Skip to main content

صفات الكاهن الوسيط

والآن نتأمل أين توجد هذه الأحجار. كانت على صدرة القضاء. وأين كانت الصدرة؟ على قلب رئيس الكهنة. كانت تلك الأحجار الكريمة محمولة بثقلها على قلب رئيس الكهنة. ونحن نعرف ما معنى هذا- معناه أن ذاك الذي يدخل إلى حضرة الله لأجل الإنسان (وهذه هي خدمة الكاهن) ينبغي أن يكون شخصاً له "على قلبه" قبل أن يدخل وعند دخوله, كل ما لله من صفات. والمسيح وحده كان له- وعلى الدوام له- هذه الصفات. كان له على قلبه كل سجايا الله اختلافها- له كل ألوان النور- إن جاز القول- وكانت له بصفة أصيلة دائمة. عزيزة على قلبه في كل جزئياتها ولا يتغافل عن شعاع واحد منها. لكن كل هذه الصفات في ذاتها لا تجعل منه أهلاً لأن يكون وسيطاً. بل لا بد أن يتوفر شيء آخر وفعلاً هناك ذلك الشيء الآخر. كان يلزم أن يخرج الكاهن الوسيط من سبط لاوي- ومعناه المقترن الابن الثالث لإسرائيل. لإنه في القيامة (وعن القيامة تتكلم هذه الثوالث بكل صراحة) نقول في القيامة وحدها يستطيع الرب يسوع أن يقرن آخرين بالله. إنه في نفسه شخصياً هو بكل يقين لاوي- أي "مقترن" بالله لأنه الابن الوحيد, والإنسان البكر. لكنه في القيامة هو كاهن لاوي ليقرن آخرين كالوسيط, هو هكذا من صميم قلبه ومن صميم عمله. لأن أسماء شعب الله منقوشة على هذه الأحجار الكريمة نقش الخاتم (تقول العروس في سفر النشيد: اجعلني كخاتم على قلبك) ويمثل شعب الله هنا أسماء الأسباط الاثنى عشر- وهؤلاء بالنسبة لنا يمثلون رمزياً كل أولاد الله- والأسماء الاثنى عشر منقوشة حفراً على الأحجار حتى أنك إذا أردت أن تمحوها فعليك بتكسير الأحجار فتاتاً. فعلى الأحجار كتبت الأسماء لتبقى, لا تتغير ولا تمحى, كثبات الأحجار نفسها. وفي نور الأحجار الكريمة يمكنك أن تقرأ الأسماء. فهي متوحدة مع بريق الأنوار والكمالات التي لله نفسه- وتعطينا رمزاً لذاك الذي على قلبه يستقر شعبه بلا تغيير وبلا تبديل في اقتران واتحاد تام بلمعان مجد الله. فهو كالقائم من الجهة الواحدة لأجل الله ومن الجهة الأخرى لأجل الإنسان لا يبدو كما لو كان الأمران شيئين منفصلين فيه أو متعارضين- كلا أنهما شيئان يريان معاً لأن الأسماء مكتوبة على أحجار الأوريم والتميم, التي ترمز إلى الكمالات الإلهية.

أيها الأحباء هذا هو ما عليه الرب يسوع. هكذا هو الآن في حضرة الله. هو الشخص المبارك الذي لا يفوته مطلقاً ما لله , ولا يهمل مطلقاً حاجة من أعواز شعبه, ولا يتغافل مطلقاً عن البر الذي يتحتم أن يكون عندما يبارك- نعم لأنه لأجل البركة ينبغي أن يتوفر البر. وشكراً لله فأنه لأجل البر (المرتكز على قيمة وسمو عمله) ينبغي أن تفيض البركة. فلا تناقض إذن بل العكس. وبركة الشعب هي عين الطريق لاستعلان مجد الله. إن الله يحملهم إلى هذه الغاية ذاتها, ليس فقط لكي يباركهم بل ليظهر مجده فيهم. إن الغاية عنده هي "ليظهر في الدهور الآتية غني نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع" (أف2: 7).

  • عدد الزيارات: 4560