلبه كفرد، ثم كشعب، ثم كحكومات تتصارع على النفوذ والسلطة وهذه الخميرة الصغيرة التي تخمر العجين كله، تضع العالم أمام خيارين لا ثالث لهما: أما معالجة أنانيته وأما الكارثة النووية...؟ ومن الواضح جدا أنه اختار سلفا الحل الثاني...

المعالجة هي في إطاعة قول الرب يسوع الذي قال: إن أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها ومن يهلك نفسه من أجلي يجدها لأنه ماذا ينتفع الإنسان لوربح العالم كله وخسر نفسه أو ماذا يعطي الإنسان فداء عن نفسه (متى 16: 24- 26).

لكن، للأسف الشديد أننا نرى أن أكثرية المسيحيين في أيامنا هذه، لا يقيمون وزنا لهذا الكلام الصادر عن فم الرب نفسه، فما العتب على الآخرين...!

بالإضافة على أن التاريخ نفسه يخبرنا عن قساوة قلب الإنسان وتعلقه الأعمى بأنانيته التي أوصلته من محنة إلى أخرى ثم إلى ما هو عليه اليوم من خيارات صعبة، فيبقى أمامه لا محالة الخيار الأصعب ألا وهو الفناء التام..!

سنة (1979) كان عدد البلدان المنضمة إلى لجنة رقابة الطاقة النووية (6) دول منتجة للطاقة الذرية... سنة (1986) ازداد العدد إلى (17) دول تمتلك مفاعلات نووية للأغراض السلمية كما يدعونها وأسلحة نووية...

والجدير بالملاحظة هنا هو أن المفاعلات النووية للأغراض السلمية، قابلة للتحول إلى قنابل ذرية..!

سنة (1979)، في مؤتمر (سالت 2) الذي انعقد بين الجبارين (أميركا- جيمي كارتر) و(الاتحاد السوفيتي- ليونيد بريجنيف)، اتفق الرئيسان يومها على وضع حد للتسلح النووي وتوقيف إنتاج القنابل والصواريخ الحاملة لتلك الرؤوس النووية على أن تبقي كل دولة على ما تمتلكه من هذه الأسلحة الفتاكة، فكان للأميركان، وقتئذ (2060) قنبلة نووية...

وبينما عاد الوافدان كل واحد إلى بلاده فرحين من نجاح المفاوضات، تم فجأة غير المترقب؟ ففي كانون الأول من السنة نفسها، اجتاح الاتحاد السوفيتي أفغانستان، فانهار الاتفاق وبقي حبرا على ورق.

سنة (1979)، بلغ مجموع القنابل النووية بين الجبارين: (4630) قنبلة نووية. أما اليوم وبعد سبع سنوات من الفوضى والتسابق في التسلح النووي، لنر ما وصلت إليه هذه القوة:

بتاريخ ( 1984-كانون الأول)، أعطت مجلة (ساوث-south) البريطانية هذه المعلومات والمقابلة أجريت مع الدكتور نورمان ماير وهو عالم في الفيزياء النووية، شرح فيها هذا العالم وضع العملاقين بالنسبة لآخر إحصاء في التسلح النووي.

الولايات المتحدة الأمريكية

قنابل تلقى بواسطة طائرات ضخمة = (3600) قنبلة.

صواريخ عابرة للقارات= (1045) صاروخا تنقل (2100) قنبلة نووية.

صواريخ تطلق من الغواصات = (568) صاروخا تنقل (5000) قنبلة نووية.

صواريخ تكتيكية كصواريخ(برشينغ 2) = (2000) صاروخ تنقل (16000) قنبلة نووية.

الاتحاد السوفيتي

قنابل تلقى بواسطة طائرات ضخمة =(300)قنبلة نووية.

صواريخ عابرة للقارات = (1398) صاروخا تنقل (5700) قنبلة نووية.

صواريخ تطلق من الغواصات = (980) صاروخا تنقل (2800) قنبلة نووية.

صواريخ تكتيكية كصواريخ(اس اس 21)=(2000)صاروخ تنقل(12000)قنبلة نووية.

المجموع:

ما يقارب الـ (21000) قنبلة نووية تحمل كل منها أكثر من رأس نووي، مما بلغ مجموع الرؤوس في البلدين ما يزيد على الـ (47000) رأس نووي، قوة انفجارها تعادل الـ (20000) ميغاتون، بتعبير آخر(عشرين ألف مليون طن من ( ت0ن0ت) وبتعبير آخر أيضا (16000000) ستة عشر مليون مرة انفجار قنبلة هيروشيما!!!

إن أصغر قنبلة اليوم هي أقوى مرتين من قنبلة هيروشيما، وأكبر قنبلة هي حشوة صاروخ عابر للقارات حامل (10) رؤوس نووية بقوة (20) ميغاتون، له قوة توازي قوة كل المتفجرات والذخائر التي استخدمت على الأرض في كل الحروب مجتمعة منذ تأسيس العالم حتى يومنا هذا..!

كلفة إنتاج قنبلة نووية، تقدر بمئات الملايين من الدولارات وتحتاج إلى(17000) شخص لإنتاجها..!

قنبلة هيروشيما كانت بقوة (12) كيلوتون... عند انفجارها، محت من الوجود(13) كيلومتر مربعا من المباني، قتلت حوالي (73000) شخص، على شعاع كيلومترين وصلت الحرارة إلى (1700) درجة، في اليوم التالي، ابتدأت تتساقط الأقذار النووية بشكل زفت أسود مشحونة بالإشعاعات الذرية وبعد (40) سنة من الكارثة، ما يزال الناجون منها يعانون صحيا من الإشعاعات...

نعم، هذا واقع لا يزال العالم مشدوها أمامه..!

يضيف الدكتور نورمان ماير:

إن وقعت الكارثة النووية اليوم ودخل الجباران في الصراع المباشر ماذا سيحدث..؟

ستطلق القنابل ولن يكون هناك مجال إلا لإطلاق (1000)ميغا تون من القنابل ومن الجهتين، أي واحد على عشرين من مخزون القنابل عند الطرفين. في لحظة انفجار هذه القنابل سيموت مليار ومئة شخص من قوة الانفجار ومليار ومئة مليون شخص آخر نتيجة الإشعاعات النووية وعلى الأرجح، ستكون الحرب في شمال القارة الأرضية، لأنها تجمع الصراعات والسؤال هنا: هل سينجو جنوبيها..؟

يضيف العالم:

بعد يوم من الكارثة، مليار طن من الأقذار النووية ستغطي أشعة الشمس وسيحل الظلام في منتصف النهار مما يؤكد قول الرب في (متى 24: 29) وللوقت بعد ضيق تلك الأيام تظلم الشمس والقمر لا يعطي ضوءه..

وأيضا ما قاله الرسول يوحنا في(رؤيا يوحنا6: 12): ونظرت لما فتح الختم السادس وإذا زلزلة عظيمة حدثت والشمس صارت سوداء كمسح من شعر والقمر صار كالدم... (99) بالمئة من أشعة الشمس ستحجب من الشمال إلى أقصى الجنوب، حيث ستتدنى الحرارة في البلدان الاستوائية الجنوبية الحارة إلى ما دون(20) درجة تحت الصفر، فإن بقيت شعوب البلدان على قيد الحياة، ستموت حتما من البرد القارص الذي سيجتاح مناطقهم وهي المعتادة على الطقس الحار، ولنفترض أنه بقي قسم من الناس على قيد الحياة، فماذا سيأكلون..؟ ونحن نعلم أن المغروسات بأمس الحاجة إلى أشعة الشمس كي تنمو وهذه الأخيرة، لن تصل إلى الأرض إلا بعد ستة أشهر من الكارثة..!

أرقام مذهلة حقا... لكنها واقع ليست من نسج خيال كاتب، بل من إنسان قام بصناعة إحدى هذه القنابل...

إن كانت ذلك الإنسان المرهف الحس، راجع حساباتك جيدا على ضوء هذه المعلومات، فترى أنك بعيد كل البعد عن الواقع، وتيقن أن السلاح القادر على فناء العالم موجود، بل جاهز لهذه المهمة وهو تحت رحمة أناس ليسوا اعقل من أدولف هتلر، ولم نعطك هذه المعلومات عزيزي، إلا لكي ندعك أمام أحد خيارين: إما أن تهرب من الغضب الآني قبل فوات الأوان... وإما أن تنضم إلى شلة المجانين هذه التي تخسر حياة الدنيا فحسب، بل والآخرة أيضا...

ادخل فلك نجاتك يسوع، قبل أن ينهمر عليك طوفان القنابل النووية الذي سينفي هذا العالم بشكل لم يسبق له مثيل، واهرب بالإيمان ورسخ هذا الرجاء في قلبك معتمدا على كلمة الرب وعليها وحدها القائلة: لكننا بحسب وعده ننتظر سموات جديدة وأرضا جديدة يسكن فيها البر... (2 بطرس 10: 13).

تمسك عزيزي بهذا الوعد وتعال إلى يسوع لكي تخلص من الغضب الآني...

  • عدد الزيارات: 4022